حيفا: أحكام قاسية على معتقلي الهبة الشعبية

دعت والدة الأسير آدم اسكافي، حنين ترك، في حديثها لـ"عرب 48" الجماهير العربية لـ"تنظيم حملات ومبادرات إعلامية وحقوقية وشعبية نصرة لأسرى الهبة الشعبية في كافة البلدات العربية".

حيفا: أحكام قاسية على معتقلي الهبة الشعبية

اعتقالات في حيفا خلال الهبة الشعبية، أيار 2021 (Getty Images)

لا يزال 11 شابا من سكان مدينة حيفا، وهُم نور واكد، وراني طريف، وشادي محمود، وآدم عمر، وشادي حامد، ومحمود كناعنة، وصفوان أبو عردات، وآدم اسكافي، ويزن حرب، وشادي محمود، وجوان زبيدات (حبس منزلي)، في العشرينيات من أعمارهم، قيد الاعتقال على خلفية هبة الكرامة (الهبة الشعبية) التي اندلعت في أيار/ مايو 2021، ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات تهجير أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد.

وفرضت المحكمة على 3 شبان منهم الحبس لمدة 3 أعوام، إلى جانب 38 شهرًا بحق آدم عمر، و8 أعوام بحق آدم اسكافي، و7 أعوام بحق الشاب يزن حرب.

ودعت والدة الأسير آدم اسكافي، حنين ترك، في حديثها لـ"عرب 48" الجماهير العربية لـ"تنظيم حملات ومبادرات إعلامية وحقوقية وشعبية نصرة لأسرى الهبة الشعبية في كافة البلدات العربية".

وأضافت أن "عائلات أسرى الهبة الشعبية في حيفا صمتت أمام وسائل الإعلام، لعلّ الصمت ينقذ أولادنا المظلومين من قيد الأسر، لكن بالمقابل أولادنا يعانون الظلم خلف القضبان وفي زنازين التحقيق".

المعتقلون آدم اسكافي وآدم عمر ويزن حرب

تعلو نبرة الألم في صوت أم الأسير آدم اسكافي حين تتحدث عن طموحه وأحلامه التي تحطمت عند قيد السجان، قائلة إن "ابني آدم كان لتوه ينهي المرحلة الثانوية ليبدأ يحلم ويخطط لمستقبله، في وقت جمّد وباء كورونا أحلامنا، ثم لتلاحقنا أجهزة الأمن وتزج بأبنائنا في السجون ليس إلا لأنهم دافعوا عن أنفسهم وعن بيوتهم في الوقت الذي اقتحمت مجموعة يهودية ترافقها الشرطة بيوتا للعرب صارخة 'الموت للعرب' في مدينة حيفا".

وناشدت ترك "كل صاحب ضمير حي من أبناء المجتمع العربي بالوقوف إلى جانب الأسرى في السجون الإسرائيلية"، وأوضحت أنه "لا أدافع عن ابني وحيدي آدم لوحده، ولا أرفع صوتي نصرة له فقط، بل لأجل كل أسير مظلوم في السجون، فجميعهم أولادي، وهؤلاء الشباب الذين ولدوا في حيفا، وترعرعوا في أحياء يسكنها اليهود والعرب لم يعتدوا يوما على أحد، عدا عن أن تاريخ عائلاتهم خال من أي تهم ضدهم، لتصدمنا أجهزة الأمن والمخابرات العامة وتعتقلهم بعدما تعرضوا لاعتداء، وتترك المعتدي حرا طليقا على الرغم من توثيق اعتداءات المستوطنين من خارج المدينة على العرب وبيوتهم، وقمنا بتوفير مقاطع الفيديو والصور وتقديمها للشرطة. لماذا لم يحاكموا أية معتد، أين قتلة الشهيد موسى حسونة في اللد اليوم، ولماذا لا تتم محاكمة المعتدين على المواطنين العرب؟".

اعتقالات في حيفا خلال الهبة الشعبية، أيار 2021 (Getty Images)

وحول ما حصل مع الشباب من حيفا إبان الهبة الشعبية، أوضحت أن "زميلات ابني بالمدرسة استغثن بأن ينقذوهن وعائلاتهن من أيدي المعتدين من المجموعات الصهيونية التي كانت تقتحم وتحطم أبواب البيوت التابعة لعائلات عربية بهدف الاعتداء على العرب. وطبيعي جدا أن يهبوا للدفاع عن النفس بالحياة، وتلبية استجداء الضعيف المعتدى عليه".

وأضافت والدة الأسير اسكافي أن أكثر من "عشرة من شباب المجتمع العربي من حيفا يقبعون ظلما في السجن، هؤلاء الشباب غالبيتهم يعيشون في أسر أحادية الوالدين، ومنهم من فقد والدته الأمر الذي جعلني كلما أحضن ابني أمام الأسرى الفاقدين لأمهاتهم أتلوع مرتين، على ابني وعلى صديقيه الذين فقدا والدتيهما يزن حرب وآدم عمر، إذ لا يُسمح بزيارتهما إلا لأقارب من الدرجة الأولى مثل الأب والأخ والأخت".

وعن التهم الموجهة ضد ابنها وعدد من معتقلي هبة الكرامة في حيفا، قالت ترك إنها "تشمل بنودا غريبة وصادمة بينها تشكيل تهديد على حياة الناس، والقيام بعمل إرهابي. كيف يُعقل أن تُنسب هذه التهم لمن شكل خط دفاع عن نساء وعائلات وبيوت عربية تم الاعتداء عليها في حيفا؟ لقد رأيت بعيني ولديّ أشرطة فيديوهات وصور عدة تثبت كيف اعتدت المجموعات اليهودية من خارج المدينة ترافقها الشرطة على البيوت العربية".

وأعربت والدة الأسير عن استيائها من وعود وصفتها بالكاذبة من أحد أعضاء الكنيست الذي توجهت إليه عائلات الأسرى في حيفا ووعدهم بأن "الشباب سيحصلون على عفو من رئيس الدولة".

وفي هذا السياق، ذكرت أن "أولادنا ضاعوا ولم يسأل أحد عنهم. نريد أن نرفع صوتنا أمام العالم بعد أن خذلنا موقف السياسيين العرب، لكنني لا زلت أثق بأبناء شعبي بأنهم لن يتخلوا عن الأسرى. لست خائفة من أية تهديد، إيمانا بمبدأ أن الله هو الحق، وصوت الحق هو الأعلى دائما. أتحدث باسم كافة العائلات التي قسم منها لا يستطيع التحدث، فقد بدأت أجمع أشلائي بعد أن انهارت قواي بسبب الصدمة من قرار القاضي بسجن ابني 8 سنوات، وإيماني بالله مطلق للقيام بواجبي من خلال رفع صوت الحق والعدل، وسأحارب الظلم ليس فقط لأجل ابني، بل لأن جميع رفاقه في الأسر، هم أولادي أيضا".

احتجاجات في حيفا خلال الهبة الشعبية، أيار 2021 (Getty Images)

واستهجنت ترك من تصرفات الشرطة، وأشارت إلى أن "الشرطة تعتقل شبابا أبرياء وهي تترك المجرمين القتلة والعصابات التي تسيطر على المجتمع العربي، فالشرطة عاجزة عن اعتقال المجرمين وقتلة النساء وأبناء شعبنا، ولكنها تعتقل خيرة الشباب العرب من عكا وحيفا واللد وطمرة، جريمتهم حرق إطار مطاطي احتجاجا أو الدفاع عن أنفسهم".

ووصفت والدة اسكافي معاناة أسرى الهبة الشعبية التي تعرضوا لها خلال التحقيق ومعاناة عائلاتهم خلال الزيارات بالقول إنه "تم وضع ابني في زنزانة مساحتها مترين لمدة 38 يوما، وتركوا قطرات الماء تنقط على وجهه طيلة الليل حتى لا ينام، فيأتي المحقق على الأسرى وهم منهكون من التعذيب النفسي حتى يعترف الأسير بكل ما يريد المحقق فقط ليتركه يرتاح وينام. وأبلغني أبني أنه نسي أسماء بعض الأقارب بسبب الضغط النفسي الذي مر به. ناهيك عن معاناة العائلات خلال زيارة أولادهم الأسرى، إذ يتم تفتيش الجميع تفتيشا دقيقا لا يسلم منه حتى الأطفال الذين هم بعمر العامين قبل دخولهم الزيارة، لكننا نستمد القوة من الحق والعدالة وربنا، ولن نستسلم لحاكمنا الظالم. نريد لصوتنا أن يصدح أمام الرأي العالمي وليس فقط المحلي".

مظاهرة في حيفا خلال الهبة الشعبية، أيار 2021 (Getty Images)

وتساءلت ترك "ماذا عن حقوق الإنسان؟". وختمت بالقول إن "ابني كان يطمح لدراسة برمجة حاسوب والسفر لخارج البلاد، لكنه يعاني الظلم اليوم تماما كجميع الأسرى، ولهذا من واجبنا رفع صوتنا وطرح قضية الأسرى من خلال وسائل الإعلام والجمعيات الحقوقية".

"قرار جائر"

ووصف المحامي جميل خطيب من عرعرة، والموكل بالدفاع عن الأسير آدم اسكافي، قرار الحكم ضد موكله بأنه "قرار جائر".

جميل خطيب

وقال خطيب لـ"عرب 48" إن "الأحكام التي صدرت ضد معتقلي الهبة الشعبية، في الآونة الأخيرة، وتحديدا في المدن المختلطة تتسم بطابع أمني وإرهابي أكثر مما تستحق. أما بالنسبة لمعتقلي حيفا فإن ما حصل كان ردة فعل على مهاجمة المستوطنين اليهود ضد العرب، إذ تم الاعتداء من قبل المستوطنين على بيت الأسير نور واكد وهو صديق لآدم اسكافي، وتم توثيق الاعتداء على بيته، لكن على الرغم من التوثيقات فإن الأمر لم يشفع حتى للمعتقل نور واكد الذي دافع عن بيته، فكيف إن كان لآدم اسكافي. وقد تعرض المعتقلون لممارسات تحقيق وضغط من قبل جهاز الشاباك، وأجاب المعتقلون عن ما قاموا به بأنه كان ردة فعل على أحداث الهبة الشعبية، لتصبح التهم تحمل الطابع الأمني والإرهابي والعنصرية أكثر من حقيقة كونها ردة فعل على الاعتداءات ضد العرب. وقد استمعنا لأقوال الشهود من المستوطنين الذين شهدوا ضد معتقلي حيفا وادعوا بأن تواجدهم كان دعما لقوات الجيش والشرطة على الرغم من أنهم كانوا بعيدين عن مكان سكناهم وليسوا من الموقع الذي نفذوا الاعتداءات فيه، كذلك لم يتم التحقيق مع المعتدين من المستوطنين اليهود على بيت نور واكد".

وأضاف أنه "نتحدث عن محكمة احتلال تريد بث الخوف بين الجماهير العربية حتى لا تمارس حقها بالدفاع عن حقوقها، والتعبير من خلال التظاهر، فكان الحكم جائرا وعبارة عن استنفاذ لصلاحية قاض في المحكمة المركزية، والتي عبارة عن عشر سنوات، إذ قرر القاضي السجن الفعلي لآدم اسكافي، 8 سنوات وسنتين مع وقف التنفيذ، ذلك أن البند الذي تم استخدمه ضد آدم ينص على 'عمل إرهابي بقصد التسبب بأضرار جسيمة، بند رقم 329' وبحسب قانون العقوبات الإسرائيلي فإنه لا حاجة أن تثبت النيابة بأنه حصل ضرر فعلي، بل مجرد المحاولة أو نية للتسبب بضرر ما كافية لأن يتم إدانته بأقسى عقوبة، وهي 25 سنة، أي ما يوازي عقوبة القتل".

حمودة مصري

وأعرب عن استيائه من "عنصرية القاضي الذي أصدر القرار ضد آدم اسكافي بالسجن ثماني سنوات، في حين أصدر قرارا بالسجن لمدة 15 شهرا فقط على مستوطن يهودي شارك باعتداء على مواطن عربي وبحوزته أداة الجريمة، السكين، وبرأه من الأعمال الإرهابية وبأنها لم تكن مقصودة أو لأسباب عنصرية، بل هي جريمة جنائية بحتة. هذا يدل على النهج الذي يتم استخدامه ضد المواطن العربي، إذ يتم إدانته بأقسى التهم في حين المستوطن اليهودي الذي مارس أعمالا إجرامية في ذات الفترة ضد عرب تتم تبرئته من الأعمال العنصرية، ويُدان بالجرم الجنائي فقط".

وختم خطيب بالقول إنه "نتحدث عن فارق كبير من حيث التمييز في الأحكام ضد العرب، ناهيك عن التحقيق بنسبة لا تتعدى 3% مع معتدين من المستوطنين".

وقال المحامي حمودة مصري، والذي يرافع عن عدد من معتقلي الهبة الشعبية في حيفا، على الأحكام التي صدرت ضد عدد من معتقلي الهبة الشعبية لـ"عرب 48" إن "الأحكام التي فُرضّت على الشباب قاسية جدا، وهي تدل على العنصرية والتمييز ضد المتهمين العرب".

وأضاف أن "المحكمة العليا أمرت بتشديد العقوبات ضد الشباب العرب لتلقينهم درسا ومنعهم من تكرار ما حدث في الهبة الشعبية مستقبلا".

التعليقات