النقب: تهجير تحت غطاء إقامة بلدة عربية جديدة

قدمت اللجنة القطرية للتخطيط والبناء توصياتها، الأسبوع الماضي، بشأن إقامة تجمع سكاني جديد مخصص للعرب في قرية عبدة بمنطقة النقب، جنوبي البلاد، ويهدف المخطط إلى استيعاب 1,500 عربي من قرى عربية في المنطقة وتجمعات سكانية صغيرة مجاورة.  

النقب: تهجير تحت غطاء إقامة بلدة عربية جديدة

قرية عبدة بالنقب، أيار 2019 (تصوير "عرب 48")

قدمت اللجنة القطرية للتخطيط والبناء توصياتها، الأسبوع الماضي، بشأن إقامة تجمع سكاني جديد مخصص للعرب في قرية عبدة بمنطقة النقب، جنوبي البلاد، ويهدف المخطط إلى استيعاب 1,500 عربي من قرى عربية في المنطقة وتجمعات سكانية صغيرة مجاورة.  

وبحسب إعلان اللجنة الإسرائيلية، من المخطط أن تضم القرية 500 قسيمة سكنية، بالإضافة إلى قسائم للمباني العامة.

صهريج مياه في عبدة​​​​

وصادقت اللجنة أيضا على أن تشمل هذه القرية قسائم من أجل تطوير السياحة. كما صادقت على أن تكون زراعية الأمر الذي يتماشى مع نمط حياة السكان. ومن المفترض أن تتبع القرية نفوذ المجلس الإقليمي "هار هنيغب" (جبل النقب).

خدمات حياتية مسلوبة

وقال أحد سكان قرية عبدة، جمعة طنطاوي، لـ"عرب 48": "نحن نرحب بالاعتراف بشرط أن لا يأتي على حساب أحد، وأن يلائم نمط حياتنا بشكل فعلي وليس فقط بالأقوال".

وأضاف أن "القسائم التي وافقوا عليها هي قليلة جدًا، ونحن لا نرغب في إحضار أحد إلى قرية عبدة، بل نريد أن يتم الاعتراف بكل القرى في مكانها وإيقاف هدم البيوت ومنح الخدمات الحياتية لسكان خط 40".  

مسجد عبدة

وتقع القرى العربية عبدة والبَقار ووادي أريحا على جانبي شارع رقم 40 في منطقة النقب الجنوبي، وهي من القرى العربية الوحيدة في النقب الواقعة خارج منطقة السياج التاريخية.

وتحرم السلطات الإسرائيلية أهالي القرى، مسلوبة الاعتراف، الواقعة على خط 40 منذ سنوات، من أبسط الخدمات الحياتية، رغم أن قرية عبدة أدارت في المحاكم الإسرائيلية قضاياها لمدة 35 عامًا لتحصيل الاعتراف ولم تنله إلا خلال الشهر الماضي، كما قدم سكانها نضالًا قضائيًا وشعبيًا طويلاً لتحصيل حقهم في المياه. 

وتبعد قرية البقار عن عبدة مسافة 5 كيلومترات ويسكنها أكثر من 500 عربي، وهي قرية تاريخية ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ قبل العام 1948. وتضم القرية مقبرتين وآبار مياه، ولا تتوفر الخدمات التعليمية والصحية، لذلك يضطر سكان القرية إلى السفر لمسافات طويلة للحصول عليها. ويتم تدريس أطفال القرية وطلاب المدارس الابتدائية بمدرسة "عين عبدات" بقرية عبدة. ويتم نقل طلاب المدرسة الثانوية يوميًا لبلدة شقيب السلام (على بعد 60 كم)، أو إلى قرية بير هداج (30 كم).

مساكن في عبدة

وتم الاعتراف بقرية البقار منذ 5 أعوام، لكن لم يتغير الواقع الحياتي فيها في ظل الاعتراف، وتم سحب الاعتراف منذ قرار إقامة القرية العربية في قرية عبدة. ويعاني أهل القرية من هدم بيوتهم وتجريف حقولهم ودمار متكرر من قبل السلطات الإسرائيلية.

لا للتهجير

وقال أحد سكان قرية البقار، هليل أبو جليدان، لـ"عرب 48" إنه "لا نوافق على الرحيل من البقار. البقار تلقت اعترافًا قبل 5 أعوام ونحن نريد البقاء في بيوتنا. لقد تم هدم منزلي عدة مرات في الأعوام الماضية وبالرغم من ذلك لا أريد الرحيل من القرية".

وأضاف أن "السكن في قرية أخرى مع أناس آخرين سوف يسبب المشاكل والخلافات بسبب اختلاف أنماط حياتهم".

انعدام الكهرباء والماء والرعاية الصحية

ولا تتوفر لسكان القرية سوا نقطة مياه واحدة على الشارع الرئيسي تبعد 2.5 كم من بيوت سكان القرية. وقام سكان القرية بتثبيت أنابيب خاصة بهم لربط منازلهم بالمياه الجارية، وهم بأنفسهم يهتمون بصيانة الأنابيب.

كما لا يتوفر التيار الكهربائي في القرى الثلاث البقار ووادي أريحا وعبدة، وقام سكان القرية باستخدام الألواح الشمسية ومولدات الكهرباء، مؤخرا.

ولتلقي العلاج الطبي يضطر سكان القرى الثلاث للسفر إلى مدينة "يروحام" (مسافة 25 كم) أو إلى منطقة الجرن "متسبيه رامون" (30 كم) أو إلى شقيب السلام (60 كم).

ومخطط إقامة قرية تجمع المواطنين العرب في منطقة خط 40 ليس جديدا بل بدأ منذ العام 2006، ولكن بالرغم من الواقع الحياتي الصعب والتضييق الحكومي لم يقبل الأهالي سابقًا الانتقال من أماكن سكنهم. وفي المنطقة المحيطة بالقرى الثلاث تتواجد العديد من المزارع الفردية اليهودية والتي تتلقى دعمًا حكوميًا وتسهيلات للاستمرار في عملها في تقديم خدمات السياحة، وبالمقابل يعمل معظم أهالي قرية وادي أريحا، مسلوبة الاعتراف، في تقديم خدمات سياحية والتعريف بالثقافة العربية البدوية في المنطقة، ولكن ترفض مؤسسات الدولة التعامل معهم بنفس الطريقة.

يريدون الحياة

حايا نوح

وقالت مديرة منتدى التعايش السلمي في النقب، والذي ينشط في قضايا القرى العربية في منطقة خط 40، حايا نوح، لـ "عرب 48" إن "التضييق على أهالي القرى العربية خارج منطقة السياج هو فعل تاريخي، تحدد لهم الدولة شكل بناء بيوتهم وأي المواد بإمكانهم استخدامها وتحدهم في الخدمات، فقد ناضلت العائلات من أجل المياه وإيقاف الهدم لسنوات".

وأضافت: "لا خيار للعديد من السكان سوى القبول بالاتفاق فالحياة في تلك منطقة صعبة جدا، ولكن قد يؤدي القبول بالقرية الجديدة لمشاكل بين العائلات المختلفة وعدم ملاءمة الواقع الحياتي الجديد لهم".

وأكدت نوح أن "الوضع المثالي أن يتم الاعتراف بكل قرية على أرضها وإعطائها الخدمات اللازمة مثلما يتم دعم المزارع الفردية اليهودية. الناس في قرى البقار وعبده ووادي أريحا تريد الحياة".

 

التعليقات