استشهاد سند: "أربعة شبان قُتلوا في رهط لوحدها برصاص الدولة"

ووري جثمان الشهيد سند سالم الهربد (29 عاما)، اليوم الأربعاء، الثرى، إلا أن جراحَ أحبائه والمقرّبين منه، وبخاصّة عائلته، ستبقى حاضرة لسنوات طويلة، في ظلّ الخشية من أن تنتهي القضية، دون محاسبة المتورّطين في جريمة إعدامه

استشهاد سند:

الشهيد سند سالم الهربد وأطفاله

ووري جثمان الشهيد سند سالم الهربد (29 عاما)، اليوم الأربعاء، الثرى، إلا أن جراحَ أحبائه والمقرّبين منه، وبخاصّة عائلته، ستبقى حاضرة لسنوات طويلة، في ظلّ الخشية من أن تنتهي القضية، دون محاسبة المتورّطين في جريمة إعدامه التي ارتُكِبت حينما كان متوجّها للعمل، والتي نفّذتها وحدة "المستعربين" التابعة للشرطة الإسرائيلية فجر أمس الثلاثاء.

وأعادت جريمة إعدام الشاب الهربد إلى الأذهان، جرائم مماثلة ارتكبها عناصر شرطة إسرائيليون بحقّ مواطنين عرب، بينهم ضحايا من رهط كذلك، لذا، توالت بُعيْد جنازة الشهيد، المُطالبات بإنشاء لجنة تحقيق مستقلّة، للتحقيق في إعدام الشهيد.

وللشهيد الهربد، خمسة أطفال، لا يتجاوز أكبرهم عشرة أعوام. وخلال مراسم تشييع الشهيد، حمل المشاركون والأقارب نجل سند البِكر الذي بكى بحرقة على والده، وسط هتافات المشيّعين والمشاركين في الجنازة، في وقت اتّشحت المدينة التي شهدت إضرابا شاملا، بالسواد. وأسهمت المشاركة المهيبة في جنازة الشهيد بـ"مدِّ عائلة الشهيد بالقوة، وأثبتت أننا شعب واحد متكاتف".

نجل الشهيد باكيا خلال جنازة والده ("عرب 48")

"لم نتلقَّ أي تقرير حول تشريح الجثمان"

وخلال حديث لـ"عرب 48"، طالب علي دبسان، قريب الشهيد، وهو موظّف يعمل في مجال المراقبة في المجالس المحلية، "المؤسسة الإسرائيلية بإقامة لجنة تحقيق مستقلة، تبحث حيثيات قتْل ابننا، إذ أنه تم تسريح جثمان سند، اليوم، من مركز التشريح، وحتى اللحظة لم نتلقَّ أي تقرير حول تشريح الجثمان، بالرغم من أننا لا نثق بهذه التقارير بشكل كبير، لأنه يتم التلاعب بها".

وحول إمكانية تقديم شكوى ضد الشرطة، قال دبسان إنّ "عائلة الشهيد عينت محام خاصّ لمتابعة ملف شهيدنا، وسنتوجه إلى كل المؤسسات والأشخاص حتى نظهِر الحقيقة، لأننا نعرف أن ابننا كان بطريقه إلى العمل، وقُتل برصاص الوحدة الخاصة الإسرائيلية بدمٍ بارد".

عن ادعاء الشرطة

وبشأن ادعاء الشرطة بحمل الشهيد السلاح، قال دبسان إن "الشرطة في بداية الحدَث أصدرت بيانًا تقول فيه إن سند ’أطلق أربع رصاصات تجاه الشرطة’، إذ صدر البيان الساعة السابعة صباحًا بعد مقتل ابننا، وفي تمام الساعة 12 ظهرًا، صدر بيان آخر للشرطة تقول فيه إن سند ’لم يطلق النار’، كفاكم كذبًا واستهتارًا بأرواح المواطنين".

وأضاف دبسان أن "الشرطة دخلت إلى مدينة رهط بوحدة المستعربين وهدفها القتل، وليس إلقاء القبض على مطلوبين، إذ أن هذه الوحدة قتلت سند برصاصة في رأسه مباشرة وهدفها القتل".

وأفاد تحقيق قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة (ماحاش)، بأنّ الهربد استشهد بعد إصابته برصاصتين أطلقها عليه عنصر وحدة "المستعربين" من الخلف، استقرت إحداهما في ظهره. وتؤكد التحقيقات أن الهربد لم يكن مقابلا لـ"المستعرب" القاتل، وإنما أعطى ظهره للشرطي قبل أن يطلق الأخير النار، وذلك خلافا لمزاعم القاتل الذي كان قد ادعى أنه أطلق النار على الهربد بعد أن شعر بخطر مباشر يتهدد حياته، وزعم أن الهربد صوبّ مسدسًا من مسافة ستة أمتار نحوه.

الترقيّة كمحفّز لعناصر الشرطة؛ "رصاص الدولة ومؤسساتها"

وحول ارتفاع جرائم قتل المواطنين العرب من قِبل الشرطة، شدّد دبسان على أنّ "أربعة شبان قُتلوا في رهط لوحدها برصاص الدولة ومؤسساتها، ولم تعاقِب المؤسسة أي شرطي قتل مواطنا عربيا، وعلى العكس، يتمّ ترقيتهم، وبعد ترقيتهم يكون هذا محفزا كبيرا للشرطة وعناصرها من أجل قتل المواطنين العرب".

وتابع: "عندما يكون الشخص الذي يقف أمام الشرطي عربيًّا، يكون إصبع الشرطي خفيفا على الزناد، ويقتُل المواطن دون أن يلتفت (دون اكتراث)، لأنه يعلم أنه ستتمّ ترقيته".

وأضاف: "لدينا مقطع مصوّر من كاميرات المراقبة في البقالة تثبت أن الشهيد كان في تمام الساعة 5:11 فجرًا في البقالة يشتري الطعام والشراب، متوجهًا إلى العمل".

العرب "بين الشرطة التي تقتل المواطن والجرائم التي تفتك بالمجتمع"

بدوره، قال رئيس بلدية رهط، فايز أبو صهيبان لـ"عرب 48": "هذا يوم حزين على مدينة رهط خاصةً وعلى المجتمع العربي عامةً، فهذه جريمة أخرى من جرائم الشرطة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب في البلاد، ومن المهم أن نفكر مليًّا بكل هذه الجرائم، إذ أننا نستنجد بالشرطة من أجل فضّ النزاعات الداخلية التي تقتلنا".

مشاركون في التشييع ("عرب 48")

وأضاف أبو صهيبان: "بِتنا بين الشرطة التي تقتل المواطن، والجرائم التي تفتك بالمجتمع العربي، ونطالب الشرطة بمراجعة حساباتها تجاه المواطن العربي".

وقال أبو صهيبان، مشددا: "نحن ضد إدخال وحدة ’المستعربين’ إلى بلداتنا وقرانا، وتصريح وزير الأمن الداخلي (عومير بار - ليف) وإعطاء مصداقية لما حصل أمر خطير جدًا، وبخاصة دون تعيين لجنة تحقيق في الحادثة، ونرى أن قضية (الشهيد) يعقوب أبو القيعان ترفرف بالأفق، إذ أن الشرطة اعترفت أنها قتلت يعقوب بالخطأ، وربما ستعتذر الشرطة مستقبلًا عن الحادث الأليم الذي أودى بحياة سند".

واستشهد المربي يعقوب أبو القيعان (47 عاما) برصاص الشرطة الإسرائيلية، يوم 18 كانون الثاني/ يناير 2017، بعدما اقتحمت قوات كبيرة من الشرطة قرية أم الحيران بهدف هدم بيوت فيها وزعمت الشرطة بعد استشهاده أنه "مخرب".

وتعود حيثيات الأحداث إلى اقتحام قوات مدججة من الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة التابعة لها، أم الحيران، حيث أعدمت برصاصها المربي أبو القيعان، بدم بارد، وهدمت 12 منزلا و8 منشآت زراعية في 18.01.2017. وتُرك جثمان الشهيد داخل سيارته المحاصرة بقوات من الشرطة والوحدات الخاصة، منعت أهله من الاقتراب من المكان.

("عرب 48")

وقال أبو صهيبان: "أنا ضدّ أن تحقق الشرطة في جرائمها. يجب أن تكون جهة حيادية التي تحقق في جرائم الشرطة".

وحول الاحتجاج على الجريمة، ذكر أبو صهيبان أن "الجنازة خرجت على شكل مظاهرة احتجاجية وشارك بها حشد واسع من الأهالي، وغدًا ستخصَّص الساعة الأولى في المدارس للحديث عن جرائم الشرطة، وتلك التي تحصل داخل مجتمعنا".

نزَف ساعة دون تقديم علاج

من جانبه، قال عضو بلدية رهط، سليمان العتايقة: "بدايةً نعزي أنفسنا وشعبنا على استشهاد الشاب سند، على يد القوات الإسرائيلية الخاصة، التي اغتالته"، مشددا على أنها "أبقته ينزف لساعة دون تقديم العلاج".

وأضاف العتايقة أنّ "الشاب سند أبو الهربد، معروف بسمعته الطيبة، ولم تكن له أي سابقة جنائية أبدًا، إذ أنه خرج إلى العمل وكان بطريقه إلى العمل في مركز البلاد، والتقى داخل رهط بسيارة ’المستعربين’، الذين كانوا بمركبة قديمة ويرتدون الملابس المدنية"، ليتمّ إعدامه بعدها.

التعليقات