دبورية في مرمى الجريمة: "بلدة آمنة لم تعتد على جرائم القتل"

شهدت بلدة دبورية الآمنة في الآونة الأخيرة، سلسلة من جرائم العنف وإطلاق النار، أسفرت عن أضرار في الممتلكات وإصابات بشرية، آخرها جريمة القتل التي راح ضحيتها الشاب يوسف حلمي يوسف (21 عاما) بإطلاق نار

دبورية في مرمى الجريمة:

حداد وإضراب يعمان دبورية إثر جريمة القتل (عرب 48)

شهدت بلدة دبورية الآمنة في الآونة الأخيرة، سلسلة من جرائم العنف وإطلاق النار، أسفرت عن أضرار في الممتلكات وإصابات بشرية، كانت آخرها جريمة القتل التي راح ضحيتها الشاب يوسف حلمي يوسف (21 عاما) بإطلاق نار مساء الخميس الماضي.

وعمّ الإضراب العامّ والشامل البلدة في منطقة مرج ابن عامر، احتجاجا على جريمة القتل بعدما أقدم جناة على إطلاق النار نحو منزل، تزامنا مع مرور الضحية في المكان آنذاك عن طريق الصدفة، إذ لم يكن مستهدفا لكنه سقط صريعا بعدما استقرت عيارات نارية في جسده.


وباتت دبورية كباقي البلدات العربية التي تعاني من تصاعد العنف وجرائم القتل، في الوقت الذي تتقاعس فيه الشرطة عن القيام بدورها في لجم الظاهرة وتوفير الأمن والأمان للمواطنين.

وبلغت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي منذ مطلع العام الجاري ولغاية الآن، 73 قتيلا بينهم 9 نساء عربيات.

الضحية يوسف يوسف

ووصف عم الضحية، أحمد قاسم يوسف، في حديث لـ"عرب 48" الجريمة بأنها أم المصائب بالنسبة لعائلة الشاب المغدور.

وسرد يوسف تفاصيل الجريمة بالقول، إنه "عند حوالي الساعة الثامنة من مساء الخميس، خرج يوسف الذي يقيم مع عائلته في منزل يقع عند مدخل البلدة، بسيارته للقاء أصدقائه ولتناول وجبة عشاء معهم في الناحية الأخرى من البلدة أي على مسافة نحو كيلومتر من منزله، وحين وصل إلى هناك انتظر وصول أصدقائه، إذ توقف بالقرب من المنزل المستهدف حيث دعاه أهل المنزل وهم من معارفه لشرب القهوة ريثما يصل الأصدقاء الذين انتظرهم".

عم الضحية، أحمد يوسف (عرب 48)

وأضاف "بعد ذلك وصلت دراجة نارية إلى المكان وقام راكبها بإطلاق النار نحو أصحاب المنزل الذين استضافوا يوسف، ما أسفر عن إصابته برصاصة في ظهره وسقوطه أرضا، وبعدها واصل راكب الدراجة النارية إطلاق النار فأصيب ابن شقيقي برصاصة في الصدر وأخرى في الرأس وكانت تلك الرصاصات قاتلة".

ولفت يوسف إلى أن "سيارة الإسعاف وصلت بعد حوالي 20 دقيقة، وجرت محاولات إنعاش يوسف ثم نقل إلى مستشفى ’هعيمك’ في العفولة، وهناك أقر الطاقم الطبي وفاته بعد تدهور حالته الصحية".

وأنهى حديثه بالقول إن "المرحوم أنهى الصف الحادي عشر، ثم انتقل للعمل مع والده وأعمامه في مجال الحفريات، وهو إنسان بسيط وخلق ونشأ في منزل مثقف وذو سمعة طيبة، وكان شابا مبتسما تربطه علاقات طيبة مع كل من عرفه بسبب أخلاقه العالية وحسن المعاملة والمساعدة التي كان يقدمها من دون مقابل، كانت لديه أحلاما ككل الشباب وكان يسعى إلى بناء منزل وأسرة ومستقبل، ولا أعتقد أن هناك مصيبة أكبر من تلك التي حلت علينا بوفاته".

أول جريمة قتل تقع في دبورية منذ بداية التسعينيات

وقال رئيس مجلس محلي دبورية، زهير يوسف، لـ"عرب 48"، إن "إطلاق النار جاء بهدف القتل ولم يكن بهدف التهديد أو التخويف، وإنما كان بمستوى الأشخاص الذين كانوا يجلسون هناك في ذلك الوقت".

وأضاف أن "هذه أول جريمة قتل تقع في دبورية منذ بداية سنوات التسعينيات، وحتى اليوم لم يتم الكشف عن مرتكب الجريمة الأولى، وتعتبر دبورية بلدة آمنة لم تعتد على جرائم القتل، ومشاكلها لا تتعدى الخلافات الشخصية هنا أو هناك القابلة للحل على طاولة مستديرة وفنجان قهوة، وها نحن اليوم نعاني من مأساة بسبب شكل هذه الجريمة التي حصدت روح شاب بريء معروف بدماثة أخلاقه وعلاقاته الطيبة مع كل أهل بلده، وهو يتمتع بكل الصفات الحميدة".

رئيس مجلس دبورية، زهير يوسف (عرب 48)

وأشار إلى أن "الشاب راح ضحية مشاكل بين شبان للأسف لا ينبغي لهذه المشاكل أن تكون، وهي السبب في دمغ المجتمع العربي بالعنف وما يترتب عليه من نتائج وخيمة، حتى وإن كانت هذه الخلافات بسيطة وطارئة فإننا لا نبحث عن الحلول بالحوار وإشراك الكبار وإنما بالسلاح والاعتداءات وإحراق السيارات حتى وإن كانت المشكلة بين طلاب مدارس".

وتابع يوسف، أن "هنالك عدد كبير من الشبان الذين يتنازعون في ما بينهم بالمجتمع العربي ونحن لا نعرفهم، ودون أن يكون لهم ظهور واضح، وهذه المعضلة تجعلنا عاجزين عن التدخل ومحاولة إيجاد الحلول أو وضع خطة للحل والقضاء على العنف، فمن كان يعتقد أن يقع يوسف في مرمى رصاصة تطلق على منزل بسبب خلافات لا نعرفها وهؤلاء الأشخاص اختاروا هذه الساعة التي تواجد فيها المرحوم صدفة هناك ليكون هو الضحية".

وأكد أن "خلفية ما حدث لا تتعدى كونها مشاكل بين شبان، وكنت أنا قد تدخلت لحل هذا الإشكال، وتواصلت مع الأطراف المتنازعة لترتيب جلسة يوم السبت لإصلاح ذات البين، لكن على ما يبدو جاء خيار الرصاص ليسبق خيار الإصلاح".

وأوضح "لاحظ ما يحدث في مجتمعنا العربي بين من يحاول الإصلاح ومن يخطط لإطلاق النار، فهذا التكبر والغطرسة لم تكن من أخلاقياتنا وأنا لا أعرف اليوم على أي قيم ينشأ أبناء مجتمعنا، نحن جزء من الديانة الإسلامية التي تدعو إلى التسامح والعفو عند المقدرة وديننا يأمرنا بألا نقتل وألا نفسك الدماء، وفجأة نرى أن شبابنا يتجاهلون هذه القيم والعقيدة ويصبح الواحد منهم على استعداد لإطلاق النار على شخص لمجرد أنه نظر إليه بطريقة لم ترق له".

"كيف يمكننا أن نتوقّع متى وأين ستقع الجريمة المقبلة؟"

وتساءل رئيس المجلس المحلي قائلا "نحن كقيادات ورؤساء سلطات محلية ونواب كنيست ورجال دين وإصلاح، كيف يمكننا أن نتوقع متى وأين ستقع الجريمة المقبلة؟ ففي دبورية لا يوجد سوق سوداء ولا ظاهرة الخاوة ولا عصابات جريمة منظمة والمشاكل لا تتعدى كونها شخصية بين شبان، وهذه الخلافات للأسف تتطور إلى إطلاق نار وإحراق سيارات، بدلا من اختصارها وحلها بمجرد التحدث مع شخص لديه الوعي الكافي لحل أزمة بسيطة".

خال الضحية، سائد أبو راس (عرب 48)

وقال خال الضحية وعضو مجلس محلي عيلوط، سائد أبو راس، لـ"عرب 48"، إن "يوسف كان من أروع الشبان الذين عرفتهم، وكنت دائما أطلب من والدته على سبيل المزاح مقايضته بأبنائي الثلاثة لشدة أدبه ودماثة أخلاقه".

وأضاف أن "دبورية بلدة المثقفين وأهل الخير، وعلى اللجنة الشعبية أن تعمل على استئصال العنف في القرية وهو لا يزال في المهد، إذ أن هنالك قلة قليلة التي تثير الشغب في البلدة ويجب العمل على تأهيل هذه الفئة لوأد الخلافات قبل تفاقمها".

قريب الضحية، هشام يوسف (عرب 48)

وأكد العامل الاجتماعي وقريب الضحية، هشام يوسف، لـ"عرب 48"، أن "المشكلة تكمن في قلة قليلة، وعلى أهالي دبورية أن يحذروا هذه الفئة قبل فقدان السيطرة، ومعاقبة من يلتزم بالحفاظ على الهدوء ثم تنقض هذا العهد والالتزام. يوسف مات مظلوما ونحتسبه عند الله شهيدا وليس لنا حق لدى من استضافوه ولا لدى من قتلوه فلم يكن ابننا مستهدفا، لكنه قُتل مظلوما".

التعليقات