06/06/2023 - 22:35

السيطرة العائلية على الانتخابات المحلية والأحزاب السياسية

يعزو الخبراء سبب المشاركة القياسية في الانتخابات المحلية في المجتمع العربي، إلى أنها تمثل المصدر الشبه الوحيد لكل النشاطات الاقتصادية في البلدات العربية، بما في ذلك المشغل الأساسي للقوى العاملة...

السيطرة العائلية على الانتخابات المحلية والأحزاب السياسية

صورة لطابور خارج أحد غرف صناديق الاقتراع بسخنين (Getty images)

تعيش البلدات العربية هذا العام انتخابات السلطات المحلية نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، والتي تشكل الحدث الأكثر أهمية ومشاركة، حيث تبلغ نسب المشاركة في هذه الانتخابات في المجتمع العربي ما يفوق 95%، والأكثر حساسية وصعوبة، وكثيرا ما يحمل الحدث معه أحداث عنف مجتمعي بعضها دامٍ.

وعند النظر إلى طبيعة الانتخابات المحلية، يمكن الملاحظة بسهولة سطوة العائلات على طبيعة الانتخابات في السلطات المحلية العربية، واستثناء القليل من القوائم والمرشحين. حيث تسيطر العائلات على رئاسة البلديات وعضوية المجالس البلدية في المجالس المحلية أو البلديات، مما يجعلها أسيرة للمصالح العائلية الضيقة.

ويوجد 83 سلطة محلية عربية، بما في ذلك 10 بلديات و 71 مجلسا محليا ومجلسين إقليميين، بالإضافة إلى مشاركة أبناء المجتمع العربي في الانتخابات المحلية في مدن الساحل الفلسطيني؛ عكا، حيفا، يافا، اللد والرملة، ومدينتي كرميئيل ونوف هجليل.

ويعزو الخبراء سبب المشاركة القياسية في الانتخابات المحلية في المجتمع العربي، إلى أنها تمثل المصدر شبه الوحيد لكل النشاطات الاقتصادية في البلدات العربية، بما في ذلك المشغل الأساسي للقوى العاملة في غياب دور فاعل للحكم المركزي وغياب مناطق صناعية في البلدات العربية مثل تلك الموجودة في البلدات اليهودية، حيث تشكل العمل الرئيسي للنشاطات الاقتصادية.

وفي ما يتعلق بطبيعة الانتخابات المحلية في البلدات العربية، يقول رئيس بلدية عرابة ومرشح الجبهة للدورة القادمة، عمر نصار في حديث لـ"عرب 48": "أنا مرشح حزبي داخل إطار الجبهة، ومنذ نعومة أظفاري أنا داخل إطار الجبهة. انتخبت لهذه الدورة وأعلنتها داخل إطار الجبهة أنها ستكون الدورة الأخيرة التي أترشح فيها لرئاسة بلدية عرابة".

رئيس بلدية عرابة ومرشح الجبهة للدورة القادمة، عمر نصار

وحول كونه ابن عائلة كبيرة في عرابة ودور العائلة في الانتخابات، قال نصار إن "الحكم على مرشح ليس حسب انتمائه الاجتماعي والعائلي وهويته الاجتماعية، وإنما وفقًا لنشاطه ومواقفه السياسية والوطنية. أنا ابن تنظيم سياسي، والتنظيم هو الذي رشحني لهذا المنصب، ولم أطرح ترشيحي على العائلة ولم تفرضني العائلة. بل تنظيمي السياسي هو الجبهة، والتي انضممت إليها منذ نعومة أظفاري حتى اليوم، وأعتز بترشيحي هذا. وبعد الترشيح، أطلب دعم جميع العائلات وليس عائلتي فقط".

وحول سيطرته على الترشيح في جبهة عرابة، قال نصار: "لا توجد سيطرة لأي فرد على تنظيم كبير مثل جبهة عرابة. قبلي كانوا مرشحين وفي فترتي أيضًا كانوا مرشحين وانتخبوا. ولقد أعلنت أنها ستكون آخر فترة ترشيح لي، وستكون هناك قيادات جديدة تكمل هذا الدور. وأنا واثق أن الجبهة قادرة على فرز قيادات جديدة".

وحول سطوة العائلة على سير الانتخابات المحلية والترشيحات فيها، قال رئيس بلدية الطيبة، شعاع منصور مصاورة في حديث لـ"عرب 48": "مما لا شك فيه، في غياب الأحزاب وتدهورها، صار هناك فراغ يجب أن يملأه أي طرف سياسي. وفي غياب الأحزاب والتنظيمات السياسية، أصبحت العائلات هي المسيطر الأساسي على انتخابات السلطات المحلية، ونرى ذلك في جميع البلدات العربية. حتى الأحزاب أصبحت تدخل ائتلافات عائلية تلتف حول مرشح عائلي أو تطلب الدعم من العائلة. ومما لا شك فيه، العائلة تمتلك قوة في الانتخابات المحلية".

رئيس بلدية الطيبة، شعاع منصور مصاورة

وبما يتعلق بدور العائلة في الانتخابات المحلية، أشار رئيس بلدية الطيبة إلى "وجود جوانب إيجابية وسلبية". من الجوانب الإيجابية، يمكن أن توفر العائلة دعمًا وتعاونًا للمرشحين وتعزيز فرص نجاحهم في الانتخابات، على حد قوله. ومن الجوانب السلبية، يمكن أن تنتج العائلات أحيانًا مرشحين غير كفء فقط بناءً على انتمائهم لعائلات كبيرة، مما يؤدي إلى سيطرتهم على بلديات أو أعضاء المجالس المحلية وتحكمهم في مستقبل البلدات العربية، وفق تعبيره.

أما عن الواقع في مدينة رهط والنقب، لفت مرشح قائمة التحالف "شراكة لكل الناس"، حسن النصاصرة، إلى غياب الأحزاب تمامًا عن الانتخابات المحلية في النقب، وحتى الأحزاب نفسها غيبت نفسها عن هذه الانتخابات.

حسن النصاصرة

وأشار إلى أنه في رهط، هناك قائمة وحيدة غير عائلية، وأن الاستقطاب عادة يكون عائليًا، حيث يتقوقع المرشحون داخل العائلة، وأكد أن من يتم انتخابه يجب أن يخدم العائلة والقبيلة ليحصل على فرصة انتخاب جديدة في المرات القادمة داخل العائلة ثم البلدة أو المدينة.

وأشار المرشح أيضًا إلى أن الترشيحات التي تسمى ترشيحات للحركة الإسلامية عادةً ما تكون عائلية، وأن الاختيار يعتمد على حجم عائلة المرشح وتتغطى تحت مظلة الحركة الإسلامية. ولفت الانتباه إلى أن هذا الواقع غير سار في مدينة رهط، حيث فرص النجاح لمرشح الإسلامية الجنوبية تكاد تكون معدومة.

وبشأن العقبات التي تواجه السلطات المحلية نتيجة سطوة العائلة، أكد المرشح لتحالف "كل الناس" أن المشكلة الأساسية تكمن في تحكم المرشح بالعائلة ومصالح العائلة وغياب الرؤية المستقبلية والتقوقع داخل بنية العائلة.

واعتبر أن الوقت قد حان للتفكير في كيفية التخلص من هذا الواقع حيث تتحكم القبيلة في المدينة. كما أشار إلى أن هذا الواقع يؤدي إلى حدوث حالات عنف مجتمعي، وأن تحسين واقع السلطات المحلية العربية يتطلب التخلص من هذا الواقع.

اقرأ/ي أيضًا | "في بلدنا انتخابات"...

التعليقات