تسريب العقارات في القدس: "البطريركية الأرثوذكسية تتماهى مع الاستيطان ومحاصرة الفلسطينيين"

اتهم ناشطون مدافعون عن أملاك الطائفة الأرثوذكسية في البلاد، البطريرك ثيوفيلوس بالتماهي مع مشاريع التهويد في القدس، وذلك في أعقاب تسريب العديد من العقارات في المدينة لصالح توسيع الاستيطان ومحاصرة الفلسطينيين.

تسريب العقارات في القدس:

المنطقة المستهدفة في "غفعات همتوس" بالقدس (Gettyimages)

رأى ناشطون مدافعون عن أملاك الطائفة الأرثوذكسية في البلاد، أن البطريركية اليونانية للروم الأرثوذكس تواصل التفريط بالأملاك المقدسة تباعا لصالح الجمعيات الاستيطانية والتماهي مع المشاريع التهويدية من دون مراعاة ورغم تحذير الاتحاد الأوروبي من تنفيذ مشاريع استيطانية كهذه.

وبعد تسريب العديد من العقارات في القدس، تسعى البطريركية ومن دون الرجوع لرعاياها إلى تنفيذ مشروع استيطاني تهويدي يهدف إلى محاصرة بيت صفافا وتشكيل سد استيطاني طبيعي بين القدس والمناطق الفلسطينية في الخليل وبيت لحم، وذلك من خلال مشروع "غفعات همتوس" الذي يحاصر أيضا الأحياء الفلسطينية في بيت صفافا وصور باهر؛ على حد تعبيرهم.

وخلافا لما جاء في بيان البطريركية اليونانية بأن المشروع معد لأبناء الطائفة الأرثوذكسية، يرى أبنائها بأن الحديث يدور عن مشروع استيطاني تهويدي صرف.

أهداف تهويدية وضرب للسياحة الفلسطينية

وقال عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي والناشط في حراك "الحقيقة" الوطني الأرثوذكسي، عدي بجالي، لـ"عرب 48"، إن "هذا المشروع هو استيطاني بحت، وكنا قد حذرنا منه منذ سنوات، إذ له أهداف تهويدية وكذلك ضرب المناطق الفلسطينية السياحية جنوب القدس، بالإضافة إلى خنقه بيت صفافا وصور باهر، حيث أن البطريركية لم توفر أي جهد لدعم الاستيطان إلا وفعلته، علمًا أن الشارع المؤدي إلى مستوطنة أبو غنيم في القدس هو لأرض البطريركية".

عدي بجالي

وأضاف أنه "من خلال الصفقة باعت البطريركية وإن كان المسمى تحت بند الحكر هذه الأرض لشركات استيطانية هدفها الاستيطان ضمن مخطط حضرت له بلدية القدس منذ سنوات طويلة، حتى حصة البطريركية من دور السكن هناك والتي كانت وفقا للاتفاقية الموقعة في 10 أيلول/ سبتمبر 2020 مع الشركات والتي بموجبها تحصل على 150 وحدة، باعت البطريركية 50 وحدة سكن منها".

وعبر بجالي عن أسفه من واقع البطريركية التي تتبع سياسة تصفية أملاكها في فلسطين التاريخية من أقصى الشمال إلى الجنوب، مرورًا بقضية أرض قصر المطران في الناصرة والمدرج الروماني في قيساريا وغيرهما".

وختم حديثه بالقول إن "البطريركية باعت أملاكها في القدس في حي الطالبية ورحافيا وفي منطقة مقبرة مأمن الله ومنطقة الشماعة وجبل أبو طور ومنطقة متروبوريا ومنطقة سكة الحديد القديمة وموقع القنصلية البريطانية، وهذا جزء يسير من أملاك قام ببيعها البطريرك الحالي، ناهيك عن موافقته الضمنية من خلال تقاعسه على إتمام صفقة باب الخليل وما تشمله هذه الصفقة من 5 عقارات ونقل ملكيتها إلى مجموعة ’عتيرت كوهنيم’ الاستيطانية".

استهداف للوجود الفلسطيني

وذكرت النائبة السابقة عن التجمع الوطني الديمقراطي والناشطة في حراك "الحقيقة"، لـ"عرب 48"، أن "الحديث اليوم عن مخطط استيطاني قديم جديد في القدس، حيث يقع على طول الشارع المؤدي إلى الخليل ومقترح فيه إقامة مناطق متعددة الاستعمالات على طول محور سكة القطار الخفيف على طريق الخليل بمساحة 140.6 دونم".

نيفين أبو رحمون

وتابعت أن "المخطط المقترح يشمل مباني فنادق بارتفاع 16 طابقا بسعة 1300 غرفة، واجهات تجارية على طول الطريق وأبراج سكن بمجمل ما يقارب 3500 وحدة سكنية، وإذا أردنا فعليا ترجمة هذه الأرقام ندرك تماما حجم الاستهداف للقدس وكذلك استهداف الوجود الفلسطيني والتي من خلالها سيتم محاصرة بيت صفافا وصور باهر أيضا".

وأبدت أبو رحمون قلقها الشديد لما يحدث في القدس، وإذ نحمل ثيوفيلوس وأعوانه المسؤولية الكاملة نتيجة سياسات تعميق الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، مضيفة أنه "كنا قد كشفنا في العام 2020 عن 110 دونمات في منطقة ’غفعات همتوس’ على طول شارع القدس – بيت لحم من الجهة اليمنى وجميعها أراضي احتلت في العام 1967، واليوم نحن أمام صفقة أكبر عددا حيث تبلغ 140 دونما، وهذا يؤكد ما قلناه سابقا أن فعل التسريب ما هو إلا من أجل التعاون مع الاحتلال في ضرب السياحة في بيت لحم وبالتالي ضرب السياحة المحلية الفلسطينية والتي يسعى منفذيها إلى محاصرة الفلسطينيين على حساب التوسع الاستيطاني".

وحملت أبو رحمون البطريركية وعلى رأسها ثيوفيلوس المسؤولية الكاملة عن تسريب العقارات وأملاك الكنيسة بالقدس، ونؤكد تواطؤ ثيوفيلوس بالصفقات وعمليات التسريب ونحذر من أن ذلك سيكون مقدمة لتسريب المزيد من العقارات والأملاك وإحلال الجماعات الاستيطانية مكانها، وأن البطريركية التي تخضع لهيمنة وسيطرة تامة لليونان دأبت ومنذ النكبة واحتلال القدس أيضا على تسريب العقارات والأملاك للاحتلال، وبالتالي فإن ما حصل في باب الخليل وما يحدث في منطقة مار إلياس و’غفعات همتوس’ يأتي في سياق ذات النهج الذي يتم بقرار يتعلق بمصالح للبطريرك ثيوفيلوس ومجمعه الفاسد المرتبط بالاحتلال الذي يوفر له الحماية والدعم.

ودعت أحرار الشعب الفلسطيني إلى الالتفاف حول القضية الأرثوذكسية باعتبارها قضية وطنية، مشددة على ضرورة رص الصفوف من خلال موقف فلسطيني موحد، ليكون داعما للنضال الوطني ضد البطريركية وثيوفيلوس وضد مساعي الاحتلال، إذ لا يمكن لساحاتنا النضالية تجاوز ما يحدث في القدس بل هي صلب قضيتنا وعلينا تكثيف جهودنا من أجل تدويل هذه القضية وتحويلها إلى قضية رأي عام في وجه المؤامرة على القدس ومستقبلها ومكانتها.

محاسبة ومقاضاة ثيوفيلوس

وقال الناشط في حراك "الحقيقة"، زاهي خازن، لـ"عرب 48"، إن "صفقة تسريب دير مار إلياس بالقدس الواقعة على أرض وقف الكنيسة الأرثوذكسية هي صفقة مشؤومة ومدروسة بعناية لضرب الاقتصاد الفلسطيني في بيت لحم وهي صفقة ليست بجديدة، إذ تشمل إقامة فنادق ومراكز تجارية ليصبح السائح الأجنبي ليس بحاجة للنزول بفنادق بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وحتى يتناول طعامه في المطاعم المعدة في هذا المخطط ضمن الحي الجديد".

زاهي خازن

وأشار إلى أن البيانات التي تصدرها البطريركية للإعلام العربي هي بيانات للتضليل والكذب والتوهيم بالانتصارات بالمحاكم وهي تخسرها لأنها لا تقدم البيانات والمستندات والدلائل القوية التي تمتلكها من أجل إلغاء الصفقات، وهذا مسؤول عنه مباشرة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وما صدر حديثا هو بيان للتمويه فقط بحيث توهم بأن هدف المشروع هو ثبات وتوطين الفلسطينيين المقدسيين، ولكن الأمر هو العكس إذ لم تعد تنطلي علينا هذه البيانات التضليلية كما حدث في صفقة باب الخليل وأرض الحمراء بسلوان، حيث أن هذه الصفقات هي جزء من تنفيذ مؤامرة صفقة القرن المشؤومة لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، وثيوفيلوس هو جزء من منفذي صفقة القرن".

وطالب خازن البطريركية بوضع كل الاتفاقيات على الطاولة حتى نفحص المشروع بكل تفاصيله ونطلع على الحقيقة وليس البيانات التضليلية التي من خلالها يتم تنفيس القضية وتخفيف ضررها، مضيفا أن "بيان البطريركية هو ناتج عن ضغط بعد توجه صحافي إليها مطالبا برد حول المشروع، الأمر الذي أحرجها لأنها مدانة فيه بحسب الوقائع، وكيف أن البطريركية لا تقوم بالدفاع عن أوقافها بشكل قوي مع كل المستندات التي تفند ادعاءات المستوطنين والمؤسسة الإسرائيلية والشركات الإسرائيلية التي تعاقدت معها، فالبحرين تعتمد سياسة إستراتيجية جديدة وهي أن تخسر بالمحكمة وهكذا المحاكم الإسرائيلية تقوم بإصدار قرارات لصالح الإسرائيليين وتعطيها الشرعية القانونية".

وختم بالقول إنه "بالنسبة للسلطة الفلسطينية فهي مخولة لمقاضاة البطريرك ثيوفيلوس الذي يقع تحت طائلة القانون الفلسطيني والأردني، إذن لماذا لا تتم محاسبته القانونية علمًا أنه قبل نحو 5 سنوات جرى تقديم دعوى قضائية مؤلفة من 700 صفحة لدى المدعي العام الفلسطيني في رام الله، والتي شملت الوثائق والإثباتات على تسريب وتهويد الأوقاف الوطنية الفلسطينية وكيفية إتمامها مع الجهات الإسرائيلية والاستيطانية".

التعليقات