اللد: هدم المنازل العربية تحت مسمى "التطوير الحضري"

يواجه عدد من المواطنين العرب في مدينة اللد عمليات هدم للمنازل تحت مسمى "التطوير الحضري"، تنفذها السلطات الإسرائيلية منذ أعوام عدة، كان آخرها هدم بيت عائلة طارق محارب، يوم الأحد الماضي، والذي كان يأوي منذ عقدين 11 نفرا.

اللد: هدم المنازل العربية تحت مسمى

الشرطة توفر الحماية أثناء الهدم باللد (عرب 48)

يواجه عدد من المواطنين العرب في مدينة اللد عمليات هدم للمنازل تحت مسمى "التطوير الحضري"، تنفذها السلطات الإسرائيلية منذ أعوام عدة، كان آخرها هدم بيت عائلة طارق محارب، يوم الأحد الماضي، والذي كان يأوي منذ عقدين 11 نفرا.

وتستغل السلطات، بعنصرية واضحة، مشاريع التطوير الحضري لصالح اليهود على حساب العرب، والتي المفترض أن ينعم بها كافة المواطنين في اللد.

وتواصل السلطات هدم المنازل في البلدات العربية، وبرز تصعيد الهدم في اللد ومنطقة النقب، وشهدت الأيام الأخيرة هدم مساكن في النقب ومنزلا في اللد وعمارة بالناصرة.

وتلقى 17 مواطنا من اللد، في الآونة الأخيرة، أوامر هدم بادعاء البناء دون ترخيص، ويهدد خطر الهدم أكثر من 75 بيتا في اللد، وتتفاقم أزمة السكن في الأحياء العربية دون أن توفر لها البلدية الحلول والتخطيطات اللازمة.

وأفاد عدد من الأهالي في اللد أنه جرى، خلال الأعوام الأخيرة، هدم العديد من المنازل في مختلف الأحياء العربية، إذ أن الهجمة ازدادت بعد أحداث هبة الكرامة الشعبية، في أيار/ مايو 2021.

سياسات ومخططات

وقال الناشط السياسي والمحامي، خالد زبارقة، لـ"عرب 48" إن "السلطات الإسرائيلية بكل أذرعها وبلدية اللد شنوا حربا على الوجود العربي في مدينة اللد، وبدأنا نلمس هذا خلال السنوات الأخيرة، إذ أن سياسات البلدية تحولت من سياسات لخدمة المجتمع العربي كمواطنين يستحقون الخدمة البلدية لسياسات تضييق وخنق للوجود العربي".

خالد زبارقة

وأضاف أن "البلدية تظن أن السياسات المتبعة ضد المواطنين العرب تجبرهم على ترك اللد، إذ أن هذه الهجمة ازدادت خلال السنوات الأخيرة وخاصّة بعد اعتلاء رئيس البلدية المتطرف، يائير رفيفو، سدة الحكم في المدينة وحتى هذه الأيام، وبالطبع بعد هبة الكرامة التي كانت خلال رمضان الماضي".

وأشار زبارقة إلى أن "المتتبع لتصريحات شخصيات سياسية وأكاديمية وإعلامية إسرائيلية يلمس أن هناك مخططا كبيرا ضد المواطنين العرب في البلاد، وبينهم أهالي اللد، إذ أن السلطات تتعامل مع العرب في اللد تماما كما تتعامل مع العرب في القدس والنقب، ونحن في اللد نتعرض لهجمة شرسة من قبل الحكومة الإسرائيلية، في الأعوام الأخيرة".

وأوضح أن "الحكومة والمخططات الإسرائيلية لن تنجح في طرد المواطنين العرب من اللد، إذ أن العرب اليوم في المدينة أكثر وعيًا للمخططات التي تقوم بها البلدية وما تسمى 'النواة التوراتية' والمؤسسات الحكومية، إذ أصبحت هوية الصراع أكثر وضوحًا، خاصة بعد هبة الكرامة. وقرار العرب الوحيد الصمود في بيوتهم وتحدي السياسات العنصرية التي تقوم بها البلدية، والعمل على إفشال هذه السياسات، لأنه ثبت أنه بإمكاننا إفشال هذه السياسات كما حدث سابقًا".

بعض من محتويات البيت المهدوم

وعن الخطوات المطلوب اتخاذها، قال زبارقة إن "الخطوات المطلوبة حاليًا هي العمل بكل جد وجهد كقيادات محلية وبالتعاون مع القيادات القطرية، وبكل الطرق من أجل إفشال السياسات الحكومية والبلدية على استهداف الوجود العربي، وذلك على مستوى مدينة اللد والمناطق الأخرى، إذ أن ما يميز الوجود العربي في اللد أنه كبير جدًا، إذ أن نسبة العرب تتراوح ما بين 35% - 40% من مجموع السكان، وهذا التزايد في المدينة قوة للعرب، وأصبحت هذه القوة ذات تأثير. والهجمة التي يقوم بها رئيس البلدية والسلطات من خلال هدم البيوت لن تجد نفعًا، وبإمكان البلدية من خلال الأموال التي تنفقها على الهدم أن تنظم الأحياء العربية، وعلى سبيل المثال حي شنير الذي حصل فيه الهدم، فمنذ أكثر من ثلاثة عقود تقول البلدية إنها تنظم البناء فيه، وهذا الحي يقطنه أكثر من 7 آلاف نسمة، إذ أن بيت عائلة محارب أقيم على أرض بملكية خاصة، ولا يعيق أي تخطيط، وحقيقة الأمر أن البلدية لا تسعى بشكل جدي لحل أزمة السكان العرب بقدر ما تسعى لاستهداف وجودهم في المدينة".

وعن الفوارق بين الأحياء العربية واليهودية، قال زبارقة إن "الفوارق هي بسبب السياسات العنصرية التي انتهجتها بلدية اللد على مدار السنوات الماضية، وخاصة في عهد الرئيس الحالي المتطرف رفيفو، وهي التي أدت لإحداث الفروقات الحالية، والسياسة العامة في البلدية تريد أن تقول لنا إنه غير مرحب بنا في اللد، لذلك هي تسعى لمحاولة تضليل الرأي العام العربي في المدينة، لكننا اليوم أكثر وعيًا لهذه السياسات خاصة بعد أحداث هبة الكرامة، وما ننتظره نحن كعرب في اللد هو التفاعل القطري معنا، وخاصة من قبل لجنة المتابعة، إذ اننا نواجه مخططا حكوميا لاستهداف وجودنا، ونحن بحاجة لأن تتوحد القيادة القطرية مع المحلية والمواطنين العرب هنا، من أجل حمايتنا من هذه السياسات العنصرية وإفشالها، حتى نتمكن من منع الجريمة التي تحصل في المدينة بحق المواطنين العرب".

أحياء مسلوبة الاعتراف

وقال عضو اللجنة الشعبية والناشط السياسي، غسان منيّر، لـ"عرب 48" إن "هدم بيت عائلة محارب كان من المفترض ألا يحصل، لأن هذا البيت شُيد قبل ما يقارب 20 عامًا، إذ أن النيران كانت قد التهمته قبل فترة، والعائلة قامت بصيانة البيت وإضافة ملجأ، الأمر الذي اعتبرته السلطات بناء جديدا. ونحن نتحدث عن حي كامل لا يوجد له خارطة هيكلية، واعتبرت السلطات كل البيوت التي بنيت بعد 2018 جديدة، وسيتم هدمها. نأسف لما حصل مع طارق محارب ونقف إلى جانبه، ولكن القضية ليست شخص، إذ يوجد 17 منزلا تلقى أصحابها أوامر هدم، حديثا، وبالإضافة لذلك هناك أيضًا 75 بيتا مهددا بالهدم".

غسان منيّر

وأضاف منيّر أنه "من الضروري معرفة أن كل أحياء اللد العربية مصنفة بأنها 'أحياء غير قانونية'، إذ أنه هناك الآلاف من المواطنين تحت تهديد الهدم بصورة دائمة، ولا يعقل أنه في اللد الموجودة وسط البلاد أحياء غير معترف بها. توجد بيوت عربية في اللد دون كهرباء، وتتزود بالكهرباء عن طريق موّلد الكهرباء، وذلك بسبب عدم امتلاكهم ما يسمى 'نموذج 4' للحصول على خدمة الكهرباء".

وتطرق إلى معاناة الأهالي في فصل الشتاء، وقال إن "الأحياء العربية في اللد تتحول إلى مدينة عائمة، في فصل الشتاء، بسبب عدم وجود شبكات لتصريف المياه، وأيضًا لا توجد أرصفة وكهرباء في الأحياء العربية، وهذا لا يعقل".

وعن تأثير أحداث الهبة الشعبية، أوضح منيّر أنه "بعد الهبة الأخيرة ازدادت حدة الانتقام من المواطنين العرب في المدن المختلطة، وخاصة في اللد. والمواطنون العرب في المدن المختلطة يعانون من مستوى اجتماعي واقتصادي متدن جدًا، والسلطات تعمل على إفقار هذه الفئات بشكل أكبر، من خلال هدم البيوت وتشريد العائلات، بالإضافة إلى عدم وجود مراكز تجارية ومناطق صناعية، وهذه الحالة فعلاً مزرية ولا تطاق".

الشرطة تغلق حي شنير باللد قبيل هدم المنزل

وحول العلاقة بين البلدية واللجنة الشعبية، قال إن "البلدية لا تتعامل مع اللجان الشعبية، إذ أننا نتعامل مع أبناء شعبنا والحالة الموجودة، ويوجد أعضاء مجلس بلدي وهم أيضًا جزء من اللجنة الشعبية، ويطالبون بحقوق السكان العرب. ويوجد نوع من التعب النفسي لدى المواطنين، وخاصّةً بعد الأحداث الأخيرة التي كانت في أيار/ مايو 2021، وذلك بسبب الاعتقالات الكبيرة والمبالغ الطائلة التي دفعتها العائلات من أجل أبنائها، بالإضافة لموجة التحريض ضد الأهالي. السلطات تنظر للمواطنين العرب في مدينة اللد كأعداء، وتعتقد أن الأهالي خضعوا لها، والهدم الأخير مرّ بهدوء، لكنني أعتقد أن هدم بيوت أخرى لن يمر بهدوء".

ووجه عضو اللجنة الشعبية كلمة للعرب في اللد، وقال إن "الامتحان الأكبر في هذه الأيام، إذ أنه خلال الفترة القادمة لن تمنح البلدية الأهالي تراخيص للبناء والكهرباء والتخطيط، على الرغم من أن الخرائط جاهزة، لكنهم لا يريدون تسليمها، وذلك لتحقيق هدفهم ولأن نكون تحت رحمة البلدية والسلطات. هناك حاجة كبيرة لعقد اجتماع شعبي كبير، ودراسة كل الهجمة على هدم البيوت، لأن رئيس البلدية عنصري، والشرطة تقف إلى جانبه، ويتم النظر إلينا كأعداء وليس كمواطنين".

منزل طارق محارب حولته السلطات لركام بعد هدمه

وختم منيّر بالقول إن "عدد المواطنين العرب في مدينة اللد نحو 30 ألف نسمة، وكل عام يوجد 132 زوجا جديدا دون منازل، وفي المقابل تم بناء 27 ألف منزل لليهود، ولا يوجد من هذه المنازل ما هو مخصص للعرب، والأهم من ذلك أن نبقى صامدين ونتصدى لعمليات الهدم بشكل جماعي".

التعليقات