شوارع الموت.. ضحية بالمعدل يوميا والنقب الأكثر تعرضا للحوادث

لقي 68 شخصا بينهم 16 مواطنا عربيا مصارعهم في حوادث طرق بالبلاد منذ مطلع العام الجاري ولغاية الآن، فيما تشهد شوارع منطقة النقب أكثر عدد من الحوادث.

شوارع الموت.. ضحية بالمعدل يوميا والنقب الأكثر تعرضا للحوادث

من مكان الحادث الذي أودى بحياة 4 أفراد عائلة من رهط بالنقب

لقي 16 مواطنا عربيا مصارعهم في حوادث طرق منذ مطلع العام الجاري ولغاية اليوم، إذ لقي نحو نصف الضحايا مصارعهم قبل أسبوعين حينما لقي 6 أشخاص مصارعهم في حادثي طرق منفصلين بينهم 4 أفراد عائلة واحدة من رهط بالإضافة إلى شابتين من اللد والرملة.

ويستدل من معطيات وإحصاءات نشرتها سلطة الأمان على الطرق في البلاد، أن 68 شخصا من ضمنهم 16 عربيا، لقوا مصارعهم في حوادث الطرق على الشوارع المختلفة، منذ مطلع العام 2023 ولغاية اليوم.

وللمقارنة فقد لقي 352 شخصا مصارعهم في حوادث الطرق على الشوارع في البلاد خلال العام الماضي 2022. كما لقي 369 شخصا مصارعهم بحوادث الطرق في العام 2021، و306 في العام 2020، و355 ضحية في العام 2019.

ولقي 115 مواطنا عربيا مصارعهم في حوادث الطرق في العام 2022، وفي العام 2021 لقي 109 مواطنين عرب مصارعهم و99 ضحية في العام 2020 و110 ضحايا في العام 2019.

علي السعدي

وبهذا الصدد، قال معلم السياقة، علي السعدي، وهو صاحب كلية السعدي للتأهيل المهني للسياقة، لـ"عرب 48"، إنه "في الفترة الأخيرة شهدت البلاد العديد من حوادث الطرق، وقسم كبير من هذه الحوادث وقع في المجتمع العربي، وبحسب النسب والإحصائيات فإن المجتمع العربي يحتل المرتبة الأولى، مقارنةً بعدد السكان من حيث حوادث الطرق، والبنية التحتية في البلدات العربية ليست بأفضل حال، من جانب الشوارع وترقيمها وتعليمها، ولكن بصفتي معلم سياقة أقول إن المسؤولية الأولى تقع على عاتق السائق ذاته".

وتطرق إلى أسباب الحوادث وظروفها بالقول إن "الأسباب متعددة وأهمها عدم توفر المهارات والتربية في السياقة، بالإضافة إلى عدم التركيز في السياقة واستخدام الهاتف الخليوي أو الحاسوب في السيارات الحديثة التي يوجد بها شاشات كبيرة، ناهيك عن عدم الانصياع لقوانين السير، وعدم الالتزام بشارات المرور ومنها الضوء الأحمر الذي يعتبر سببا رئيسيا لحوادث كبيرة دامية وقعت، عدا عن السياقة تحت تأثير المخدرات والكحول التي تؤدي إلى حوادث دامية، وأنوه إلى أن النسبة الأكبر من ضحايا الحوادث الدامية من الجيل الشاب".

وأوضح السعدي أنه "عندما يكون السائق مُرهقا فإن ذلك يؤدي إلى وقوع حوادث، وهذا ما حصل في العديد من الحوادث، إذ هناك العديد من الحوادث التي وقعت مع عمال أثناء عودتهم من العمل، وهذا دليل على أن السائق الذي يقود المركبة يكون مرهقا من العمل، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث، وللأسف معظم الحوادث التي يكون بها عمال تكون دامية".

أما بخصوص تعليم السياقة فأشار إلى أن "تعليم 20 ساعة سياقة غير كافٍ، إذ يجب على الطالب أن يتعلم أكثر من ذلك، صحيح يوجد عبء مادي، لكن من أجل سلامة السائق وتدريبه بشكل صحيح، يجب تعلم دروس سياقة أكثر من 20 ساعة".

وأضاف أنه "يجب زيادة عدد ساعات تعليم السياقة، وأن يتحمّل الطلاب مسؤولية بالسياقة بعد النجاح في الامتحان والالتزام بقواعد السير، بالإضافة إلى الالتزام بوجود مرافق لمدة 6 شهور ليلا ونهارًا، لأنه عادةً يتم تزوير ساعات المرافقة ويتم توقيع الأهل أو قريب للعائلة دون مرافقة حقيقية للسائق الجديد".

أما عن سبل التقليل من حوادث الطرق، قال السعدي "باعتقادي يجب أن يكون توعية في المدارس ووضع وحدة تعليمية يمتحن بها الطلاب بالبجروت، من أجل السلامة على الطرق، بالإضافة إلى التوعية بخصوص الدراجات الكهربائية التي معظم مستخدميها دون سن 15 عامًا، ومعظم الحوادث بها دامية وخطيرة، لأن السائق يتلقى الضربة بشكل مباشر".

وحول معطيات عام 2022، ذكر السعدي أن "السلطة الوطنية للأمان على الطرق، أصدرت تقريرا لعام 2022 أظهر أن 78% من ضحايا حوادث الطرق هم من الرجال، وذلك بسبب تواجد الرجال على الشوارع بشكل أكبر، بالإضافة إلى حوادث طرق العُمّال أثناء عودتهم من العمل، إذ يكون داخل المركبة عدة أشخاص وعادة ما يكون عدد الضحايا كبير، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع عدد الضحايا الرجال بالحوادث".

وعن نسب اشتراك المركبات الكبيرة بالحوادث، قال إن "عدد المركبات الكبيرة والثقيلة في حوادث الطرق أقل، وذلك لأن السائق يمر بعدة مراحل تعليمية قبل الحصول على رخصة سياقة، لذلك الحوادث أقل، لكن بحال وقع حادث مع مركبة ثقيلة يكون عدد الضحايا أكبر".

نمر أبو شارب

وذكر المحاضر في مجال السياقة الصحيحة، نمر أبو شارب، لـ"عرب 48"، أن "معظم الضحايا العرب في حوادث الطرق منذ مطلع العام من منطقة النقب، علمًا أنه في العام الماضي لقي 9 أطفال مصارعهم دهسا في ساحات المنازل بينهم 7 أطفال عرب من النقب، وهذه نسبة مرتفعة جدا".

ورجح أبو شارب سبب دهس الأطفال في ساحات المنازل إلى "كثرة وجود الأطفال في ساحات المنازل في منطقة النقب، في ظل عدم وجود متنزهات وملاعب يقضي بها الأطفال أوقاتهم ويلهون بها، الأمر الذي يجبر الأطفال على اللهو في ساحات المنازل، بالإضافة إلى وجود عدة عائلات في منطقة سكنية واحدة، ما يؤدي إلى وقوع حوادث الدهس".

وأوضح أن "الوعي لمواقف المركبات داخل ساحات المنازل له دور مهم أيضًا، أضف إلى ذلك الاكتظاظ السكاني وكثرة الأولاد في النقب، كل هذه العوامل لها دور في ارتفاع حوادث الدهس في صفوف الأطفال".

وبخصوص حوادث الطرق المرتفعة في النقب، بيّن أبو شارب أنه "قبل أسبوعين لقي 6 أشخاص مصارعهم في غضون ساعات في حادثي طرق منفصلين، وهذا عدد كبير إذ أنه منذ مطلع العام لقي 68 شخصا مصارعهم بحوادث الطرق في مختلف أنحاء البلاد، بمعدل ضحية كل يوم، وهذا مقلق علمًا أن بينهم 16 مواطنا من المجتمع العربي".

وحول أسباب حوادث الطرق، أشار إلى أن "السبب هو مفترقات الطرق في منطقة النقب، إذ أن معظم الحوادث وقعت على مفترقات الطرق، التي تفتقر لشارات ضوئية وإشارات مرورية، ناهيك عن البنى التحتية السيئة. علمًا أن شارع 80 باتجاهين دون حواش، وفي عرعرة النقب لا يوجد شارات ضوئية على المفرق المؤدي للقرية، وهذا خطير ويؤدي إلى حوادث طرق كثيرة".

ولفت إلى أن "90% من المسؤولية تقع على السائق و10% على البنى التحتية، لأن ثقافة الطرقات معدومة، وخصوصا للشباب بين جيل 17 وحتى 23 عامًا، بالإضافة إلى عدم معرفة قسم من السائقين بمعاني إشارات المرور بسبب شراء امتحانات السياقة النظرية قبل تعلم السياقة".

وقال أبو شارب في الجانب التوعوي إن "ثقافة الطرقات شبه معدومة، هناك حاجة لرفع الوعي والتثقيف المروري، ويجب أن يتم العمل على التوعية من داخل المنازل والمدارس والمساجد والمؤسسات المختلفة، يجب أن يكون توعية كبيرة ووضع خطة شاملة لتوعية جيل السائقين المتهور".

وشدد على أنه "من الضروري أن تكون مؤسسات تعمل على الوصول لهؤلاء الشباب الذي يتواجدون في أماكن بعيدًا عن المدارس والمؤسسات والمساجد، هذه الفئة من الشباب مهم توعيتها، حتى لو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة في تطبيق ‘تيك توك‘، الذي يضم هؤلاء الشباب، يمكن استغلال هذه المنصات من أجل الوصول لهؤلاء الشباب، عن طريق فيديوهات قصيرة، وأيضًا عن طريق مؤثرين".

وعن قلة الوعي لثقافة السياقة السليمة على الطرقات، أشار إلى أنه "عندما تكون حوادث صعبة، لا يكون عليها تسليط ضوء في خطب الجمعة وفي بيوت العزاء، التي يتواجد بها هؤلاء الشباب في عزاء أصدقائهم الذين قضوا في حوادث الطرق، وإيصال رسالة للشباب في مختلف المنابر المساجد والمدارس وبيوت العزاء، بضرورة عدم التهور أثناء القيادة لأن هذه خطير على الشباب وعلى الآخرين".

ونوّه أبو شارب إلى أن "افتقار السلطات المحلية العربية لخبراء بمجال تحسين البنى التحتية مشكلة كبيرة بحد ذاتها، فالشوارع في تل السبع واللقية وعرعرة النقب، قضى بها العديد من الشباب نتيجة حوادث طرق مختلفة، وبالتالي أعتقد أن هذه المواضيع المهمة هامشية في السلطات المحلية العربية، وهناك أيضًا شارع 80 الذي يصل بين عرعرة النقب وكسيفة، الذي أودى بحياة العشرات وأطلقنا عليه اسم شارع الدم بسبب كثرة الحوادث الدامية التي وقعت فيه، هذا التقصير يؤدي إلى كوارث كبيرة يشهدها المواطنون في النقب".

وختم بالقول إن "التمييز العنصري له دور كبير في هذا الجانب، وهذا ما نراه على أرض الواقع من خلال عمل المؤسسات الإسرائيلية، إذ قبل فترة تم تجديد شارع مؤدي إلى مطار في منطقة النقب، المفترق الذي يصل إلى المطار يبعد عن مفرق عرعرة النقب قرابة 200 متر، حيث جرى تجديد الشارع حتى مفترق المطار، والشارع المؤدي إلى مفرق عرعرة النقب لم يتم إكماله وهذا خير دليل على التمييز بين البلدات والمناطق اليهودية من ناحية والعربية من ناحية أخرى في منطقة النقب".

التعليقات