بلدنا: ارتفاع غير مسبوق في عدد ضحايا جرائم القتل عام 2023

تظهر المعطيات الّتي جمعها فريق البحث من "بلدنا" أنّ جيل الشّباب، من 16- 30 عاما، هو الأكثر تأثّرًا بشكل غير متناسب مع شرائح الجيل الأخرى من جرائم القتل، إذ بلغت نسبة الضّحايا ضمن هذه الفئة العمريّة 51.8%.

بلدنا: ارتفاع غير مسبوق في عدد ضحايا جرائم القتل عام 2023

وقفة احتجاجية ضد العنف والجريمة في سخنين (أرشيف "عرب 48")

يستدل من تقرير إحصائيّ أعدته جمعية الشباب العرب - بلدنا حول ضحايا جرائم القتل أن "العام 2023 شهد ارتفاعًا غير مسبوق في عدد ضحايا جرائم القتل، إذ أنه سقط 222 شخصًا من فلسطينيّي الداخل جرّاء جرائم القتل، أي ما يفوق ضعف عدد الضحايا في العاميّن 2021 و2022، الذي وصل عدد الضحايا فيها إلى 108 ضحية. وهو ما يعادل أيضا مجموع نسبة التصاعد بعدد الضحايا؛ الضعف، منذ العام 2016، الذي بلغ عدد الضحايا فيه 53 ضحية وحتى العام 2022 الذي بلغ فيه 108 ضحية".

وأصدرت جمعية الشباب العرب - بلدنا، في حزيران/ يونيو 2020، تقريرا إحصائيّا حول ضحايا جرائم القتل في أوساط فلسطينيّي الداخل بين الأعوام 2011-2019، وتقريرًا آخر في شباط/ فبراير 2023 بعنوان: "ثلاث سنوات من الدم"، إذ تطرّق الأخير إلى الفترة الممتدّة بين عام 2020 وحتّى نهاية عام 2022.

وقالت الجمعية إن هذه التقارير تهدف إلى تشكيل فهمٍ أوليٍّ لخصائص ظاهرة القتل المنتشرة في الداخل، وذلك من خلال الاطّلاع على بيانات الضحايا التي تشمل أعمارهم، وجنسهم، وبلدانهم، والأداة التي استُخدِمت في قتلهم. استكمالا لذلك الجهد، أصدرت "بلدنا" في كانون الثاني/ يناير 2024، التقرير الإحصائيّ حول ضحايا جرائم القتل في العام 2023، والذي يستعرض أبرز المعطيات المستجدّة خلال العام 2023.

وأوضحت أنه "في سبيل إعداد التقرير الحاليّ، اعتمد فريق البحث على تقصّي البيانات بشكلٍ مفصّل ومعمّق، عبر قراءة الأخبار والتقارير المنشورة حول الضحايا، إذ رُصدت مئات المواد الإخباريّة والتقارير الصحفيّة على المواقع الإلكترونيّة المحليّة العربيّة والإسرائيليّة، بالإضافة إلى تلك الواردة على مواقع بعض الجمعيّات ومراكز المعلومات، وذلك في الفترة الممتدة بين مطلع العام، في كانون الثاني 2023 وحتى نهاية العام. اعتمد فريق البحث على توثيق عدّة مصادر لكلّ جريمة قتل، وذلك لتوخّي الدّقة في جمع المعلومات، خاصّة وأنّ الشّرطة الإسرائيليّة لا توفّر البيانات كاملةً ولا تتيحها عبر قناةٍ واحدة، بل تصدر بيانات متفرّقة حول حالات القتل. لذلك توجّب على فريق البحث جمع المعلومات من عدّة مصادر ومقارنتها وتصنيفها، من ثمّ تحليلها لغرض كتابة التقرير".

وأشارت الجمعية إلى أنّ التّقرير يقتصر على ضحايا فلسطينيّي الداخل فقط، باعتبار أنّ السياق المكانيّ والسّياسي والاجتماعيّ مختلف عن ذلك الموجود في الأراضي المحتلّة عام 1967، وتحديدًا القدس والجولان، التي عادة ما تشملها الجهات الإسرائيليّة المُختلفة ضمن تقاريرها المنشورة في هذا الصّدد.

كما لا يتطرّق تقرير بلدنا إلى جرائم القتل التي سقط ضحاياها أشخاص من الضفّة الغربيّة المحتلّة، الّذين قُتلوا أثناء تواجدهم في قرى وبلدات فلسطينيّة داخل الخط الأخضر، وإن كانت بعض هذه الحالات مرتبطة بظاهرة العنف والجريمة كما يُفترض، لأنّ ذلك يستلزم فهم كافّة السياقات التي قُتل فيها هؤلاء، وبالتالي إجراء تقرير منفصل عن جرائم القتل في هذه المناطق الّتي، كما أسلفت الجمعية، تختلف فيها الأنماط الاجتماعيّة والسياسيّة عن الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. كما يستثني التقرير كلّ من حالات الانتحار، والأشخاص الذين قُتلوا على يد عناصر الشرطة الإسرائيليّة وقوى الأمن المختلفة لأنّها لا تعبّر عن واقع جرائم القتل المرتكبة بين أفراد المجتمع الفلسطينيّ في الداخل. يجدر الانتباه أيضًا، إلى أنّ المناطق والبلدات المُشار إليها في التّقرير تشير إلى البلدة التي ينحدر منها الضحايا، إذ لا يعطي مكان وقوع جريمة القتل دلالات واضحة وذات صلة عن خلفيّات الجريمة.

ويشير التقرير إلى أن العام 2023 قد شهد ارتفاعًا غير مسبوق في ضحايا جرائم القتل، إذ سقط 222 شخصًا من فلسطينيّي الداخل جرّاء جرائم القتل، أي ما يفوق ضعف عدد الضحايا في العاميّن 2021 و2022، الذي وصل عدد الضحايا فيها إلى 108 ضحية. وهو ما يعادل أيضا مجموع نسبة التصاعد بعدد الضحايا؛ الضعف، منذ العام 2016، الذي بلغ عدد الضحايا فيه 53 ضحية وحتى العام 2022 الذي بلغ فيه 108 ضحية.

وقالت الجمعية إنه من الواضح بحسب تقاريرنا الإحصائيّة السابقة، أنّ جرائم القتل في المجتمع الفلسطينيّ في الدّاخل أخذت منحى تصاعديا منذ العام 2019، إذ بلغ المعدّل السّنويّ لجرائم القتل بين الأعوام 2011 و2018، 61 حالة سنويا، بينما وصل المعدّل بين الأعوام 2019 وحتى 2022، 100 ضحية سنويًا، أمّا في العام 2023 وهو الأكثر دموية على الإطلاق، تضاعف هذا العدد في عام واحد ليصل إلى أعلى معدلاته.

وتظهر المعطيات الّتي جمعها فريق البحث من جمعية الشباب العرب أنّ جيل الشّباب، من 16- 30 عاما، هو الأكثر تأثّرًا بشكل غير متناسب مع شرائح الجيل الأخرى من جرائم القتل، إذ بلغت نسبة الضّحايا ضمن هذه الفئة العمريّة 51.8% من مجمل عدد القتلى للعام 2023، المساوية لـ115 ضحيّة، بحيث أنّ النّسبة الأكبر لعدد الضّحايا هي في الفئة العمريّة، 26-30 بواقع 48 حالة قتل. تلي فئة الشّباب، الفئة العمريّة 36-40 بواقع 25 حالة قتل، ومن ثمّ 46-50 بواقع 21 حالة قتل، ومن ثمّ 31-35 بواقع 15 حالة قتل، ومن ثمّ 41-45 بواقع 12 حالة قتل.

ووفقا للتقرير تتّجه نسب القتلى من كلّ منطقة من إجمالي عدد القتلى خلال العام 2023 إلى التّناسب مع التوزيع النسبيّ للفلسطينيّين في المناطق المختلفة، ممّا يشير إلى أنّ ظاهرة العنف والجريمة تنتشر في كافّة مناطق تواجد الفلسطينيّين داخل الخطّ الأخضر.

سجّل الارتفاع الأكبر بعدد جرائم القتل في منطقة الشّمال، إذ وصل عدد الضحايا فيها عام 2023 إلى 115 ضحيّة، وتبلغ نسبتهم من مجمل عدد الضحايا ما يقارب 52%، مقارنة مع 46 ضحيّة عام 2022، إذ بلغت نسبة عدد القتلى في هذه المنطقة نحو 42.5%.

أشارت معطيات عام 2023 إلى ارتفاع في استخدام السلاح الناريّ بنسبة بلغت ما يقارب 93% من إجماليّ حالات القتل، مقارنةً مع العام الماضي التي بلغت ما يقارب 84%. مقارنةً مع معدّل استخدام السلاح الناريّ في جرائم القتل في الفترة بين 2011-2019، إذ وصلت إلى 74% وبلغ معدّلها في فترة بين 2020-2022 إلى 82%، يتضح الارتفاع المتواصل لاستخدام السلاح الناريّ.

وتبين من المعطيات أيضا انخفاض نسبة الإناث من مجمل الضحايا خلال العام 2023، إذ بلغت 6% من مجمل عدد الضحايا، مقارنةً مع الفترة بين 2020-2022 وصلت نسبة قتل الإناث فيها إلى 14%، في حين تراوحت النسبة 16% بين الفترة 2011-2019. وقالت الجمعية إنه لا يشير هذا الانخفاض التدريجيّ بالنسب إلى انحصار حقيقيّ للظاهرة، أو في عدد الضحايا من الإناث، إذ أنّ معدل الضحايا من الإناث، في الفترة الممتدة بين الأعوام 2020-2022 بلغ حوالي 15 امرأة سنويًا، مقارنةً مع العام الحاليّ، إذ بلغ عدد الضحايا 13 أنثى. بكلمات أخرى، ما يفسّر الانخفاض هو زيادة عدد القتلى من الرجال، لتنخفض نسبة النساء من الضحايا لنصف النسبة مقارنة مع الأعوام السابقة.

وذكرت جمعية الشباب العرب - بلدنا أن هذا التقرير هو جزء من مجهود بحثيّ وجماهيري تقوم عليه، منذ العام 2020، إذ أصدرت الجمعية دراسة "العنف والجريمة لدى الشباب الفلسطيني في الداخل - عوامل وسياقات"، والتي نشرتها في آذار/ مارس 2022. وهي دراسة واسعة أجراها فريق بحث مكوّن من باحثين فلسطينيين بالتعاون مع جامعة "كوفنتري" البريطانية. على ضوء الدراسة نظمت اجتماعات عرضت فيها استنتاجات الدراسة على طواقم مهنيّة وفاعلين في قطاع العمل الشبابيّ، ساهموا في وضع التوصيات والمشاريع.

وفي العام 2023، أصدرت الجمعية خطة عمليّة تشمل توصيات ومشاريع للعمل مع الشباب في الداخل الفلسطيني تهدف لمناهضة ظاهرة العنف والجريمة، وتقوم اليوم بتطبيق هذه التوصيات من خلال مشروع تجريبيّ بالتعاون مع بلدية أم الفحم.

التعليقات