07/09/2020 - 12:31

هل تحدّ خطة "رمزور" من تفشي كورونا في البلدات العربية؟

لم تنجح الخطّة الحكوميّة للحدّ من انتشار جائحة كورونا، المعروفة باسم إشارة ضوئيّة "رمزور" في تحقيق هدفها، فلا تزال أعداد الإصابات ترتفع يوميًا، خاصّة في البلدات العربيّة والحريديّة.

هل تحدّ خطة

غمزو وضباط الشرطة (وزارة الصحة)

لم تنجح الخطّة الحكوميّة للحدّ من انتشار جائحة كورونا، المعروفة باسم إشارة ضوئيّة "رمزور" في تحقيق هدفها، فلا تزال أعداد الإصابات ترتفع يوميًا، خاصّة في البلدات العربيّة والحريديّة.

وتسجل البلدات العربيّة 30% من الإصابات، بحسب ما يكرّر المسؤولون الإسرائيليّون، مع مواصلتها الارتفاع يومًا بعد آخر. وتسيطر البلدات العربيّة على قائمة البلدات التي من المفترض أن يبدأ فيها مساء الإثنين إغلاق ليلي.

وبات من الواضح من تصريحات منسق محاربة كورونا، البروفيسور روني غمزو، وصراخه في بث مباشر على صفحته، أنّه يسعى إلى تحميل المجتمع العربيّ مسؤوليّة فشل خطّته، رغم عدم توفير خطته أيّة أداة للسلطات المحليات العربية لمواجهة الجائحة سوى تحميلها المسؤولية، فلا ميزانيّات رُصدت ولا طواقم عمل مهنيّة وصحيّة دُربّت، ولا إستراتيجيّة إعلامية جديّة وُضعت.

بروفيسور جهاد بشارة
بروفيسور جهاد بشارة

ويقول مدير قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيلنسون، بروفيسور جهاد بشارة، إنّ "الحكومة وكل توجهها منذ بداية الوباء لم تنجح في كبح جماح الوباء. والأرقام تتحدّث عن ذاتها، ولكن هذا لا يلغي طبعا المسؤولية الاجتماعية. فنحن، أيضًا، مقصّرون في تحمل المسؤولية والدليل على ذلك أنّه في الموجة الأولى كانت الإصابات في المجتمع العربي أقلّ بكثير من نسبتنا في الدولة وكنّا أكثر التزاما، لكن في هذه الموجة نلاحظ استهتارًا بالتعليمات وعدم الحفاظ على التعليمات البسيطة بلبس الكمامة والتباعد الاجتماعي وعدم التجمهر، وأحد هذه المظاهر، هي الأعراس".

وشدّد بشارة على حقيقة الفشل الحكومي قائلا "منذ الموجة الأولى كان هناك إهمال واضح تجاه المجتمع العربي، سواء من ناحية توعويّة وإعلاميّة وتخصيص ميزانيات، وهذا لا يحتاج نقاشًا، ولكننا أمام مشكلة الموجة الثانية وعدم الالتزام الذاتي للمجتمع العربي. لا يمكن استمرار الاستهتار لأن هذا يكلفنا حياة أشخاص".

وحول سياسة الإغلاق، استطرد بشارة "وضعت خطة ’رمزور’ خطوات مقبولة لعدم إدخال البلاد للإغلاق، وهذا لا بأس فيه، خلافًا لسياسة الإغلاق التي تبناها رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، وحكومته في الموجة الأولى. وهذه سياسة فشلت، فالإغلاق ليس حلا، وإنّما سياسة يأس تلبي الاحتياجات بشكل مؤقت ولا تخمد النار. فبعد الإغلاق تحتاج إلى علاج وما لم يتوفر علاج فالإغلاق لا يجدي سوى كونه وسيلة اليائس للحد من شعلة ارتفاع التفشي".

ضد إغلاق المدارس في الطيبة ("عرب ٤٨")
ضد إغلاق المدارس في الطيبة ("عرب ٤٨")

وبخصوص العلاج، قال بشارة "نشرت أبحاث أولية عن اللقاح الروسي في مجلة ’ذا لانسيت’ وهي مجلة هامّة جدا، بيّنت أنّ اللقاح يحمل بوادر نجاح في المرحلة الثانية، وهناك إنتاج أولي ناجح، ولكن من المبكر القول إن بالإمكان استخدامه، لأننا بانتظار المرحلة الثالثة لإجراء التجربة على عدد كبير من الناس، وهذه تجربة تحتاج إلى شهور، وما لم ينتج لقاح فعال وناجح ينبغي علينا أن نلتزم بإجراءات الوقاية وتأجيل الأعراس والحد من التجمهر والالتزام بالكمامات والتباعد".

تحميل الضحية مسؤولية وضعها

وختم متناولا خطة "رمزور" قائلا إنّ تحميل المجتمع العربي والسلطات المحلية المسؤولية "هروب من المسؤولية"، ويشرح "فالأعراس مثلا في المجتمع العربي حدث علني تشاهده الشرطة ولا تفعل شيئا، وحتى قبل كورونا، عندما يقدم شخص على إغلاق شارع لإقامة حفل زفاف تمتنع الشرطة عن التدخل وهذه مخالفة قانونيّة يمكن للشرطة منعها بدون أي تعاون من الجمهور. فما بالك اليوم مع كورونا، أناس بدون كمامات وإغلاق شارع وتجمهر وفي الوقت الذي تملك فيه الشرطة جميع وسائل الردع لا تقدم على ذلك".

د. نهاية داوود
د. نهاية داوود

بينما قالت المحاضرة في مجال الصحة العامة في جامعة بن غوريون في بئر السبع، وعضوة لجنة الصحة في لجنة المتابعة، د. نهاية داوود، إنّه "في ما يتعلق ببنود خطة ’رمزور’ وتحويل الثقل إلى الجهد المحلي في مكافحة الجائحة فهذا هو المطلوب. ولكن كان يفترض تشكيل طواقم مهنية وصحية متعدّدة التخصصات في السلطات المحلية، وهذا يتطلّب توفير ميزانيات للسلطات المحلية، وهذا لم يتوفر لها" وشرحت "إذا نظرنا إلى الموجة الأولى، كانت نسبة إصابات العرب 5% ووعدت السلطات المحلية بتوفير الميزانيات، وبطبيعة الحال مع موارد ضعيفة، ولدى تخصيص الميزانيات في الموجة الأولى كان نصيب السلطات المحلية 2.3% فقط من الميزانيات، وهذا سبّب غضبا كبيرا في السلطات المحلية العربية، التي يلقى عليها المسؤولية دون توفير ميزانية لذلك".

وتابعت د. داوود "لا يمكن تقدير الشّارات الضوئية لخطة ’رمزور’ بناء على النتائج الصحية فقط، ولا يمكن تناول الأمور بصورة جافة دون معايير إدارة البلد للأزمة، والطاقم المهني المتوفّر في مجال الصحة والصحة العامة؛ أمّا المستوى الثاني فهو الميزانيات وما مدى تجنيد السلطة المحلية للميزانيات من الحكومة بغية مواجهة الجائحة؛ والمستوى الثالث هو مشاركة الجمهور وهذا أمر هام في الصحة العامّة لبناء الثقة بين الناس والتعليمات والاختصاصيّين الذين يعملون في الميدان، مع تشغيل الشباب غير المدمج في سوق العمل في فترة كورونا، وكي تنجح خطة ’رمزور’ يجب إدماج قضية التنظيم في السلطات المحلية، وقضية الميزانيات ومشاركة الجمهور. بدون هذه العوامل فالخطة هي تحميل الضحية مسؤولية وضعها، والمجتمع العربي هو ضحية سياسات".

وختمت د. داوود "لا يمكن تحميل المجتمع العربي مسؤولية تفشي المرض، فمن يستطيع إغلاق مساجد ومدارس يستطيع منع إقامة حفلات أعراس جماعية. الحكومة التي تستطيع إغلاق دولة كاملة وتغلق قاعات الأعراس تتخلّى عن مسؤوليتها. وكان ينبغي إيجاد حلول للأعراس وليس إغلاق قاعات أعراس دون بدائل. ولا أحد يسمع نداء المجتمع العربي، هناك كابينيت كورونا لا يوجد فيه أي مختص عربي، وهذا خطأ كبير جدا، عدا عن عدم توفير الأدوات والموارد للسلطات المحلية العربية، وعدم ملاءمة البدائل للحجر، أيضًا، في المرحلة الأولى، فلا يمكن أن يلائم المجتمع نفسه للتعليمات بل يجب أن تلائم التعليمات المجتمع، وهذا ما حدث ويحدث الآن في خطة ’رمرزور’، بل أقول هذا ما أحدث حالة انفلات على التعليمات في المجتمع العربي".

مضر يونس
مضر يونس

بينما قال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، المحامي مضر يونس، "خطة ’رمزور’ قد تكون خطة جيّدة، هناك تساؤلات وانتقادات للخطة من حيث كيف تتم عملية التصنيف للبلدات والمعايير المتبعة والنتائج التي قد تكون وخيمة على البلدات الصغيرة، فنحن نريد خطة تمكّن سيرورة حياة في ظل كورونا، ما أطالب به أبناء شعبي ومجتمع هو تحمل المسؤولية المجتمعية واتّباع التعليمات".

وحول دور الشرطة في تطبيق التعليمات "قد نقول إنّ الشرطة لا تقوم بتطبيق التعليمات لسببين؛ أولًا أنها لا تستطيع؛ والسبب الثاني قد يكون أنّها لا تريد، ولو أصرّت الشرطة على فرض تعليمات عدم التجمهر لربما يمكن كبح حالات التجمهر، وهو المسبّب الأول لتفشي المرض في المجتمع العربي، ولكنّني لا أغفل عن المسؤولية المجتمعية والقيادية التي تتطلب منا كقيادات عدم المشاركة في الأعراس".

وحول خطة ’رمزور’ في ما يتعلق بمسؤوليات المجالس المحلية "السّلطات المحلية لا تملك صلاحيات تطبيق التعليمات وتنفيذها، وفي أقصى حدّ يمكن للسلطات المحلية التحذير والتوعية، وكذلك لا تملك ما يكفي من الموارد سوى تسيير دوريات توعية وطرود ولدينا صعوبات كبيرة. لدينا صعوبات في ما يتعلق بالتعليم عن بعد، فالحكومة والوزارة لم تقوما بواجبيهما في تجهيز الحواسيب وهي غير كافية، فهناك قلق كبير وبات خطر كبير على السنة التعليمية القادمة وفقط تصرفنا المسؤول هو من يحمينا".

وختم يونس "من الواضح أنّ للسلطات المحلية دورًا أساسيًا، وهذا يحتاج إلى ميزانيات جمّة، ولكن للأسف الشديد نقول صلاحيات التنفيذ في يد الحكومة والشرطة، ونلاحظ أن الشرطة لا تتوفر لديها الإمكانيات، وقد تكون لا تملك القرار أو لا تريد أن تملك القرار في قضية التعامل مع التجمهرات، ولذلك نناشد مجتمعنا أن يحمي نفسه فلا يحك جلدك مثل ظفرك وكما تصرف بمسؤولية في الموجة الأولى نطالب بمسؤولية في الموجة الثانية".

التعليقات