"عقاب جماعي" يُغرق النقب بالعتمة

لا تزال معاناة الآلاف من السكان العرب في عدد من المناطق في النقب مستمرة لليوم الثامن على التوالي، جراء انقطاع الكهرباء عن أحياء كاملة في بلدات منها: رهط، وشقيب السلام، وتل السبع، وعرعرة، والكسيفة وحورة وقرى أخرى

طفلا المربية آيات حسّان

لا تزال معاناة الآلاف من السكان العرب في عدد من المناطق في النقب مستمرة لليوم الثامن على التوالي، جراء انقطاع الكهرباء عن أحياء كاملة في بلدات منها: رهط، وشقيب السلام، وتل السبع، وعرعرة، والكسيفة وحورة وقرى أخرى، وذلك منذ أحداث النقب الأخيرة في الـثالث عشر من يناير/كانون الثاني.

آيات حسّان: أزمة حقيقية لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات

وتصف المستشارة التربوية، آيات إبراهيم حسان، من تل السبع، لـ"عرب ٤٨" معاناة أهالي النقب بسبب انقطاع الكهرباء بالقول "منذ أسبوع ونحن نعاني من مشكلة تماس كهربائي مستمر في الحارة 36 في تل السبع، نتيجة الظروف الجوية السيئة. ورغم ذلك، تعمد شركة الكهرباء إلى التسويف والمماطلة في حل مشكلة الكهرباء، ولم ترسل الشركة تقنيين لإصلاح انقطاع التيار الكهربائي، إلا لمرة واحدة. وبدل حل مشكلة انقطاع الكهرباء جراء التماس الكهربائي، قاموا بقطع الكهرباء بشكل تام. فالشركة دائمًا ما تقدّم وعودًا ومواعيد كاذبة لمن يتصل بها طالبًا إصلاح المشكلة. ويأتي انقطاع الكهرباء في ظل ظروف جوية سيئة للغاية، حتى أننا لا نستطيع تشريع النوافذ والأبواب لإدخال الضوء بسبب برودة الطقس. وبالنسبة لطلاب وتلاميذ المدارس، فهم بالأساس يعتمدون على الأجهزة الرقمية في تلقيهم الدروس والتي تحتاج للطاقة الكهربائية، ما أعاق دراستهم ومتابعة تحصيلهم العلمي كما يجب، وهذا ما حصل مع ابنتي ومنعها من القيام بواجباتها المدرسية" وهذا الأمر، وفق حسّان "أثّر على نفسية الأطفال".

وأضافت "كنت دائمًا ما أختلق الأعذار لشركة الكهرباء، وأقول إنه لربما بسبب الضغط على التيار الكهربائي واجهتنا هذه المشكلة، إلا أننا وبعد تمحيص وبعد رؤيتي للكم الهائل من الأكاذيب خلصت للقول إنّ ما يحدث هو انتقام من أهالي النقب، بعدما صارت شركة الكهرباء تتذرع بأنها تتخوف من إرسال عمالها إلى القرى العربية خشية اندلاع أعمال العنف، فاهتمام شركة الكهرباء ينصرف فقط على البلدات اليهودية، وتفضّلها على القرى العربية من ناحية مدّها بالتيار الكهربائي وحتى إصلاح الأعطال، فالعنصرية جلية بشكل لا يدعُ مجالًا للشك".

ودعت حسّان إلى تقديم "دعوى ضد شركة الكهرباء بدفع تعويضات عن الضرر المادي والمعنوي جراء تقصيرهم بإصلاح الخلل وإعادة التيار الكهربائي للمشتركين العرب، ذلك أنّ خدمة الكهرباء ليست مجانية، فنحن نقوم بتسديد مقابل الخدمة، وبالتالي ليس من حق شركة الكهرباء التعامل معنا بهذا الشكل أو تجاهل مطالبنا بالإصلاح".

أبو عرار: عقاب جماعي لأهالي المنطقة

وقال رئيس المجلس المحلي في قرية عرعرة النقب، نايف أبو عرار، إنّه تواصل مع "وزراء ومع أعضاء الكنيست للتدخل جراء المماطلات التي يتلاقها المجلس المحلي من شركة الكهرباء، وعدم قيامها بواجبها في إيجاد حل جذري لمشكلة انقطاع الكهرباء". وأكّد نيته رفع دعوى قضائية ضد شركة الكهرباء التي تعامل المواطنين العرب في النقب على أساس عنصري. وذكر "منذ يوم الأحد الماضي، تأثّرنا بموجة الصقيع التي ضربت البلاد لأول مرة منذ فترة طويلة، وزاد الطين بلة انقطاع التيار الكهربائي عن أربع حارات في بلدتنا، يقطنها ما بين ثمانية وعشرة آلاف مواطن، وعندما يتم إصلاح العطل بشكل غير متقن يأتي التيار الكهربائي لنصف ساعة ويعود للانقطاع من جديد. لم نترك مسؤولًا إلّا ولجأنا إليه لكن ذهبت جهودنا سدى، لأن شركة الكهرباء تتذرع بذرائع شتى، وتطلب من المراجعين التوجه إلى رئيس البلدية الذي لا علاقة له بالمشكلة أساسًا وليس صاحب قرار في هذا الشأن، وعندما واجهتُ الشركة بهذا الكلام، اختلقتْ مبرّرًا آخر بأنهم لا يملكون تصريحًا من جهاز الشرطة بالدخول إلى البلدات، وعندما واجه ضابط في الشرطة الشركةَ بكذب ادعاءاتهم، بدأوا يتهربون من الاتصالات، ورغم تدخلنا لدى عدة مسؤولين ووزراء إلا أن الشركة لا تقدم على حل المشكلة في عقاب جماعي لأهالي المنطقة، كما ادعت الشركة أن هناك سرقات للكهرباء هي ما أدت لوجود مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، رغم أن السرقات ليست وليدة اليوم وإنما قديمة ولم يحدث انقطاع في ما مضى للتيار الكهربائي. لاحظت في النهاية أن ما يجري هو عقاب جماعي متعمّد، فالكهرباء مقطوعة فقط لدى البلدات العربية، وهذا يدل على عنصرية دولة الاحتلال ضد المكوّن العربي، وخصوصًا بعد المظاهرات الأخيرة ضد سياسة إسرائيل تجاه النقب وأهله، ثم أن خدمات الكهرباء ليست مجانية لكي يتلاعبوا فينا ويقوموا بقطع الكهرباء متى شاءوا وأرادوا".

مجرّد الاقتراب خطير
مجرّد الاقتراب خطير

أمجاد عيسى: اتصالات دائمة مع شركة الكهرباء دون الاستجابة

من جهتها، لم تتوان أمجاد عيسى من رهط عن التواصل المتكرر من خلال جميع قنوات الاتصال مع شركة الكهرباء للإبلاغ عن مشكلة انقطاع الكهرباء للشركة إلا أن جميع مساعيها قوبلت بالمماطلة وعدم الاستجابة لها، وذكرت "أنا من رهط، وكانت هناك مشكلة في ما مضى، حيث أن أعطال الكهرباء كانت مستمرة وكان كثيرًا ما يحدث ماسّ كهربائي يتسبب بانقطاع التيار. والكهرباء، بطبيعة الحال، كانت لا تأتينا إلا كلّ 12 ساعة حيث ينقطع التيار عنا في وقت مجيئه لدى أحياء أخرى، والعكس صحيح. لكن منذ يوم الخميس الماضي لم تأتِنا أبدًا. وبالتالي، انعدمت لدينا التدفئة ولم نستطع الحصول على الماء، والوضع كان مزريًا للغاية في مثل هذا الطقس البارد للغاية. وتواصلت مع شركة الكهرباء، ولم تعطنا جوابًا صريحًا عن موعد عودة التيار الكهربائي، وتتذرّع بالمظاهرات لعدم إمكانيتهم القدوم لإصلاح الأعطال، كما أنها تلقي باللوم على أصحاب البيوت غير المرخّصة، وأرى أن هذا التجاهل متعمد وقطع التيار هو انتقام لما قمنا به من مظاهرات ضد سياسة الاحتلال، وهذا الأمر يعمم أيضًا على كافة البلدات العربية من منطلق عنصري بحت، بينما لا ينقطع التيار عن البلدات اليهودية".

سالم الأعسم: شركة الكهرباء حججها واهية لإبقاء التيار الكهرباء مقطوعًا

يحذّر سالم الأعسم من تل السبع من وقوع كارثة في حارة 36 في المدينة، جرّاء انقطاع أسلاك من الأعمدة الكهربائية ما قد يؤدي إلى تماس كهربائي، خاصّة في هذا الجو العاصف. وقال "أنا من تل السبع، منذ أسبوع تم قطع التيار الكهربائي عن عدة أحياء فيها، وعندما انقطعت الكهرباء عن الحارة 36، اتصل الأهالي بشركة الكهرباء، فوضعت الشركة حلولًا مؤقّتة لمشكلة الماس الكهربائي، لا تفي بالغرض، في تعمّدٍ منهم لعودة المشكلة، كوضع عوازل خشبية غير ثابتة بين الأسلاك الكهربائية. وتكرّر الأمر لأكثر من مرة".

د. مازن صيام: لا حلول عملية وإنما معالجات آنية قاصرة

وفي السياق، تحدّث عضو بلدية رهط، د. مازن صيام، قائلًا "لليوم السادس على التوالي، تعاني المنطقة من انقطاع كامل في أحياء كاملة، وانقطاع جزئي في أحياء أخرى. وهذا الأمر يتكرّر في كل فصل شتاء، وبخاصّة أثناء موجات الصقيع حيث يزيد الاستهلاك والضغط على التيار الكهربائي، لكن لا يقتصر الموضوع على خطأ المواطنين في استجرار كميات زائدة من الكهرباء، وإنما هناك بنية تحتية متهالكة بحاجة إلى إعادة تأهيل، بالإضافة لأسباب سياسية. فبلدة رهط تأسست قبل 40 عامًا لتستوعب 25 ألف نسمة، لكنّها اليوم تعاني من ضغط سكاني مهول مع ارتفاع عدد القاطنين فيها إلى حوالي الثمانين ألفًا، بالإضافة لازدياد المحال التجارية والصناعية فيها، ما يزيد من استهلاك الطاقة الكهربائية. ولم يتم رغم ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية والفوقية في المنطقة منذ العام 1974 من قبل شركة الكهرباء. المشكلة تكمن بشكل أكبر مع كبار السن الذين يحتاجون إلى الأوكسجين ووسائل الرعاية الصحية الأخرى، ونحن نعاني من وجود مولدات كهربائية أو ألواح طاقة شمسية بعكس القرى اليهودية المزودة بحلول بديلة للطاقة. فنحن نعتمد بالكلية على الكهرباء الحكومية. شركة الكهرباء لا توجد حلول عملية وإنما تقتصر حلولها على معالجات آنية قاصرة، تجعل المشكلة تتفاقم مع مرور الوقت".

إغلاق مصانع ومصالح تجارية في رهط بسبب انقطاع الكهرباء المتواصل

وتابع "إصلاح الأعطال الكهربائية البسيطة لا يحتاج إلى حماية كبيرة من قبل الشرطة ولا حاجة لها أصلا. حتى عندما ترسل الشركة عمّالها لإصلاح الخلل، فهم يصلحونه إصلاحا غير جذري، فسرعان ما يعود الخلل ليعود بعد ساعة أو ساعتين. نسبة عالية اليوم من أهالي رهط تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، وقد تواصلنا مع أعضاء كنيست وحتى مع شركة الكهرباء ومع مركز الشرطة للتدخل في حل هذه المشكلة، إلا أن هناك مشكلة في جميع شبكات الكهرباء في البلدة وتحتاج إلى عمل دؤوب وجهد كبير واهتمام أكبر من شركة الكهرباء وليس لإرسال رافعة وعاملين، إذ أن هذا لا يكفي لتغطية مواطن الخلل وإصلاحه".

الأسلاك الكهربائية المقطعة من فوق الجدران
الأسلاك الكهربائية المقطعة من فوق الجدران

واختتم "أطالب بتحمّل شركة الكهرباء مسؤولياتها الكاملة تجاه المشكلة، فالمحال التجارية والمعامل لا تتوقف عن دفع الضرائب وعليها التزامات لن تتوقف بانقطاع الكهرباء، ما يضع أصحاب الأعمال التجارية والمصانع والمكاتب في مأزق مادي صعب حيث يتوقف عملهم على وجود التيار الكهربائي".

شركة الكهرباء: لا نرفض الدخول إلى أي بلد عربي

وعقّبت الناطقة باسم شركة الكهرباء، إيريس بن شاحل، لـ"عرب ٤٨" بالقول، إنّ الشركة "لا ترفض الدخول إلى أية بلد عربي. طالما هنالك تخوف من العنف فإن الشركة تدخل بمرافقة الشرطة والأمن، إذ أنه حتى يوم الأحد لم يكن الأمر متاحا بسبب التشجير، إذ تطلّب الأمر تصريحًا من الشرطة، ولم نتلق أي رفض، إذ تم تصليح كافة مشاكل الكهرباء في الوقت. البلدات البدوية تعاني من مشاكل في تزويد الكهرباء بسبب الضغط المضاعف في استهلاك الكهرباء بسبب التوصيلات غير المعترف بها للكهرباء، إذ إنّ عمّال شركة الكهرباء يواجهون هذه الإشكالية بشكل يومي. كما أنّه بسبب استهلاك الكهرباء بشكل أكبر جرّاء حالة الطقس، تنار شبكة الكهرباء عدّة مرات متتالية ما يتسبب بأضرار كبيرة للبنى التحتية. عمال شركة الكهرباء يتواجدون دائما في البلدات ومدن النقب، وأحيانا يضطرون للعودة إلى نفس المكان لحل المشكلة كلما عادت لنفسها. بهذا، فالزبائن المتصلون بالكهرباء بشكل قانوني يعانون من انقطاع الكهرباء لهذه الأسباب الآنفة ما يعيق على شركة الكهرباء تزويد الخدمة الأنجع".

التعليقات