مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.. "قلق من نوايا بن غفير بنقل الميزانيات لأهداف أخرى"

محمود نصار: "نحن قلقون على الميزانيات التي أقرت في إطار هذا القرار، واليوم في ظل وجود بتسلئيل سموتريتش في وزارة المالية فمن السهل عليهم أن يقلصوا الميزانيات المخصصة للمجتمع العربي ونقلها إلى أهداف أخرى".

مكافحة الجريمة في المجتمع العربي..

بن غفير (Gettyimages)

أثارت نوايا وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بخصوص ما يسمى مشروع "المسار الآمن" والرامية إلى المس بخطط مكافحة الجريمة المستفحلة في المجتمع العربي، تحفظا ورفضا من العبث بالقرارات والميزانيات التي أقرت من قبل الحكومات السابقة.

وأكدت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية أنها لن تسمح لبن غفير بالعبث بالقرارات والميزانيات التي جرى إقرارها للمجتمع العربي بخصوص مكافحة العنف والجريمة، وأنها لن تتردد في التوجه إلى القضاء لتحصيل حقوقها المشروعة وإن كانت غير كافية أيضا.

وفي وقت سابق، أبدت اللجنة القطرية رفضها التعامل مع بن غفير حول مواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي، كما حذرت الحكومة الإسرائيلية من توجهات وسياسات وبرنامج بن غفير، وكانت قد حملت الحكومة مسبقا المسؤولية الكاملة لإسقاطات وتداعيات ومخاطر السياسة الحكومية تجاه المواطنين العرب وقيادتهم وممثليهم.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" مركز لجنة مكافحة العنف اللجنة القطرية، محمود ناجي نصار، حول مساعي بن غفير الرامية إلى إلغاء خطط مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.

"عرب 48": بن غفير قرر تفكيك وحدة "سيف" لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، هل ترون في ذلك ضوءا آخر لعصابات الإجرام المنظم لاقتراف المزيد من الجرائم دون حسيب أو رقيب ودون وازع أو رادع؟

محمود نصار

نصار: بالنسبة لقرار بن غفير بحل وحدة سيف" فإنه من المضحك والمبكي أن هذه الوحدة من الأساس لم يكن هدفها القضاء على الجريمة في المجتمع العربي بقدر ما هي جاءت لتبييض وجه الشرطة الأسود في نظر المجتمع العربي، واتضح أن هذه الوحدة جاءت من أجل العلاقات العامة فقط.

نحن كسلطات محلية عربية ولجنة قطرية لم نر فيها الحل المناسب للعنوان الكبير الذي أعطته لنفسها ألا وهو مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، فهي لم تحارب الجريمة ولم يكن لها دور سوى عقد بعض الاجتماعات مع عدد من رؤساء السلطات المحلية والأكاديميين الذين يبحثون في موضوع العنف والجريمة ورجالات المجتمع في أم الفحم ورهط وغيرها من أجل الاستهلاك الإعلامي والتسويق وتبييض وجه الشرطة، لذلك فإننا غير نادمين ولا قلقين من هذا القرار، خاصة أن هذه الوحدة لم تنجح في نيل ثقة الجمهور وإقناعه بأن لديها خطط حقيقية لمواجهة الجريمة، بل على العكس كانت الوحدة تعترف بأنها ليست "وحدة عمليات" على عكس ما أطلقت على نفسها بأنها وحدة "كبح الجريمة". لذلك نقول لهذه الوحدة "إلى غير رجعة".

"عرب 48": هل هنالك في قرارات بن غفير ما يقلقكم، فهو يهدد أيضا بإلغاء خطة مكافحة العنف، وتقليص الميزانيات بادعاء أن منظمة "يسارية" تتحكم بهذه الميزانيات؟

نصار: في الواقع أنه حين بدأ بن غفير اتخاذ هذه القرارات لم يتوقف عند وحدة "سيف" بل وصل إلى مشروع "المسار الآمن" الذي تولى إدارته نائب وزير الأمن الداخلي في الحكومة السابقة، يوآف سيغالوفيتش، وعلى الرغم من أنه ليس الحل الأمثل لمكافحة الجريمة لكنه مسار حظي بردود فعل إيجابية من قبل المهنيين في المجتمع العربي، إذ اعتمد على خطة واضحة ونية حقيقية وصادقة جرى من خلالها وضع برنامج عمل أسبوعي للشرطة لجمع السلاح وملاحقة عصابات الإجرام، وإن كان غير كاف نظرا لكثرة انتشار السلاح في المجتمع العربي، لكن كانت هناك نتائج ملموسة واعتقالات ومصادرة سيارات وممتلكات.

أما اليوم يزعم بن غفير أنه هو بنفسه سيقود "المسار الآمن"، كما أعلن الأسبوع الماضي، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن بن غفير يجهل كل ما يتعلق بـ"المسار الآمن"، لأن هذا المسار لا يقتصر على عمل الشرطة وإنما بالشراكة مع النيابة العامة ووزارة القضاء وسلطة الضرائب ووزارة الرفاه الاجتماعي والتربية والتعليم وجهات أخرى.

في الواقع لا أدري كيف سيقود هذا المسار وهو منشغل في الهراء والتصريحات التي تشبع نقص مؤيديه، والشعارات حول إعادة السيطرة والحوكمة والسيادة، وهو يزعم أنه سيقود هذا المسار بالتعاون مع جهات في المجتمع العربي، ولكن ليس مع رؤساء سلطات محلية داعمين "للإرهاب" ولا يعترفون بدولة إسرائيل على حد تعبيره! وهل يعقل أن يكون هناك رئيس سلطة محلية في البلاد لا يعترف بدولة إسرائيل؟! لذلك جاء الرد القاطع والحاسم من قبل اللجنة القطرية بمقاطعة وعدم التعامل مع بن غفير.

"عرب 48": في حال إلغاء "المسار الآمن" وخطة مكافحة الجريمة وتفكيك وحدة "سيف"؛ هل ينبغي لنا نحن كمواطنين عرب أن نقلق، في الوقت الذي لم نكن نرى أي جهود حقيقية من قبل الشرطة لمكافحة الجريمة وإنما نهج من التقاعس والتخاذل؟

نصار: في هذا الموضوع بالذات كان لدينا توجه خاص وفي اللحظة التي عين فيها بن غفير وزيرا للأمن القومي، إذ أبرق رئيس اللجنة القطرية، مضر يونس، رسالة إلى رئيس الحكومة، أعرب فيها عن تخوف الرؤساء العرب من هذا التعيين الذي قد يمس بشكل مباشر في القرار 549 الذي كان نتنياهو أحد المبادرين له من أجل الوصول إلى خطة ممولة لمكافحة الجريمة.

الآن نحن نعم قلقون على الميزانيات التي أقرت في إطار هذا القرار، واليوم في ظل وجود بتسلئيل سموتريتش في وزارة المالية فمن السهل عليهم أن يقلصوا الميزانيات المخصصة للمجتمع العربي ونقلها إلى أهداف أخرى. إذ هناك تخوف في ما يتعلق بميزانيات القرار 550 وأيضا القرار 549 ونحن بكل الأحوال لم نصل إلى تنفيذ ما يعادل 30% – 40% منذ عام 2022 مع أنه كان الحديث عن نسبة تنفيذ تصل إلى 80% لأن الميزانيات قد تم التصديق عليها وتحويلها إلى الوزارات ذات الشأن، وهناك لجنة في مكتب رئيس الحكومة مؤلفة من ممثلين عن مختلف الوزارات وهي تتابع التطبيق وستكون هناك جلسة قريبة سنطلب خلالها صرف كل الميزانيات، وخصوصا أن بعض السلطات المحلية تقول إنها لم تحصل على نصيبها من مشروع "وقف شلال الدم".

"عرب 48": ما هو الدور المنوط بمنظمة "جوينت" التي يدعي بن غفير إنها منظمة يسارية ويسعى إلى تهميشها وإلغاء مشروع "وقف شلال الدم"؟

نصار: منظمة "جوينت" هي منظمة يهودية إسرائيلية صهيونية بامتياز، وتعاملت مع حكومات اليمين ونفذت الكثير من المشاريع التي تتعلق بسياسة اليمين، ولا علاقة لها باليسار، ودورها هو تبني مشروعات ضخمة من خلال مناقصات لخصخصة المشاريع وهي فازت بمناقصة مشروع "وقف شلال الدم" في 7 بلدات عربية هي طمرة وطرعان والطيبة ورهط وأم الفحم وجسر الزرقاء واللد وفي إطار هذا البرنامج وصلت ميزانيات لا بأس بها إلى هذه البلدات.

وفي الواقع هو لا يستطيع أن يستبعد منظمة "جوينت" لأنها حصلت على المناقصة بشكل رسمي وقانوني، لذلك هو يتراجع الآن لأنه قانونيا لا يستطيع استبعادها. ونحن سنبذل كل جهد مهني وسياسي وضغط جماهيري على الحكومة لكي تصل كل الميزانيات التي أقرت إلى هدفها رغم تحفظنا على بعض الأمور في الخطة الحكومية. ونحن لن نتوانى ولن نتردد عن التوجه إلى القضاء في حال أراد بن غفير أن يعبث بهذه القرارات والميزانيات.

"عرب 48": إذا ما وصلنا إلى حالة من اليأس من أداء الشرطة ومن سياسة الحكومة، أية حلول ستكون مطروحة في الوقت الذي نرى شلال الدم ليس مستمرا فقط، وإنما يتفاقم يوما بعد الآخر؟

نصار: حسب رأيي هذا هو السؤال الأهم والأصعب الذي يمكن أن يسأل وأن نجيب عليه، والجواب عليه مجزأ لأنه موضوع مركب، فقضية ضبط السلاح ومصادرته نحن لا نقوى عليها حتى لو كثفنا كل جهودنا وطاقاتنا وأفكارنا، إذ لا نستطيع أن ندخل البيوت ونصادر الأسلحة. والجزء الثاني هو إذا كانت الشرطة تقف مكتوفة الأيدي هل سنظل نقتل بعضنا البعض؟ هل نقتل أمهات وهن يرضعن أطفالهن كما حدث هذا الأسبوع لقريبة من عائلتي، هل نصمت.. لا.

نحن مطالبين اليوم بالتحرك على مسارين الأول: لجنة المتابعة بالتعاون مع اللجنة القطرية ستقيم لجان لإفشاء السلام في كل البلدات العربية على مستوى الشباب والطلاب الثانويين، وطلاب الإعدادية، وتقديم محاضرات في المدارس وعلى مستوى النساء إلى جانب إقامة لجنة محلية في كل بلد لمحاصرة أي نزاع أو خلاف ينشأ بين عائلات أو مجموعات أو أفراد ووأد الفتن قبل أن يستخدم السلاح. هذا المسار الوقائي. أما المسار الآخر فهو خطوات احتجاجية أمام مراكز الشرطة ستبدأ بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، وإعادة مظاهرات مجد الكروم وسواها التي أجبرت الحكومة في حينه على التحرك.

أما المسار الثالث والأخير نقوم ببلورته ألا وهو العمل على مقاطعة وعدم التعامل مع الأشخاص الذين يحملون الأسلحة ويتاجرون فيها، سنعمل على عزل ونبذ هؤلاء وعدم التعامل مع من يصوب السلاح على أبناء بلدته ومجتمعه. وأخيرا أقول إنه يجب علينا أن نرى النور في نهاية النفق، فمجتمعنا بغالبيته مجتمع خيّر وطيب وفيه نخب من المثقفين والجامعيين ورجال الأعمال الناجحين، مجتمع يحب الحياة، والغالبية الساحقة فيه هي ليست ممن تقتل وتذبح وتطلب الأتاوى والابتزاز، شعبنا كريم ويحب العيش بكرامة بدون عربدة، وسنعمل على تسليط الضوء على الأمور الايجابية والإنجازات في مجتمعنا.

التعليقات