ميزانية 2024: المجتمع العربي الأكثر تضررا من التقليصات بسبب الحرب

ألغت الحكومة بعض البنود التي خصصت للمجتمع العربي، وتقدر الميزانيات التي جرى تقليصها للمجتمع العربي بنحو 5.5 مليار شيكل على مدار ثلاث سنوات.

ميزانية 2024: المجتمع العربي الأكثر تضررا من التقليصات بسبب الحرب

مظاهرة للسلطات المحلية العربية ضد الجريمة وتجميد الميزانيات بالقدس (أرشيف "عرب 48")

صدّقت الحكومة الإسرائيلية، مطلع الأسبوع، على ميزانية الدولة للعام 2024، وبضمنها إضافة 55 مليار شيكل لوزارة الأمن لتمويل الحرب على غزة، فيما قلصت ميزانيات الوزارات المختلفة بشكل عام بنحو 5%، غير أن الأكثر تضررا من جراء التقليصات في الميزانيات المختلفة هي الخطط المتعلقة بتطوير المجتمع العربي، والتي ستشهد تقليصا بـ15%.

وألغت الحكومة بعض البنود التي خصصت للمجتمع العربي، وتقدر الميزانيات التي جرى تقليصها للمجتمع العربي بنحو 5.5 مليار شيكل على مدار ثلاث سنوات.

ووفقا لمقترح الميزانية فإن الاقتصاد الإسرائيلي تراجع بـ1.4% عام 2023، وسيتراجع 1.1% في العام 2024، ما يعني تراجع دخل الدولة بنحو 60.4 مليار شيكل خلال العامين، فيما تقدر وزارة المالية تكلفة الحرب 150 مليار شيكل، والعجز المالي بنسبة 6.6% في ميزانية الدولة، وتخطط وزارة المالية لتعويض مدخولات الدولة عبر رفع الضرائب، وأولها رفع ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18%، ورفع رسوم التأمين الصحي بنسبة 0.15%، وسيشهد قطاع الوقود ضرائب مباشرة وغير مباشرة على المصانع التي تستهلك الوقود، وضريبة على دفن النفايات، ورفع الضرائب الجمركية على السجائر المصنعة، وكذلك على المواد الخام لتصنيع السجائر، وذلك حتى 20 شباط/ فبراير 2024، وحتى السجائر المخزنة سيطالها ضريبة جمركية إضافية بنسبة 5%، وفرض ضريبة على السجائر الإلكترونية بنسب تتراوح بين 145% - 270% وغيرها من الضرائب المغلفة بتعليل حماية صحة الجمهور والبيئة.

وخلافا لما كان يروج حول تقليص الميزانيات الائتلافية (الميزانيات السياسية) بقيت معظم الميزانيات الائتلافية على حالها، بل إن بعض الوزارات رفعت من ميزانياتها مثل وزارة الأمن القومي التي يتولاها الوزير إيتمار بن غفير.

عمر فندي

فيما يتعلق بميزانيات الخطط الحكومية لتقليص الفجوات في المجتمع العربي داخل إسرائيل بما فيها الأقلية الدرزية والشركسية، فتقرر تقليص 15% من ميزانيات خطط التطوير في المجتمع العربي للعام 2024، وعدم تخصيص ميزانيات إضافية وفقا للقرار الحكومي 550، وتقليص 200 مليون شيكل سنويا كانت مخصصة للسلطات المحلية العربية وفقا للقرار الحكومة حتى عام 2026، ما يعني تقليص ميزانيات لسد الفجوات في الحكم المحلي بـ600 مليون شيكل خصصت للسلطات المحلية العربية، وتقليص 15% من ميزانية مكافحة العنف في المجتمع العربي وفقا للقرار الحكومي 549، على الرغم من انتشار الجريمة خلال العام 2023، وتعد السنة الأكثر دموية في المجتمع العربي، إذ بلغ عدد ضحايا العنف والجريمة خلال العام الماضي 228 ضحية.

وقال الخبير الاقتصادي، عمر فندي، في حديثه لـ"عرب 48" إن "التخفيض العرضي لجميع الوزارات في الميزانية المصادق عليه عام 2024 تغيب عنه الدراسة المهنية لفحص عوامل النمو وعدم المساس بها".

وأكد أنه "كان على وزارة المالية إجراء دراسة عميقة حول البنود غير المجدية للنمو في الاقتصاد وتقليصها، وليس اعتماد خطط تقليص شاملة بشكل عرضي للوزارات المختلفة".

وأوضح أنه "فيما يتعلق بتقليص الميزانيات للمجتمع العربي فإن معنى التقليص المصادق عليه هو نتاج فكر عنصري محض، أصلا هذه الميزانيات لها أثر إيجابي في الاقتصاد الإسرائيلي، وتقليص هذه الميزانيات سيؤدي حتما إلى خفض الناتج السنوي للفرد المنخفض أصلا في إسرائيل بـ10% عن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، وقد توجه لإسرائيل انتقادات كبيرة حول هذه النقطة تحديدا، خاصة وأن المجتمع العربي وفقا لتقرير الفقر الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني هو الشريحة الأكثر فقرا في إسرائيل".

وختم فندي بالقول إنه "يجب ألا ننسى أن وزير المالية جفف ميزانيات السلطات المحلية منذ توزيره، وشركات كثيرة تعمل مع السلطات المحلية دخلت إلى ضائقة مالية وحتى إلى حالة إفلاس بسبب تجفيف موارد السلطات المحلية العربية، خاصة وأن المجتمع العربي يعتمد في اقتصاده على الأعمال المرتبطة بالبنية التحتية والإسكان، وبعض البنود التي يتم تقليصها تمس مباشرة بعائلات فقيرة للغاية أدخلت ضمن برامج لإنقاذها من دائرة الفقر وتحسين قدراتها الإدارية والمالية، فما قدمته وزارة المالية يعد ضربات اقتصادية للمجتمع العربي وليست خطط تخفيض أنفاق رشيدة".

وقال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، المحامي مضر يونس، في حديثه لـ"عرب 48" إن "المجتمع العربي عموما والسلطات المحلية العربية خصوصا ستكون الأكثر تضررا من التقليصات في الميزانية وفقا لميزانية 2024. أصلا التخفيض الذي سيطرأ على الوزارات بنسبة 5% سيمس المجتمع العربي في مختلف المجالات، التعليم، والصحة، وغيرها، ومنذ البداية كانت الميزانيات غير عادلة بالنسبة المجتمع العربي، ولذلك جاءت الخطط الاقتصادية للمجتمع العربي لتقليص الفجوات".

مضر يونس

وأضاف أنه "إضافة للإجحاف يزيد على ذلك تقليص الميزانيات المعدة أصلا لتقليص الفجوات، وخاصة للسلطات المحلية العربية التي منحت مبلغ 200 مليون شيكل بشكل سنوي 2024-2026 في محاولة لتقليل الإجحاف اللاحق بالسلطات المحلية العربية فيما يتعلق بهبات الموازنة التي تمنح من قبل وزارة الداخلية، فقد اتخذوا قرار بإلغائها على الرغم من اعتراف وزارة الداخلية ذاتها بأن هذه الميزانيات فيها إجحاف للعرب بحوالي 500 مليون شيكل. هذه الميزانيات كانت ناقصة، ولقد أقيمت لجنة خصيصا لفحص هذه الفجوة اسمها لجنة سرئيل، وهذه اللجنة قدمت توصياتها، ولم تنفذ توصياتها بعد، ولكي يتم تقليص هذه الفجوات بما فيها قرار 922 وقرار 550 أضيفت ميزانيات موازنة بـ200 مليون شيكل سنويا وتمت إلغاؤها، ونحن نرى أن الإجحاف أكبر، وكذا أيضا بنود خطة مكافحة العنف".

وعن تخصيص ميزانيات إضافية لوزارة الأمن القومي، قال رئيس اللجنة القطرية، إن "هذه الميزانية لا تعود على السلطات المحلية والمجتمع العربي بأي منفعة. بن غفير يتحدث عن توزيع أسلحة وأمن قومي، وهذا لا نشهده في مجتمعنا العربي، وكذا خطط أخرى أضيف لها ميزانيات ونحن لا نرى منها شيئا، هذا عدا عن قرارات وزير المالية الرافضة لتحويل ميزانيات التطوير في العامين الماضيين، هناك ميزانيات تقدر بـ260 مليون شيكل للمجتمع العربي لم تحول، هذه ميزانيات لم تُلغَ، ولكنها لم تحوّل أيضا للسلطات المحلية العربية بداعي وجود منظمات إجرام وغيرها، وتشترط إقامة هيئة تقدم لها مخططات التطوير لتنفيذ هذه الميزانيات من خلال شركات حكومية، بالإضافة إلى ذلك فإننا سنشهد تقليص ميزانيات تطوير وميزانيات القرارات الحكومية الخاصة بالمجتمع العربي، وهذا يعني أن السلطات المحلية العربية ستعاني اقتصاديا بشكل كبير".

وتطرق رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية إلى سبل مواجهة هذه الضربات الاقتصادية، وقال إنه "في المرحلة الأولى سنبذل قصارى جهودنا لمنع هذه التقليصات في لجنة المالية بالكنيست، كما ندرس التوجه للقضاء على الرغم من عدم تفضيلنا للخيار القضائي لسببين، الأول طول الفترة التي يمكن أن تتداول في القضاء، ثم إمكانية عدم نجاح الالتماس، وفيما يتعلق بالاحتجاج فإننا نعيش في فترة صعبة للغاية، فعلى الرغم من تحذير الجهات الأمنية من تداعيات تقليص الميزانيات نعايش ما يفعله رئيس الحكومة ووزير المالية وغيرهما، وكأنهم لا يعيرون هذه الآراء أي أهمية. سنعقد اجتماعا للجنة القطرية قريبا، وكل الاحتمالات مفتوحة".

التعليقات