خطة "شيكلي": اقتلاع وتجميع للعرب في غيتوات بالنقب

أكد ناشطون وقياديون عرب من النقب أن الخطة الحكومة الجديدة المطروحة تستهدف قرى عربية، وتجميع أكبر عدد ممكن من العرب على أقل مساحة من الأرض، من أجل السيطرة وتهويد النقب.

خطة

تجريف أراض بالنقب (أرشيف Getty Images)

يواجه العرب الفلسطينيون في منطقة النقب، جنوبي البلاد، خطة حكومية جديدة تهدف لاقتلاعهم من قراهم ومضاربهم وتجميعهم على أقل مساحة أرض، من أجل السيطرة والتهويد.

ويقود هذا المخطط الإسرائيلي وزير "شؤون الشتات اليهودي"، عميحاي شيكلي، الذي عرض مخططه على اللجنة الوزارية يوم الثلاثاء الماضي، حيث أقرت الحكومة خطوات مختلفة للدفع قدما في تطبيق خطة شيكلي، فيما لم يبد بعض الوزراء موقفهم النهائي من الخطة بعد.

وتستقي خطة شيكلي بنودها الأساسية من الفكر السائد الذي يعرضه شيكلي دون خجل بأن الفلسطينيين في النقب سيسيطرون في غضون 25 عاما على النقب بالكامل حسب زعمه، وذلك نظرا لأن النمو السكاني كبير وسرعان ما سيصل في هذه المنطقة ما بين نصف مليون إلى 700 ألف فلسطيني، وهو ما يراه شيكلي "خسارة إسرائيل للنقب أمام العرب البدو".

وأعد شيكلي ضمن الخطة "مسارا خاصا لمنع تعدد الزوجات في النقب لمنع تكاثر العرب"، و"تعزيز وحدات الشرطة". وتقضي الخطة بتجميع بدو النقب في أربع تجمعات سكنية أساسية، هي رهط، وحورة، وشمال عراد، وبير هداج، وإخلاء التجمعات السكنية المختلفة لبدو النقب في مختلف المناطق خاصة منطقة أم الحيران، وكذلك أعد خطة لتعزيز وحدة "يوآف" الشرطية التابعة لما تسمى "سلطة تطوير النقب" المسؤولة عن تنفيذ عمليات هدم المنازل في البلدات العربية بالنقب بميزانية قدرها 18 مليون شيكل، كما ضمت الخطة التي عرضها شيكلي إجراء أعمال تطوير في مناطق التجميع وتحويل رهط لمركز تطوير ذاتي خارجا عن "سلطة تطوير النقب".

اعتقالات إثر تصدي الأهالي لتجريف أراض بالنقب (أرشيف Getty Images)

وكانت وزيرة البيئة قد اعترضت على خطط التطوير التي عرضت، والتي بينت أن المخططات لا تفي مع متطلبات التطوير في البنية التحتية خاصة فيما يتعلق بتصريف مياه الصرف الصحي في الأحياء التي سيتم تطويرها وإنما تعتمد على آبار لتجميع مياه الصرف الصحي، وهو ما يتعارض مع المتطلبات البيئية وخطر تلويث المياه الجوفية.

وقال النائب السابق وعضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي ومُركّز لجنة التوجيه للعرب في النقب، جمعة الزبارقة، لـ"عرب 48" إنه "لا يمكن للفلسطينيين في النقب قبول خطة ترى فيهم تهديدا ديمغرافيا. البدو في النقب يقيمون على 3% فقط من أرض النقب. الخطة تشمل إقامة 13 تجمعا سكنيا يهوديا واقتلاع عشرات القرى الفلسطينية في النقب، فمثلا مكان بلدة أم الحيران تسعى الدولة لإقامة بلدة يهودية اسمها حيران وكذلك قرية الزرنوق التي لا تعترف بها إسرائيل يعيش فيها 5 آلاف مواطن فلسطيني، وإلى جانبها تقام بلدة عومريت ذات طابع استيطاني يهودي على حيز التطور المستقبلي للزرنوق".

جمعة الزبارقة

وأكد أن "العرب في النقب أمام محاولة جديدة للاقتلاع والتهجير، فالصراع على الحيز وعلى الأرض والمكان، ولا يمكن قبول خطة ترى فينا تهديدا وجوديا، ولا تأخذ بالحسبان طبيعة حياة السكان في النقب. هؤلاء السكان من حقهم استمرار نمط عيشهم كما هو اليوم. التجمعات السكنية البدوية لها نمط حياة خاص بها وهي تعتاش بالأساس من تربية المواشي والزراعة، ولا يمكن تغيير نمط حياة الناس بشكل جذري بدون توفير بديل لمصادر رزق هذه القرى".

وختم الزبارقة بالقول إنه "لا يمكن تحويل نمط حياة لسكان ومصادر رزق بدون بدائل حقيقية تفي بالحد الأدنى المطلوب، وما يعرض اليوم هو عملية تجميع للعرب في النقب فيما يشبه بغيتوات، أي حصر أكثر ما يمكن من العرب على أقل ما يمكن من الأرض".

عطا أبو مديغم

وقال رئيس بلدية رهط، عطا أبو مديغم، لـ"عرب 48" إن "هذه الخطة فيها الحسن والسيئ، نحن في رهط ننظر للجانب الإيجابي في القرار ونسجل موقفا معارضا للسلبي. عندما يشمل القرار فك ارتباط مدينة رهط من سلطة ما تسمى إسكان البدو ويعطي رهط استقلالية ومسارا خاصا فإن هذا القرار مرحب به، وعندما يشمل القرار تخصيص ميزانيات لمشاريع كبرى بمئات الملايين من أجل تطوير رهط فإن هذا أيضا قرار نشيد به".

وأضاف أن "القرار بتجميع عرب النقب في أربع مناطق وتهجير قرى واقتلاعها مرفوض ومصيره الفشل مثل قرارات حكومية قبل سنوات لم تطبق على أرض الواقع بسبب ثبات أهل النقب وصمودهم. حتى ملاحقة موضوع تعدد الزوجات تم ذكره في الخطة الجديدة، وهو قرار قديم تم تحديثه".

وأكد أبو مديغم أنه "أبلغنا الحكومة بأننا نرفض إسكان عشائر من خارج رهط داخل مسطح نفوذ المدينة كون الأرض لا تكفي لاحتياجات رهط والتكاثر الطبيعي".

حابس العطاونة

ورفض رئيس مجلس حورة المحلي، حابس العطاونة، خطة شيكلي، وقال لـ"عرب 48": "نحن رؤساء المجالس المحلية العربية عقدنا اجتماعات وأبدينا موقفنا الرافض لهذه المخططات. نحن كبلدة قائمة اليوم ليس لدينا أي مكان لاستيعاب سكان من خارج حورة مع احترامنا لجميع أهلنا في النقب".

وطالب العطاونة الوزارات المختلفة بـ"الاعتراف بالقرى القائمة كل قرية في مكانها، نحن نتحدث عن تجمعات سكنية لسكان بتعداد ألفي مواطن وحتى خمسة آلاف مواطن، ويمكن الاعتراف بكل تجمع في مكانه وإنشاء بنية تحتية ملائمة للسكان".

وأضاف أن "الوضع في التجمعات العربية مُزر للغاية، لأن الدولة أهملت سكان النقب منذ أكثر من 70 عاما، وعلى أي حكومة تريد تطوير النقب أن تعترف بالتجمعات السكنية وتوّفر لسكانها نمط حياة يناسبهم لا أن تقتلعهم من مكان سكنهم وتزج بهم في عمارات ضيقة، فالنقب واسع ونحن نسكن على 3% فقط من النقب، وهذا موقفنا في حورة وموقف جميع رؤساء المجالس في النقب".

ورأى الناشط رائد أبو القيعان، والذي يسكن منطقة معدة للإخلاء حسب الخطة بأنها "خطة عنصرية تستهدف السكان العرب لا تسعى لتطويرهم".

وقال أبو القيعان إن "مخططات تطوير النقب هدفها نزع الهوية واقتلاع الجذور العربية وهدم الإنسان قبل البناء وطمس التاريخ والجغرافيا، كلها تصب في منفعة سياسية وليست إنسانية".

رائد أبو القيعان

وأضاف أن "صانع القرار يفكر ويدير التخطيط منفردا وهو لا يستطيع تطبيقه حتى وإن اجتمعت كل السلطات مثل سلطة الأراضي وسلطة الإجراءات وسلطات أخرى لتنفيذه، عدا عن ذلك فإن المخطط مخز وفاشل، وكل الميزانيات توضع في الجانب التنفيذي والقليل منها في جانب التطويري".

وختم أبو القيعان بالقول إنه "ما لم تسع الحكومة إلى توافق مع السكان فعلينا النضال لتحقيق ما نصبو إليه. الخطط التي طرحت ولا زالت دون توافق لن تنجح".

300 ألف عربي فلسطيني في منطقة النقب

يعيش نحو 300 ألف عربي فلسطيني في منطقة النقب، يعانون التمييز الصارخ في حقوقهم الأساسية في مجالات السكن والتربية والتعليم والأجور والتوظيف وغيرها.

وتشهد القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب، كارثة إنسانية بكل ما تعني الكلمة، إذ تُحرم هذه البلدات من أبسط مقومات الحياة بفعل سياسات وممارسات الظلم والإجحاف والتقصير من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بحق السكان هناك لا لشيء إلا لأنهم عرب أصروا على التمسك بأرضهم رافضين مخططات الاقتلاع والتهجير عن أرض النقب.

ويُعد المجتمع العربي في النقب، اليوم، أكثر من ثلث سكان المنطقة في حين أن المجتمع اليهودي في المنطقة ازداد بشكل كبير في أعقاب تنفيذ مخططات تهويد النقب.

وحسب تقديرات مركز الإحصاء الإسرائيلي فإن 28% من العرب في النقب يسكنون في قرى مسلوبة الاعتراف إسرائيليا، لغاية اليوم. وعلى الرغم ذلك، فإنه بين 144 بلدة قائمة في النقب، دون المزارع الفردية (اليهودية في معظمها) توجد 18 قرية عربية أي نسبة 15% من البلدات في النقب فقط.

ويظهر الفصل في السكن بشكل شبه تام بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي، إضافة للتمييز في السكن في مسح أوضاع السكن في القرى العربية بكل أشكالها والبلدات والتجمعات اليهودية في النقب.

التعليقات