حيفا: 13 طالبة عربية يواصلن الإضراب بسبب انعدام برنامج تعليمي من البلدية

تواصل 13 طالبة عربية في المركز التعليمي "الأنوار" بمدينة حيفا، الإضراب عن التعليم منذ قرابة الشهر ونصف، بسبب انعدام برنامج تعليمي مهني وتربوي لهن من قبل البلدية.

حيفا: 13 طالبة عربية يواصلن الإضراب بسبب انعدام برنامج تعليمي من البلدية

والد إحدى الطالبات يضع لافتة الإضراب على باب المركز (عرب 48)

تواجه 13 طالبة عربية تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عاما من المركز التعليمي "الأنوار" في حيفا، تحديات كبيرة لتحصيل حقوقهن الأساسية من بلدية حيفا من أجل توفير برنامج تعليمي مهني وتربوي لهن في مركز "الأنوار"، وهو الإطار المخصص من قبل بلدية حيفا من أجل احتضان الفتيات المتسربات من الأطر التعليمية التقليدية.

وتواصل الطالبات الإضراب عن التعليم منذ قرابة الشهر ونصف، ما استدعى تحرك لجنة أولياء أمور الطالبات لخوض نضال لانتزاع حقوقهن وإلزام بلدية حيفا القيام بواجبها تجاه الطالبات.

وقال أحمد ثبت والد طالبتين من مركز "الأنوار"، لـ"عرب 48"، إن "المركز يضم 12 طالبة واللواتي يقفن على حافة الخطر من الجانب التعليمي والتأهيلي المهني بسبب انقطاعهن عن التعليم في المدارس الرسمية لصعوبة الاندماج في هذه المدارس، وفي الوقت الذي يرغبن بالاندماج في الأطر الاجتماعية من خلال دعمهن في مركز ’الأنوار’ لاكتساب التعليم والمهنة لمساعدتهن على تأسيس مستقبلهن بشكل مستقل اقتصاديا".

جانب من أولياء أمور الطالبات أمام مركز "الأنوار" بحيفا (عرب 48)

وأضاف أن "المركز يعاني من عدم توفر برنامج تعليمي تربوي، على الرغم من تعهد البلدية بإعادة تشغيل مشروع ’هيلا’ الذي من خلاله يتم تمرير برنامج تعليمي في المركز بشرط انضمام 12 طالبة للمركز، إلا أن البلدية لم تلتزم بتعهدها بحجة عدم وجود مُركز/ة للمشروع في المركز".

وتابع "من جانب آخر تقدم مركز ’الأنوار’ بعدة اقتراحات للتأهيل المهني خاصة بالطالبات على نحو دورات مثل إسعاف أولي وتصفيف شعر ومكياج، إلا أن البلدية لم تتجاوب بسبب المسار البيروقراطي، كما أن المركز يعاني من نقص بالأدوات اللازمة من أجهزة حواسيب وأثاث مدرسي وما إلى ذلك، وقد عقدنا ثلاث جلسات مع المسؤولات من قسم الرفاه الاجتماعي في البلدية والأهالي وطاقم مركز ’الأنوار’ ولم يتم تنفيذ أي من التعهدات وبهذا رأينا بأن نواصل الإضراب حتى تحقيق كافة المطالب".

وأشار ثبت إلى أن "ابنتيه تدرسان في مركز ’الأنوار’ منذ تموز/ يوليو 2022، وقد سجلتهما على أمل تحقيق وعود قطعتها البلدية وقسم التربية والتعليم على نفسيهما، تتمثل بإيجاد برنامج شامل للفتيات اللواتي يجدن صعوبات في التأقلم بالمدارس ليلتحقوا بهذا المركز، ويتم التسويف باستمرار وتبادل الاتهامات بين البلدية ووزارة التربية والتعليم بالتقصير، ولا نرى بصيص أمل في وجود حقوق تعليمية هنا أو شهادة معترف بها أو دورات مهنية ومناهج تعليمية لتستكمل الفتيات دروبهن في التعليم والنجاح بالحياة العملية".

وأوضح أن "المركز لا يساعد الفتيات على تعلم اللغتين العبرية والإنجليزية الضروريتين في البلاد، في حين أن مشروع ’هيلا’ الذي يوفر البرنامج التعليمي المنهجي لتتمكن الطالبات من التقدم لامتحانات البجروت مغلق منذ عام ونصف، وهو الذي كان يقوم بتعليم هاتين اللغتين".

ولفت إلى أن "أكثر من 13 طالبة تتعلم في المركز، علمًا أنه كان ترخيص المركز كان يتطلب 12 طالبة فقط وكانت هذه إحدى ذرائع البلدية لتبرير تقصيرها في تقديم الخدمات ومتطلبات المركز، بالإضافة إلى وجود ذرائع أخرى منها عدم وجود ميزانية ومديرة ومعلمات وموافقات من وزارة التربية والتعليم، علمًا أن الطالبات أتممن اليوم شهرا ونصف من الإضراب وقد مارست البلدية ضغوطا علينا لإعادتهن إلى المركز بشروط معينة وجدول دراسي خاص بالمركز، لكن كل ما ورد في هذا الجدول ما هو إلا حبر على ورق وكل ما نراه هو حقن تخدير ليس أكثر".

ووصفت جيهان نعيرات والدة إحدى الطالبات تأثير الإجحاف بحق الطالبات على حياتهن الاجتماعية والنفسية، في حديث لـ"عرب 48"، بالقول إن "ابنتي في المنزل منذ شهر وتعاني من متاعب نفسية، وحالها في ذلك مثل سائر الطالبات في المركز لأنهن لم يجدن إطارا تعليميا وحتى أن المركز لا يقوم بتعليمهن اللغة العبرية ما أدى إلى عزلتهن اجتماعيا".

جيهان نعيرات

وأكملت أن "ابنتي التحقت بالمركز في شهر أيلول/ سبتمبر 2022، وذلك بعد تردد بعدما كان يصل إلى مسامعي أن المركز لا يلبي احتياجات الطالبات الملتحقات إليه، وقيل لنا في ما بعد إن الطالبات هنا في المركز يتمتعن بكافة الحقوق وهناك مناهج تعليمية متكاملة، وأن المركز يقدم شهادة إتمام للمرحلة الثانوية والعديد من الدورات التدريبية وأن الوقت الممتد من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء مليء بالنشاطات، ولكن للأسف لا شيء من هذه الوعود جرى الإيفاء به من قبل البلدية".

وبيّنت نعيرات أن "طاقم المركز قدم كل ما بوسعه من أجل الطالبات، وهو طاقم رائع لكن التقصير مرده البلدية فقط والتي تتذرع بشتى الأمور منها على سبيل المثال لا الحصر انعدام الميزانية وعدم وجود تصاريح".

وتشتكي نوال قنابزة خلال حديثها، لـ"عرب 48"، مصير ابنتها التي من المفترض أن تنهي الصف الثاني عشر هذا العام، من الإهمال الذي استمر قرابة العام والنصف من قبل بلدية حيفا، قائلة إن "ابنتي هنا منذ سنة ونصف وهي من أوائل الطالبات اللواتي التحقن بهذا المركز، وهنا في هذا المركز لا يوجد معلمات لتعليم الفتيات، حتى أن المعلمات اللواتي كن يعلمن اللغتين العبرية والإنجليزية لم يعدن موجودات فيه، سيما وأن كل الوعود حول الدورات التدريبية والدورات المهنية باتت وعود جوفاء وهي ذاتها منذ عام ونصف، ورغم معرفتهم بأن الطالبات بحاجة للغة العبرية للدخول في سوق العمل إلا أنهم يتجاهلون ذلك، وها نحن نتم الشهر الأول من الإضراب المفتوح حتى تلبية كافة مطالبنا".

نوال قنابزة

ووصفت خلود فوراني من جمعية التطوير الاجتماعي في حيفا التي تشارك الطالبات وذويهن في المركز للمساعدة على حصولهن على العدالة الاجتماعية والتعليمية من خلال دعم مركز "الأنوار" وتقديم دورات من قبل الجمعية للطالبات، الوضع القائم للطالبات في حديث، لـ"عرب 48"، بالقول إن "ما يحدث هو ضياع ومؤلم جدا كجمعية رافقت الطالبات اللواتي هن من بنات شعبي بشق الأنفس بصراع على نيل حقوقهن من البلدية، في حين تضعهن البلدية في آخر أولوياتها، ونحن لم نستسلم بالرغم من العمل على مدار الشهر ونصف من المطالبة والتوجه للبلدية، ولكن يبدو أن الوسيلة لم تجد نفعا لهذا رأينا أهمية الحشد الإعلامي وضغط لوبي في محاولة للتأثير على البلدية لتحصيل حقوقهن التي هي من واجبها، في الوقت الذي نحن كجمعية التطوير الاجتماعي منعنا إغلاق المركز من خلال تجديد المبنى واهتمامنا لتوفير المضامين التي تعزز من شخصية الطالبات من دورات ومبادرات في مواجهة التقصير الفادح من الجانب التعليمي التأهيلي والنفسي للفتيات".

خلود فوراني

وحثت مديرة جمعية "السوار"، لمياء نعامنة، أولياء أمور الطالبات على التشبث بحق الطالبات حتى توفير البرامج التعليمية والمهنية لهن، مضيفة في حديث، لـ"عرب 48"، أن "هذه ليست المرة الأولى التي يتم التهديد فيها بإغلاق مركز ’الأنوار’ وهو مركز تحت خطر الإغلاق بشكل دائم، للأسف عندما يكون المركز مفتوحا لا توفر البلدية الموارد اللازمة ما يصعب وصول الطالبات إليه، وتبدأ البلدية بالتفكير بإغلاق المركز بذريعة عدم وجود طالبات، في حين أن توفيرها للبرامج المطلوبة هو الذي يجذب الطالبات إليه".

واستهجنت نعامنة العنصرية في توفير أبسط الحقوق للمواطن العربي كتوفير برنامج تعليمي مهني لمجموعات طالبات، في حين تنشغل المؤسسة الإسرائيلية بقضايا تراها أكثر أهمية من الأمور الحياتية اليومية الخاصة بالمواطنين.

لمياء نعامنة

وفي تعقيب لها، قالت بلدية حيفا ردا على توجه "عرب 48"، إنها "عملت بكل جهد وحزم على منع إغلاق مركز ’الأنوار’ الذي كان من المزمع إغلاقه سابقا بسبب العدد القليل للفتيات المتواجدات في المركز، وعلى الرغم من ذلك دعمت البلدية المركز وجرى اختيار مديرة مهنية له ورغم الصعوبات الكبيرة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم سيتم إعادة برنامج التعليم داخل المركز، إذ جرى نشر مناقصتين للمركز لهذا الهدف واستيعاب مركزة تربوية بعد التأخر في اختيارها بسبب انسحابها، ومن المفروض أن يتم اختيار مركزة قريبا ليتم إعادة برنامج تعليمي في المركز".

وأضافت أنه "جرى وضع برنامج أسبوعي وسنوي للمركز بما في ذلك دورات تمنح للطالبات شهادات تؤهلها للعمل مستقبلا، علمًا أن البلدية منعت إغلاق المركز وتعمل على إنجاح المركز بهدف منح إطار دافئ ومهني يسد احتياجات جميع الفتيات، كما أن الطاقم المهني لقسم الشؤون الاجتماعية بتواصل دائم ومستمر مع الفتيات والأهالي، وجرى عرض وطرح البرنامج عليهم".

وختمت تعقيبها بالقول إن "البلدية التزمت بشكل واضح بدعم مركز ’الأنوار’ وتعمل وفق ذلك، بالرغم من صعوبات عديدة وجمة في استيعاب مركزات للطاقم، ما أدى إلى تأخير بإعادة البرنامج التعليمي إلى المركز، وسيتم تنفيذ البرامج في الأيام القريبة وفورا مع اختيار المركزات والطاقم الإضافي".

التعليقات