04/03/2020 - 20:27

شلحت: المشكلة ليست باللعبة الانتخابية بل باعتبارها "سدرة المنتهى"

رأى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أن النجاح الانتخابي الذي حققته القائمة المشتركة في انتخابات الكنيست الـ23 التي جرت أول من أمس، الثلاثاء، "مهم للغاية" بيد أنه "لا يستطيع وحده أن يحدث تغييرا جوهريا".

شلحت: المشكلة ليست باللعبة الانتخابية بل باعتبارها

(عرب 48)

رأى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أن النجاح الانتخابي الذي حققته القائمة المشتركة في انتخابات الكنيست الـ23 التي جرت أول من أمس، الثلاثاء، "مهم للغاية"، بيد أنه "لا يستطيع وحده أن يحدث تغييرا جوهريا في سلوك الفلسطينيين في إسرائيل".

"عرب 48": هل تعتبر نتائج الانتخابات مفاجئة؟

شلحت: ربما تكمن المفاجأة الوحيدة في استمرار التأييد شبه الجارف لزعيم الليكود واليمين، بنيامين نتنياهو، بالرغم من شبهات الفساد التي تحوم حوله. وبالرغم من الوضوح الكامل بأن سبب الزج في ثلاث جولات انتخاب خلال أقل من عام يعود إلى نيته الهروب إلى الأمام من المحاكمة. ومع ذلك يجب قراءة هذا التأييد في سياقه السياسي وليس الشخصي فقط. ومثل هذه القراءة لا بدّ أن تقود إلى أن الجمهور الإسرائيلي مؤيد في معظمه لسياسة نتنياهو واليمين، والتي لا يُطرح لها أي بديل.

"عرب 48": هل كانت المراهنة على إسقاط نتنياهو واقعية، وكيف ترى هذه الانتخابات على المستوى الإسرائيلي؟

أنطوان شلحت

شلحت: بالنسبة للمراهنة على إسقاط نتنياهو وهل تبدو واقعية، الجواب هو أنها كانت مراهنة ضرورية للأحزاب الصهيونية المعارضة كون الانتخابات في جولاتها الثلاث هي أشبه باستفتاء على استمرار حكمه أو إطاحته. أما بالنسبة للقائمة المشتركة فأعتقد أنها كانت ذات بعد سياسي صرف وثبت أنها خاطبت قطاعات كبيرة من ناخبي القائمة المشتركة. الملاحظة الوحيدة التي يمكن تسجيلها بهذا الشأن هي أنه جرى من طرف البعض تحميل هذه الغاية أكثر مما تحتمل فيما يتصل بدور فلسطينيي الـ48 السياسي في المناخ الإسرائيلي وحتى فيما يتعلق بدور القائمة المشتركة، بما في ذلك الادعاء المتسرّع بأن القائمة هي "اليسار الحقيقي في إسرائيل" مع ما تنطوي عليه مقولة كهذه من أسرلة واضحة أبعد مدى من عملية المشاركة في الانتخابات نفسها.

إن ما تقوله هذه الانتخابات على المستوى الإسرائيلي هو أن هناك تعزيزا لقوة سياسة اليمين الذي كان صوته هو الأعلى حيال القضية الفلسطينية، بل وحتى حيال موضوع المواطنة، إذا ما تناولنا بالتحليل موقف المنافس الرئيسي لليكود، تحالف "كاحول لافان" من القائمة المشتركة، وما شفّ عنه من تغلغل الممارسة العنصرية وكراهية العرب لمجرد كونهم كذلك.

"عرب 48": ما هي الأسباب الرئيسية التي دفعت لتحقيق هذه النتيجة للقائمة المشتركة، وهل النجاح الانتخابي وحده يستطيع أن يحدث تغييرا جذريا في سلوك الفلسطينيين داخل إسرائيل؟

شلحت: إن وحدة العمل السياسي العربي ضمن إطار القائمة المشتركة هو السبب الأساس، بالإضافة إلى الواقع القائم في الحلبة السياسية الإسرائيلية والذي يعبر عن عداء متأصل للعربي وقضاياه القومية وحتى المدنية. لا يمكن تقييم التصويت في أي انتخابات بموجب ما يؤيده الناخبون فقط إنما أيضا وفقا لما يعارضونه، والقصد أن التصويت يكون أحيانا احتجاجيا على نحو رئيسي.

هذا النجاح الانتخابي مهم بل ومهم للغاية، لكنه لا يستطيع وحده أن يحدث تغييرا جوهريا في سلوك الفلسطينيين في إسرائيل. يبقى مثل هذا التغيير مُعوّلاً على سلوك الأحزاب وفيما إذا كانت ترى أنها ليست أحزاب انتخابات فقط، بل أيضا أنها أحزاب لديها برامج تتعلق بالسلوك السياسي العام للفلسطينيين في الداخل الذي يعتبر التمثيل في الكنيست أحد أوجهه وليس وجهه الوحيد. علينا أن ننتظر لنراقب كيف سيتطور هذا المحور بعد أن وجدنا أنفسنا في خضم ثلاث جولات انتخابية خلال أقل من عام، الأمر الذي فرض بكيفية ما على الأحزاب والقائمة المشتركة أن تتصرّف كما لو أنها مجرّد قوى انتخابية.

"عرب 48": هل القيادة الحالية للمشتركة مؤهلة لاستثمار النجاح الانتخابي في تنظيم الجماهير- "لجنة المتابعة"- أم أنها ليست مقتنعة بذلك أصلا؟

شلحت: هذا الأمر يظل مرهونا بأداء الأحزاب كلا على حدة. وأعتقد أن من شأن إقامة حكومة جديدة وإبعاد شبح جولة انتخابية رابعة أن يؤديا إلى طرح هذا الموضوع في أجندة الأحزاب، أو في أجندة بعضها ممن أعتقد أنه مؤهل للقيام بهذه المهمة... لننتظر ونرى.

"عرب 48": هل لا تزال اللعبة الانتخابية صالحة بالنسبة للفلسطينيين في إسرائيل أم أنها استنفدت نفسها، وما هو البديل؟

شلحت: برأيي أن المشكلة ليست كامنة فيما تسميه اللعبة الانتخابية بل في النظر إليها باعتبارها "سدرة المنتهى" بالنسبة إلى الفلسطينيين في إسرائيل. وإلى هذه النظرة يجب أن توجه سهام النقد. كما أنني لا أعتقد أننا يجب أن نبحث عن بديل لهذه اللعبة بل ينبغي، في حال التحرّر من النظرة السالفة السائدة إليها، أن نردفها بما يوازيها من مشاريع تنظيم الفلسطينيين في إسرائيل على المستوى القومي العام وعلى مستوى الفئات الاجتماعية. وربما يتعين في هذا الصدد أن أشير إلى ضرورة الاستفادة من الأبحاث المتخصصة التي تجري في هذا المحور بما تتضمنه من تشخيصات ملفتة ومن تبصرات جديرة بالدرس.

"عرب 48": هل من الممكن أن تؤدي عدم قدرة القائمة المشتركة على تغيير نتنياهو إلى جانب انعدام الفرق بينه غانتس إلى قناعة بأنه لا بد من تطوير العلاقة مع بقية الشعب الفلسطيني وبدء الحديث عن رؤية لحل سياسي يختلف عن طرح الدولتين أو دولة واحدة؟

شلحت: أعتقد أن مثل هذه القناعة يجب أن تكون موجودة بل وراسخة بصرف النظر عن النتيجة التي تشير إليها في سؤالك. فنحن جزء من الشعب الفلسطيني وجزء من القضية الفلسطينية. وقد يكون الأكثر أهمية من الحديث عن حل سياسي البحث في مشروع وطني فلسطيني جامع، وقد بات مُلحا أكثر فأكثر في ضوء آخر التطورات الفلسطينية والإقليمية والدولية. ومرة أخرى أكرّر أن مثل هذا المسار مرهون أكثر شيء بالأحزاب في حال قناعتها بأنها ليست أحزاب انتخابات فقط.

التعليقات