الجريمة في المجتمع العربي: "آن أوان التحرك في ظل السياسات الإسرائيلية الممنهجة"

"الوضع الذي وصلنا إليه في المجتمع العربي على صعيد الجرائم لا يطاق أبدًا، إذ أنه آن الأوان أن تتحرك الجماهير العربية لمحاربة الجريمة المتفشية في المجتمع العربي، إذ أنه لا يعقل هذا الصمت الرهيب"

الجريمة في المجتمع العربي:

مظاهرة غاضبة أمام مركز الشرطة في أم الفحم؛ شباط/فبراير 2021 (Gettyimages)

وصلت حصيلة ضحايا جرائم القتل بالمجتمع العربي في العام المنقضي 2022، إلى 109 ضحايا بينهم 12 امرأة، علمًا بأن الحصيلة لا تشمل مدينة القدس وهضبة الجولان المحتلتين، كما الذين استشهدوا برصاص الشرطة الإسرائيلية.

ومنذ مطلع العام الجاري 2023 وقعت جريمتي قتل راح ضحيتهما شربل عاطف عزام (42 عاما) من بلدة عبلين ومهران أبو سيف (39 عاما) من يافا إثر تعرضهما لإطلاق نار.


ويشهد المجتمع العربي تصاعدا خطيرا ومستمرا في أحداث العنف والجريمة، في الوقت الذي تتقاعس الشرطة عن القيام بعملها للحد من هذه الظاهرة، وسط مؤشرات تؤكد على تواطؤ أجهزة الأمن مع منظمات الإجرام.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" نساء من عدة بلدات حول ظاهرة العنف والجريمة المستشرية في المجتمع العربي، في الوقت الذي تتقاعس فيه الشرطة عن القيام بدورها من أجل توفير الأمن والأمان للمواطنين العرب.

تضافر الجهود

وقالت الحاجة أميرة عبد الله جبارين من أم الفحم، لـ"عرب 48"، إن "المرأة قادرة على نشر السلام والمحبة، وذلك من خلال عدة أصعدة واتجاهات ومنها الصلح بين النساء على أقل تقدير ونشر المحبة والتسامح بين النساء، إذ أنها العنصر المهم في المجتمع، وعلى مستوى الأبناء فإن تربية الطفل على المحبة والتسامح يجعلنا نعيش في مجتمع أفضل، وكل صلح يبدأ من النساء قادر على بناء مجتمع آمن".

الحاجة أميرة جبارين

وأشارت إلى أن "الحل لهذه الأزمة التي نعيشها هو التوحد على كلمة واحدة وهي محاربة الجريمة، ومن أجل محاربة الجريمة يجب العودة إلى أسباب الجريمة التي تعود بالأساس إلى عصابات الإجرام والسوق السوداء والأوضاع الاقتصادية والمظاهر الاجتماعية الخادعة التي يعيشها جزء من المجتمع بالوقت الحالي، لذلك هناك حاجة للبحث في كيفية معالجة هذه الظواهر التي هي سبب رئيسي لانتشار الجريمة في المجتمع، وفي حال تضافرت الجهود سنتغلب على الجريمة".

ورأت جبارين أن "دور المرأة ليس فقط بالمطبخ أو التباهي بما نملك من سيارات وسفر، إنما العيش بسعادة وتهيئة البيت الذي نسكن به وتربية الأبناء تربية حسنة، وهنا تكمن السعادة الحقيقية وليست المظاهر الخادعة".

وختمت بالقول إن "المرأة بإمكانها التدخل في حل النزاعات، إذ أنه يتم الترحيب بالنساء داخل البيوت المتنازعة وفي حل المشاكل، وهذا دليل على أن المرأة قادرة على حل النزاعات من جذورها ونشر المحبة بين العائلات وإصلاح الأطراف المتخاصمة، إذ أن المرأة قادرة على التأثير إيجابيًا وسلبيًا وبحال أثرت بشكل إيجابي ستحل قسما كبيرا من المشاكل".

قتل أبرياء

وقالت الناشطة الاجتماعية، ريم أمارة، من كفركنا لـ"عرب 48" إن "الوضع الذي وصلنا إليه في المجتمع العربي على صعيد الجرائم لا يطاق أبدًا، إذ أنه آن الأوان أن تتحرك الجماهير العربية لمحاربة الجريمة المتفشية في المجتمع العربي، إذ أنه لا يعقل هذا الصمت الرهيب حيال الجريمة المتفشية والممنهجة من قبل المؤسسة الاسرائيلية تجاه مجتمعنا، وهنا لا تقع المسؤولية فقط على الدولة، وإنما على أفراد المجتمع الذين لا يحركون ساكنًا تجاه الأزمة الصعبة التي نعيشها".

ريم أمارة

وأوضحت أن "الجريمة لا تقتصر فقط على الذين تربطهم علاقة في السوق السوداء، إنما هناك عدة جرائم التي ارتكبت خلال الفترة السابقة وراح ضحيتها أبرياء لا تربطهم علاقة بعصابات الإجرام، لذلك من المهم علينا أن نعمل كمواطنين، من أجل العيش بأمن وأمان والمطالبة بالعيش بأمان، ومن المهم تذويت القيم العربية التي تربينا عليها منذ صغرنا، والعمل على إعادة الجيل القادم إلى المسار الصحيح".

وفي سياق دور المرأة في محاربة الجريمة، لفتت أمارة إلى أن "المرأة ليست نصف المجتمع وإنما المجتمع بأكمله، وبحال صلحت المرأة صلح المجتمع، وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى العنف والانحراف إلى الجريمة، ومن بين هذه الأسباب الزواج المبكر وقلة الوعي للتربية وفتح البيوت، وأيضًا مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الحياة والبيوت، بالإضافة إلى ذلك عدم فهم الآباء للأبناء وعدم التواصل بينهم، كل هذه العوامل تؤثر على بناء الجيل الشاب الناشئ، إذ أن هناك دور هام للمرأة والأب في بناء جيل جيد".

تأهيل الأهل

ومن عندها، شددت الحاجة ربيعة فضيلي من مدينة الطيرة لـ"عرب 48"، على أن "هناك حاجة لإنشاء لجان لإفشاء السلام والعيش بأمن وأمان وإصلاح المجتمع، إذ أنني أرى أن هناك حاجة أيضًا إلى إعادة تأهيل الأهل في كل ما يتعلق بالتربية، إذ أن عدم تربية الأبناء كما يجب هو سبب رئيسي لانتشار الجريمة".

الحاجة ربيعة فضيلي

وتابعت أن "عدم مراقبة الأبناء من قبل الأهل هو سبب لانحدار الأبناء إلى عصابات الإجرام، لذلك من المهم مراقبة الأبناء وتوجيههم إلى الطريق الصحيح، حتى نستطيع إعادة المجتمع إلى المسار الصحيح بعيدًا عن الجريمة وعصابات الإجرام".

وأنهت فضيلي حديثها بالقول، إن "المرأة هي كل شيء في المجتمع، وهي القادرة على بناء مجتمع كامل متناسق، وهناك دور هام للأب الذي هو أساس البيت أيضًا، إذ أن تكاتف الجهود بالتربية بين الأم والأب قادر على بناء أسرة صحيحة، وعدم تكاتف الجهود سيوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم".

سياسات ممنهجة

ومن جهتها، قالت الناشطة الاجتماعية، آمنة جمل، من بلدة شعب لـ"عرب 48"، إن "الجرائم المتفشية في المجتمع العربي تدل على تفتت جزء كبير من المجتمع بسبب السياسات الممنهجة من قبل المؤسسة التي تعمل على تفتيت المجتمع طيلة الوقت، والمطلوب اليوم من المجتمع الوقوف كالرجل الواحد أمام هذه السياسات الممنهجة التي تسعى إلى تفتيت مجتمعنا والنيل منه".

آمنة جمل

ودعت جمل إلى الوقوف ضد هذه الجرائم التي تفتت المجتمع، من أجل إيقاف شلال الدم الذي نعيشه يوميًا، ومن المهم أن يتم احترام الغير بغض النظر عن الاختلافات التي بيننا نحن كشعب، وتقبل الرأي الآخر حتى لا نصل إلى الجرائم التي تفتك بنا.

أزمة الطلاق

وذكرت سهى كريّم من مدينة الناصرة لـ"عرب 48"، أن "ما يشهده مجتمعنا هو غيمة سوداء تتمثل بالجرائم، لذلك هناك دور هام لكل فئات المجتمع من أجل كبح جماح هذه الجرائم، والدور الهام للمرأة بشكل خاص التي تستطيع تربية وبناء جيل أفضل".

سهى كريّم

وأكدت انه "من الممكن أن نتخطى هذه المرحلة والأزمة التي نعيشها، بحال عدنا إلى قيمنا وعاداتنا وأخلاقنا العربية التي ترفض وتحرم كل هذه الجرائم التي تفتك بالمجتمع، والأهم تقوى الله في أنفسنا وبيوتنا وأولادنا، والدور يعود إلى الأم والأب، بالإضافة إلى ذلك هناك حاجة لمحاربة أزمة الطلاق التي يشهدها المجتمع، والتي يعود سببها الرئيسي إلى الشكليات التي تطغى على المجتمع".

انتفاضة الأهالي

وقالت الحاجة سعدة خطيب ياسين من بلدة برطعة لـ"عرب 48"، إن "الجرائم هزت كل المجتمع وفاقت كل الخطوط، ونحن مكتوفي الأيدي أمام الجرائم، لذلك هناك حاجة لأن تكون انتفاضة داخلية لنا نحن الأهالي، والتصدي لهذه الجرائم المنتشرة بشكل مروع، إذ أن الدور الهام للأهالي، ومن المهم على الأهالي إرجاع ابنائهم إلى الطريق والمسار الصحيح البعيد عن العصابات، إذ أن البقاء جانبًا ووضع رؤوسنا داخل التراب سيدمر المجتمع نهائيًا، لذلك من المهم العمل بشكل موّحد من أجل كبح جماح الجريمة".

الحاجة سعدة خطيب ياسين

وفي سياق دور المرأة، أوضحت أن "معظم النساء اليوم عاملات، والدور لا يقع فقط على المرأة إنما على الرجل أيضًا، لذلك من المهم أن تعمل المرأة والرجل معًا، لبناء أسرة سليمة، للعيش بمجتمع أمن".

وختمت ياسين بالقول، إن "الأمل موجود، لكن الأهم العمل الوحدوي وتكاتف الجهود قادر على تخطي هذه المرحلة الصعبة، رغم أن الحكومات تقف ضد المواطن العربي، لكن نحن على يقين أننا سنتخطى هذه الأزمة، عن طريق التوعية والعمل الوحدوي".

التعليقات