النقب: تطوير أدوات النضال وطرق أبواب المحافل الدولية

يعيش ربع مليون عربي فلسطيني في منطقة النقب، جنوبي البلاد، يعانون التمييز الصارخ في حقوقهم الأساسية في مجالات السكن والتربية والتعليم والأجور والتوظيف وغيرها.

النقب: تطوير أدوات النضال وطرق أبواب المحافل الدولية

(توضيحية)

يعيش ربع مليون عربي فلسطيني في منطقة النقب، جنوبي البلاد، يعانون التمييز الصارخ في حقوقهم الأساسية في مجالات السكن والتربية والتعليم والأجور والتوظيف وغيرها.

وتشهد القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب، كارثة إنسانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، إذ تحرم هذه القرى العربية من أبسط مقومات الحياة جراء سياسات وممارسات الظلم والإجحاف والتقصير من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بحق السكان هناك لا لشيء إلا لأنهم عرب أصروا على التمسك بأرضهم رافضين مخططات الاقتلاع والتهجير عن أرض النقب.

ناشطو حراك "برافر لن يمر" مع مجموعة طلاب بريطانيين

ويشكل المجتمع العربي في النقب، اليوم، أكثر من ثلث سكان المنطقة في حين أن المجتمع اليهودي في المنطقة ازداد بشكل كبير في أعقاب خطة تهويد النقب.

وحسب تقديرات مركز الإحصاء الإسرائيلي فإن 28% من العرب في النقب يسكنون حتى الآن في قرى مسلوبة الاعتراف إسرائيليا.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه بين 144 بلدة قائمة في النقب، بدون المزارع الفردية (اليهودية في معظمها) توجد 18 قرية عربية أي نسبة %15 من البلدات في النقب فقط.

ويظهر الفصل في السكن بشكل شبه تام بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي، إضافة للتمييز في السكن من خلال مسح أوضاع السكن في القرى العربية بكل أشكالها والبلدات والتجمعات اليهودية في النقب.

ناشطون أجانب يطلعون على أوضاع النقب

بلدات جديدة

وضعت عدة خطط لإقامة بلدات جديدة في النقب، غالبيتها لليهود، في حين أن نمط المعيشة العربي المحافظ يعتمد بالأساس على الزراعة، و"البلدات البدوية" المعترف بها هي بلدات مدنية لا تسمح بهذا النمط من المعيشة.

عمليا، دولة إسرائيل لا تسمح لسكان المجتمع العربي في النقب بالاختيار بين مكان سكن مدني أو زراعي. ويستدل من المعطيات المتوفرة أن سكان البلدات العربية في النقب يندرجون في السلم الاجتماعي- الاقتصادي الأدنى في إسرائيل، وفي المقابل تندرج العديد من البلدات اليهودية الملاصقة للبلدات العربية في أعلى السلم.

لا ينحصر التمييز الإسرائيلي في مسألة الحق بالسكن فحسب، بل إن الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة والحق في الكرامة المعتمدة دوليًا تنتهك، فقد استشهد 5 مواطنين في النقب خلال عامين فقط برصاص الشرطة الإسرائيلية، كما قتل طفلان في قرية الزرنوق بسبب مخلفات الجيش الإسرائيلي، بالإضافة لهدم 2,775 منزلا خلال العام 2018 فقط وغيرها من الانتهاكات.

جولة طلاب جامعة إكستر بريطانيا في النقب

محافل دولية

أثير موضوع التوجه إلى المحافل الدولية في العديد من المواجهات مع المؤسسة الإسرائيلية، وفي أعقاب المس الصارخ بحقوق الإنسان وحقوق الأقليات المُلزمة إسرائيل بتطبيقها حسب الاتفاقيات الدولية.

وفي هذا السياق، حاور "عرب 48" مجموعة من المختصين في العمل الدولي حول الأدوات والآفاق للعمل الدولي في قضايا النقب.

د. منصور النصاصرة

وعن النشاط الدولي الأكاديمي في قضايا النقب، قال المحاضر في موضوع العلاقات الدولية في جامعة بئر السبع، د. منصور النصاصرة، لـ"عرب 48" إن "القوانين الدولية المختلفة سواء كانت تخص الشعوب القومية أو الأقليات هدفها الحفاظ على حقوق الأقليات، وكذلك القوانين الدولية هي موجهة بهذا الاتجاه، ولهذا أعتقد أن النقب لم يستنفذ نضاله العالمي وهنالك حاجة جدية لإعادة التوجه إلى العمل الدولي والمحافل العالمية، والاعتماد على المواثيق الدولية والمطالبة بتطبيقها".

وأضاف: "هناك الكثير من المؤسسات الدولية التي ترافع باسم الأقليات في العالم لذلك علينا تعزيز زيارة المختصين والطلاب من الجامعات الدولية، وبالأساس نشهد اليوم قبولًا وتوجهًا من طلاب جامعة إكستر ومختلف جامعات بريطانيا ورغبة في القدوم إلى النقب، للتعرف على قضاياه والانكشاف على وضع حقوق الإنسان فيه من أجل أبحاثهم العلمية، ومساهماتهم الدراسية ونشاطهم السياسي".

وختم النصاصرة بالقول: "نهتم جدًا بدور المعلمين والمحاضرين الجامعيين الذين أبدوا اهتمامًا اختصاصيًا وجديًا في قضايا الشعوب الأصلانية ومنها عرب النقب، وهم باب لتطوير أداة المرافعة الدولية لدينا التي نحتاجها بشدة وقد تشكل رافعة لعملنا السياسي ككل".

عدالة

وقال مسؤول مركز عدالة في النقب، مروان أبو فريح، لـ"عرب 48": "يعمل مركز عدالة في النقب على عدة أصعدة أولها المجال القضائي والتمثيل في القضايا الحياتية والخدماتية، وكشف وتعرية المخططات السلطوية لسلب الأرض وتهجير عرب النقب، وتحسين وضع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في قرى النقب، بالإضافة إلى عمل عدالة الدولي لإيصال الصوت العربي حول الانتهاكات السلطوية لحقوق الإنسان في النقب والداخل الفلسطيني عامة".

مروان أبو فريح

وأضاف: "نعمل في عدالة على تعزيز النشاط الدولي عبر استضافة باحثين وأكاديميين وناشطين ومؤسسات حقوقية عالمية، للتعريف بقضايا النقب وإيصال الصوت المعارض لممارسات إسرائيل القمعية إلى الأروقة العالمية. وفي هذا السياق، استضاف مركز عدالة في النقب للسنة التالية على التوالي مجموعة باحثين وأكاديميين من جامعة إكستر في بريطانيا ضمن مساق 'دراسات الصراع' في قسم السياسة التابع لكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية في الجامعة لمدة 10 أيام كجزء من دراستهم الجامعية. نرى أن هذا التعاون المستمر رافعة لعملنا الدولي وضمانًا لبقاء صوت النقب في المحافل الدولية حيث سيقوم هؤلاء الطلاب بتقديم تقارير بحثية حول زيارتهم ووضع حقوق الإنسان الذي عاينوه بشكل مباشر".

وختم أبو فريح بالقول: "أشكر المؤسسات الناشطة، محليًا ودوليًا، والناشطين المحليين الذين تعاونوا للوصول بعملنا الدولي إلى وضع أفضل وكانوا شركاء في إنجاح جولتنا الأخيرة. أثبتت هذه الجولة حجم القدرات الموجودة في مجتمعنا والتي تحتاج فقط لإعطاء الفرصة وبناء إستراتيجية عمل دولية شمولية لكافة المؤسسات المعنية، تحسن الأداء وتعطي الشباب الفرص في مقابل انحسار إمكانيات النضال المحلي والقضائي في المحاكم الإسرائيلية".

رافعة

وقالت طالبة القانون والناشطة في مجال حقوق الإنسان والحاصلة على لقب في دراسات الشرق الأوسط، هدى أبو عبيد، من قرية اللقية في النقب لـ"عرب 48" إن "العمل الدولي رافعة تتحول مع الوقت إلى عامود أساسي في النضال والتأثير على السياسات والمواقف الدولية، وتكون إلى جانب العمل المحلي قوة تأثيرية ومنصة قد تكون الأهم اليوم من بين طرق التأثير".

هدى أبو عبيد

وأكدت أنه "رغم وجود عمل دولي في النقب يقوم به مركز عدالة ومركزها مروان أبو فريح مشكورين على جهودهم، ومنتدى التعايش في النقب عبر عناوين نقباوية ومديرته حايا نوح، نرى أن هناك حاجة جدية للمزيد من العمل الدولي في قضايا النقب على سياسيينا وبقية مؤسساتنا الوطنية التوجه إلى العالم والدفع بالعمل الدولي لمراحل أكثر تقدمًا".

وختمت أبو عبيد بالتطرق إلى نجاح تجربة العمل الدولي في النقب: "في العام 2013 خلال المعركة ضد مخطط 'برافر' اتحدت معنا عشرات الحراكات واستطاع حراك 'برافر لن يمر' أن يحرك وقفات احتجاجية في ما يقارب 60 دولة، ولغاية اليوم ما تزال هذه المجموعات تذكر تجربة النقب، واستطاع هذا الضغط أن يساهم في إسقاط المخطط ونحن بحاجة لعودة هذه الحالة لأن الهجمة على النقب مستمرة والمخططات التهجيرية أصبحت واقعًا".

حقوق الإنسان

وقالت الناشطة في حقوق الإنسان، د. فرح ميهلر، لـ"عرب 48": "نشطت في مجال حقوق الإنسان والمرافعة الدولية لقضايا النقب لأول مرة في العام 2011 ضد مخطط 'برافر' وعلى الرغم من إسقاط المخطط صدمت لرؤية تنفيذ ذات السياسات الاقتلاعية لغاية اليوم".

د. فرح ميهلر

وأضافت أنه "بالرغم من أن المشكلة الأساسية لعرب النقب هي في حقهم بالأرض إلا أن انتهاكات أخرى لحقوق أساسية تمارس عليهم أيضًا مثل الحق في التعليم والصحة والمياه النظيفة وغيرها، بالإضافة إلى الملاحقة السياسية لقياديين وناشطين في النقب ولا ننسى نضال المرأة النقباوية ضد كل أشكال الاضطهاد من الدولة والمجتمع، كل هذا مخالف لحقوق الإنسان الدولية".

وختمت ميهلر بالقول: "حسب رأيي أكثر ما يعاني منه عرب النقب هو التمييز وهو سياسة محركة لكل السياسات الأخرى، ويجب مواجهة التمييز بدراسة والتوجه الصحيح للمواثيق الدولية، لإثبات انتهاكات الديمقراطية عبر سلب الحقوق الأساسية من المواطنين العرب الأمر الذي تمارسه إسرائيل وتدعي عكسه. أفخر جدا بصمود وعناد عرب النقب على مواقفهم وتمسكهم بحقوقهم الأساسية، وأشد على أيديهم لأنهم مجموعة أصلانية لها حقوق وتحاول انتزاعها".

 

التعليقات