23/08/2019 - 21:27

هل حقًا اشترط أيمن عودة "دولة فلسطينية" للانضمام لحكومة غانتس؟

لم يذكر عودة "قضايا السلام"، إلا بعدما سأله المحاوِر ناحوم برنياع، إن كان سيطرح مطالب باسم فلسطين، فأجابه عودة "أتوقّع أن أسمع من غانتس أنه سيسعى للسلام على أساس حلّ الدولتين".

هل حقًا اشترط أيمن عودة

عودة (أ ف ب)

في منشورين نشرهما النائب أيمن عودة، على صفحته في موقع "فيسبوك"، حول حواره مع صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيليّة وضع، في البند الأوّل، "إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة إلى جانب إسرائيل"، ما يوحي لغير قارئي الحوار، وغير قارئي العبريّة عمومًا، أن عودة ركّز على هذا الموضوع خلال الحوار، غير أن الحقيقة تجافي ذلك.

ففي الجزء الأوّل من الحوار، الذي نشر الجمعة، ذكر عودة ضمن شروط التوصية برئيس قائمة "كاحول لافان"، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس، عددًا من القضايا التي توجع ناخبيه، وهي "الإجرام، التخطيط والبناء، العنف و’قانون القوميّة’"، ولم يذكر "قضايا السلام"، إلا بعدما سأله المحاوِر ناحوم برنياع، إن كان سيطرح مطالب باسم فلسطين، فأجابه عودة "أتوقّع أن أسمع من غانتس أنه سيسعى للسلام على أساس حلّ الدولتين، سأدعم بكل اتفاق يوقع بين إسرائيل وبين منظمة التحرير الفلسطينيّة".

أمّا في استعراضه لمطالبه الأربعة للانضمام للائتلاف الحكومي، فأورد عودة، في البند الأخير فقط، ما نصّه "مفاوضات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينيّة، بهدف إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينيّة مستقلة"، ما يعني أن عودة يكتفي بالنوايا قبل بدء المفاوضات فقط، لا بنتائج هذه المفاوضات، من أجل الانضمام للتحالف، رغم أنه ذكر، في موضع آخر في المقابلة، أنّه في "انتخابات 1999، حسم المصوّتون العرب كفّة الميزان لصالح إيهود باراك"، الذي أدّى فشل مفاوضاته مع السلطة الفلسطينيّة إلى اندلاع الانتفاضة الثانية التي استشهد خلالها في الداخل الفلسطيني 13 شابًا.

و"حسن النوايا" المفترض في المفاوضات ناتج، على ما يبدو، لأسباب شخصيّة عدّدها عودة هي دعوة غانتس لعودة للمشاركة في تظاهرة تل أبيب ضدّ الفساد رغم معارضة قيادات "كاحول لافان"؛ واتصاله لاحقًا به.

تجدر الإشارة إلى أنّ برنياع كتب في مقدّمة الحوار أنّ المصوّتين العرب "فهموا أنّ اتفاقا سيحلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطينيّ بعيد جدًا. وأن التركيز فيه تركت المجتمع العربي في إسرائيل في الخلف، على قارعة الطريق، مقصىً من جزء كبير من قطف ثمار النجاح الإسرائيلي"، ما يترك انطباعًا، تعزّزه مطالب عودة المدنيّة، أن الأحزاب العربيّة منشغلة بالأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة (وهو تعزيز لرواية الإعلام الإسرائيلي) وأنّ المجتمع العربي في البلاد أقصى نفسه بنفسه من "قطف ثمار النجاح الإسرائيلي" لا السياسات الإسرائيليّة تجاه المجتمع العربي.

والشروط التي أوردها عودة للانضمام لائتلاف غانتس هي مطالب خدماتيّة بحتة، وهي تطبيق خطّة لجنة رؤساء السلطات المحليّة، التي تشمل وقف هدم المنازل والاعتراف بالبناء على أراض خاصّة، إلغاء قانون كيمنتس، بناء مدينة عربيّة؛ جمع السلاح وإنفاذ القانون ضد منظمات الجريمة؛ بناء مشفى عمومي في مدينة عربيّة، زيادة مخصّصات الشيخوخة، خطّة شاملة لمواجهة العنف ضدّ النساء.

معارضة داخل المشتركة

ولاقت تصريحات عودة معارضة واسعة من الأحزاب التي تشكل القائمة المشتركة، وحتى من حزبه. وقالت النائب عن الجبهة في المشتركة، عايدة توما – سليمان، للإذاعة العامة الإسرائيلية، اليوم، إن أقوال أيمن عودة تعبر عن رأيه الشخصي وأنه يوجد نقاش حول رأيه هذا. وأضافت "أنا متشككة بهذا الخصوص، ولا أرى، لأسفي الشديد، في الخريطة السياسية اليوم، حتى أولئك الذين يحاولون وصف أنفسهم كيسار، وهم بعيدون عن اليسار، لا أرى أن لديهم الشجاعة للقيام بخطوات كهذه".

وتابعت توما - سليمان أنه "لا أرى غانتس، الذي تحدث عن قصف غزة قبل يومين، يفكر بالسلام، لكني أعتقد أن الكرة لدى غانتس ويائير لبيد وكل من يطمح لرئاسة الحكومة".

ووصف النائب د. إمطانس شحادة، من التجمع، أقوال عودة بأنها "بائسة"، وأضاف أنه "دعونا لا ننسى أن غانتس ولبيد لا يريدان التوجه إلى القائمة المشتركة أبدا". وأكد النائب السابق جمال زحالقة على أن أقوال أيمن عودة تتعارض مع موقف المشتركة والتجمع، مشددا على أن "هذه مناورة خطيرة في العلاقات العامة وتمنح شرعية لحزب الجنرالات الذين ارتكبوا جرائب حرب ويتباهون بها".

لبيد وأشكنازي يتنكران لعودة

وقال المرشح الثاني في "كاحول لافان"، يائير لبيد، إن "أيمن عودة لا يمكنه القول لناحوم برنياع ’سنجلس معهم في الحكومة’ ومن ثم يضم إلى قائمته حزب التجمع، وهذه جماعة تكره إسرائيل ولا يعترفون بدولة يهودية. وهذه ازدواجية في الكلام وليست مقبولة على أي أحد عندنا". كذلك قال المرشح الرابع في "كاحول لافان"، غابي أشكنازي، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه "لا نستطيع الجلوس مع أحزاب (عربية) لا تعترف بإسرائيل كدولة يهودية".

واعتبر ليبرمان أن "ما يختبئ وراء الإعلان الغريب لأيمن عودة هي محاولة لإعطاء شرعية لتعاون خطير بين الليكود والقائمة المشتركة، فيما الغاية هي تشكيل حكومة مع الحريديين بدعم الأحزاب العربية".

ورغم الود الذي يبديه أيمن عودة للأحزاب الصهيونية، إلا أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد إردان، وصفه بأنه "مؤيد للإرهاب". وكتب في حسابه في "تويتر" أنه "واضح الآن لمن سيصوت إلى كاحول لافان، أنه سيحصل على ما يبدو على حكومة يسار مع مؤيد للإرهاب".

وقال حزب الليكود في بيان مقتضب إنه "أصبحت الأمور الآن أوضح: بيني غانتس سيشكل حكومة يسار مع أيمن عودة والأحزاب العربية. ومن يريد حكومة يمين عليه التصويت لليكود فقط".

وكتب المحلل السياسي للقناة 12 الإسرائيلية، عميت سيغيل، إن تصريحات عودة "هدية" لليكود، لأنها سوف تستنفر قواعده وتحثهم على التصويت.

التعليقات