31/10/2010 - 11:02

إعصار في سياق هذا العصر / عزمي بشارة

إعصار في سياق هذا العصر / عزمي بشارة
منذ عصور أقلع الناس عن عادة تقديم قرابين بشرية أو غير بشرية للتهدئة من روع الطبيعة ولتخفيف غضب النهر في فيضانه. ولكن إقلاع الناس عن هذه العادات لم يغير في الجوهر ميزان القوى بينهم وبين الطبيعة.

لا توجد في مواجهة الطبيعة في حالاتها المتطرفة دول عظمى. كل الدول دول عالم ثالث أمام الطبيعة. ومع ذلك ليست دول العالم سواسية في التعامل مع آثار كارثة بعد أن تهدأ الأرض والسماء. ولذلك تفاجأ الأميركيون وتفاجأ معهم العالم الذي عرفهم جيوشا منظمة على بوارج وحاملات طائرات، أو علما على أكياس طحين وسكر من "الأميركان إيد" تصلح لتفصيل ألبسة داخلية لأبناء الفقراء في المخيمات بعد استهلاك ما تحوي، أو أبطالا في الأفلام ينقذون العالم قبل اصطدام جرم سماوي به بدقيقة تكفي لضغط زر تسبقه نكتة، فالأميركي، مثل بوش، لا يفقد روحه الفكاهية قبل دمار العالم بدقيقة. والأبطال المصطفون لإنقاذ البشرية مرة أبيض ويهودي، ومرة أبيض وأسود، ومرة أبيض وامرأة...تغيرت الأسماء والوجوه بموجب التقليعة الدارجة ولكنهم لم يغيروا عادتهم في الإستبسال لإنقاذ البشرية.

اعتقدوا أنهم دولة عظمى قادرة على إخلاء الملايين وإيوائهم وقادرة على تجنيد ونقل ملايين الشباب للقيام بعمليات إنقاذ، بشرط أن الشباب جنود وأن الإخلاء والإيواء يتمان خارج البلد في عملية حربية أو في فيلم. أميركا هي دولة بالحد الأقصى من مواصفات الدولة خارج أميركا أمام العدو وفي الحرب. أما داخل أميركا فالدولة كلمة بذيئة بنظر ربابنة المحافظين الجدد النيولبراليين، وبنظر المعجبين فيهم في بلادنا، دولة بالحد الأدنى في قطاع الخدمات والصحة والرفاه والاقتصاد. "دولة مكسيمالية" نحو الخارج و"مينيمالية" نحو الداخل. ولا شك أن القارئ النبيه قد انتبه أن أميركا الدولة تحضر وحداتها من العراق للقيام بعملية إنقاذ في لويزيانا. فالدولة الكبيرة وقدرتها التنظيمية في حالة الطوارئ موجودة في الخارج، وما تخلفه وراءها في الداخل هو دولة صغيرة.

ليست المسألة شحة مصادر ولا غذاء. فهذه ليست دولة عالم ثالث، بل شحة في الدولة بالمؤسسة في الداخل. .. إلى أن جاءها 11 ايلول فقررت أن تقيم وزارة أمن الوطن، أو الأمن الداخلي بمقدرات وسلطات غير محدودة. وحتى رئيس هذه الهيئة، وزير أمن الوطن، السيد مايكل شيرتوف (أنظر اوبزرفر البريطانية عدد 4 ايلول سبتمبر) لم يضبط نفسه، فأطلق تصريحا "داروينيا اجتماعيا" (البقاء للأصلح في المجتمع كما في الطبيعة) عندما قال أنه كان على السكان أن يخرجوا، ملقيا باللوم على الضحية متناسيا أن بعضهم لا يعرف إلى أين يذهب، أو لا يدرك مدى الخطر الماثل، أو ليس لديه الوسائل لإخلاء ذاته.

تجاهلت إدارته الفرق، كما تجاهلت دور الدولة الذي يعوض عن هذه الفجوة بالخدمات التي يقدمها للفقراء. وتستطيع هذه الوزارة ومعها "فيما" ( الوكالة الفدرالية لادارة الطوارئ) أن تتحجج بأنها تستعد لحرب كيماوية، أنتراكس من الجو مثلا، او "إرهاب نووي" أو تفجيرات واسعة النطاق. ولكنها لم تنتبه إلى أن الإعصار جاء بعد إنذارات ومهلٍ زمنية للاستعداد لا توفرها عملية تفجير. فقد تقدم الاعصار ببطء من خليج المكسيك نحو لويزيانا إلى درجة أن رئيس البلدية وجد يوم الأحد الوقت الكافي لتحذير سكان نيوأورلينز أن عليهم مغادرة منازلهم قبل وصول الإعصار ومن بعده الفيضانات وانهيار السدود والموانع .

ليس الإعصار عدوا وليس له صورة العدو، وليس ضحاياه شهداء، وهو لا يعبئ للتضامن بالحقد وإلهاب المشاعر القومية، بل بالتعاطف فقط.

ولا تتعامل المجتمعات الحديثة مع الطبيعة بصفتها آخر. و الآخر حتى لو كانت تهديدا ثابتا كما في حالة الزلازل في كاليفورنيا واليابان وغيرها، لا يستثير طقوسا تستحضر الروح الجماعية والجماعة في مواجهته أو في التقرب منه وخطب وده وفي صنع تحالفات مع آلهة أعلى درجة منه.

فقط في المجتمعات البدائية كما في حالة مصر القديمة والديانات الهندوسية تحولت الطبيعة إلى آخر، أما في عصرنا فقد اختبر تقدم المجتمعات بمدى تحويلها الطبيعة إلى موضوع بحث وسيطرة من جهة وموضوع أدبي من جهة أخرى، والإثنان وجها نفس عملة تحولها إلى موضوع للذات الإنسانية، أو لشطب إغترابها عن الطبيعة. لم تعد الطبيعة مجهولا غامضا مخيفا إلى درجة تطوير الديانات التي تقوم على الخوف منها ومن مجهوليتها في نفس الإطار الطبيعي. في المجتمع الحديث حل العلم محل الأسطورة، والتكنولوجيا مقام القرابين. ولكن تسونامي المحيط "الهادئ"، (وهي مفردة اقتحمت جيلنا قبل أقل من عام ولم نسمع بها قبل ذلك، ولكنها وجدت من يسخرها ويستخدمها بسرعة في السياسة حتى بدا كأن مستخدميها قد فطموا عليها) والإعصار في أميركا والزلزال في إيران ذكَّرت بحيوية الأسطورة وحتمية القرابين.

منذ أن انهارت السدود التي تحمي نيوأورلينز من فيضان المسيسبي جنوبا وبحيرة بنشارترين شمالا صباح يوم الثلاثاء 30 اغسطس آب تطورت الأمور من سيء إلى أسوأ ثم إلى كابوس. تغطت أغلبية المدينة بالماء. وعزل أكثر من مائة ألف في بيوتهم ولم يعرف منهم عدد الضحايا، ولكن الجثث انتفخت وطفت على وجه الماء وشوهد بعضها لعار أميركا والجرذان تقضمه. وبقي أكثر من عشرين ألفا في مدرج رياضي وقاعة مؤتمرات أربعة أيام بين أكوام القذارة والرائحة النتنة دون أن تصلهم حافلات لنقلهم وإيوائهم.

عرفت الكاميرات طريقها إليهم منذ اليوم الأول، ولكن الغذاء والدواء وسيارات الإخلاء بقيت وعدا ينتظرونه. سمع هؤلاء السياسيين في العاصمة يخطبون خطابات مطمئنة، حتى قال رئيس بلدية نيو اورلينز:" بدل الغذاء إنهم يطعمون الشعب سطرا من الخداع...عليهم ان يحركوا مؤخراتهم لنفعل شيئا". عار أميركا أن الخبر يفوق الغذاء أهمية، وأن التسابق على الصورة يسبق التسابق على تزويدهم بالدواء، وتنظيم البث أسهل من ترتيب أمر الإيواء. إن المشهد ليفيض حتى على الفيضان.

رأينا صور من يتلفع ببطانية مصنوعة كلها بألوان العلم الأميركي، ورأينا أيضا شارون يتكلم في حكومته عن وفد إغاثة لدعم أميركا. ونحن نعرف كيف يتمخض مثل هذا الوفد في كل مرة عن مؤتمر صحفي يتكلم فيه كلب قصاص اثر أنقذ طفلة ويرفرف وراءه علم اسرائيل. عار العالم الأميركي، عالم الصحافة المعولمة، عالم الإهتمام بتصريح كاسترو وكوريا الشمالية بين الشماتة واللياقة السياسية واستغلال الحدث لتحسين صورتهم، عالم نفاق إعلامي خلقته أميركا على صورتها ومثالها.

لم يتلخص عار أميركا بأن أحدا في المؤسسة الحاكمة لم يفعل شيئا من اجل التعساء الفقراء، بل اكتشفت أميركا في اليوم الرابع أن رئيس "فيما" المذكورة أعلاه في مقابلة مع الـ "إي بي سي" لا يعلم بوجود الناس هناك، أي انه لم يشاهد حتى التلفزيون. أو شاهده كمشاهد وليس كمسؤول، لم يبلغ الرجل رسميا. دليل آخر على إستقلال المشهد الإعلامي عن الواقع كعالم قائم بذاته.

وعار أميركا الثالث أن الشرطة أولت اهتماما لمكافحة أعمال السرقة من الحوانيت المنهوبة حفاظا على القانون يفوق إهتمامها بمصير الفقراء المحجوزين في المدرج أو في بيوتهم. لقد حرستهم من بعيد ببنادق مشرعة خوفا منهم. وبدا في العلاقة مع الشرطة كأن المنكوبين مصابين بالجذام. ولم تفرق المؤسسة بين من يسرق حانوت مأكولات لتزويد الناس المحجوزين بالماء والغذاء، عندما تقاعست الدولة عن تزويدهم، وبين من يسرق حانوت ادوات كهربائية.

تصرفت أميركا بعد الكارثة وبعد أن توقف الطوفان راكدا في الشوارع كمياه آسنة تنقل الأمراض والأوبئة كدولة عالم ثالث من ناحية الفوضى وغياب التنسيق بين أذرع الدولة المختلفة، وبين الولاية والحكومة المركزية في واشنطن، ومن حيث سلم الأولويات والمبالاة بحياة البشر ومصيرهم خاصة الفقراء منهم. لم يكن أحدا ليتناسى مصير عشرين ألف أبيض ميسور الحال بين أكوام الزبالة بالعطش والجوع في مدرج رياضي. ولم تكن الحكومة لتنسى نجما واحدا إعلاميا كان أم سياسيا أم فنيا أم رجل أعمال يلاقي مصيره بين مياه الفيضانات عدة أيام دون مساعدة.

تساءلت الصحف عن تأثير منسوب مياه الفيضان على منسوب شعبية بوش وعلى سعر النفط خاصة أن القسم الأكبر من البترول يستورد عن طريق خليج المكسيك وهو أيضا مصدر الغاز الأول. وتساءل الناس عن تأثير الإعصار على معدلات النمو التي بدأت ترتفع في نهاية عهد بوش. وذكرت الصحف المختصة أنه من سخرية القدر أن معدلات النمو ترتفع بعد الكوارث نتيجة للصرف على إعادة بناء البنى التحتية المهدمة (على وزن ولا تكرهوا أمرا عله خير لكم)، وأنه في هذه المرة ستتوازن هذه النزعة الإقتصادية مع انخفاض معدلات النمو الناجم عن إرتفاع سعر النفط وذهبت الايكونوميست (2 سبتمبر ايلول) حد التحذير من شتاء بارد إذا رفع إزدياد الطلب الأميركي على النفط سعره أكثر في أعقاب الإعصار. ووازنت الدول العربية صاحبة الشأن كل ذلك بالتسابق على التبرع لأميركا بالمال، كأن المشكلة مشكلة مال، قبل أن يتذكر المصاب بالإعصار إرتفاع اسعار النفط فيختلط فيضان الغضب على أسعار النفط بالغضب على الإعصار. ولذلك خرقت العادة وتبرعت بعضها بمئات الملايين قبل ان تبدأ المملكة السعودية بذلك. أي على غير ما جرت العادة من تحديد الأخيرة لسقف الكرم العربي.

تمت كل هذه التقييمات وبقي الأساس دون تقييم، بقي مصير البؤساء التعساء. بغض النظر عن شعبية بوش وعن تصفية الحساب السياسي معه، وبغض النظر عن أسعار النفط ومعدلات النمو، هل لمصير التعساء بحد ذاته من معنى؟ كل المؤشرات تشير إلى أن معناه لا يقف على رجليه، ليس قائما بذاته، بل يشتق من أمور أخرى في عالم الإقتصاد والسياسة، هذا في حالة حسن الحظ وتزامن مفارقات سعيدة مثل النقمة الحالية على بوش الذي أمضى شهر آب متهربا من مقابلة أمٍ لحوحة تريد أن تفهم لماذا قتل إبنها في العراق وترابط باب مزرعته في تكساس وتنقسم الصحافة حول سماكة جلده بهذا الشأن حتى أتاه ايلول.. ولو سأل العرب لأخبروه عن أيلول، وما أدراك ما أيلول.

لو كانوا "ضحايا الإرهاب" أو الحرب لاشتق معنى معاناتهم من الكبرياء القومي و"الدفاع عن نمط الحياة الأميركي المعرض للخطر"، أو مجازا من العلم الذي يُلَفُّون به والموسيقى النحاسية التي يحملونهم على إيقاعها، واستيتيكا السياسة ومارشاتها السخيفة التي توقف زغب شعر اليد الأسخف في لحظات خشوع أسخف وأسخف (هكذا تبدو بعد يومين على الأقل) مصطنعة ومعدة خصيصا لتحويل جلد الإنسان إلى جلد طيور بعد ما يسمى بالقشعريرة التي تذكر الإنسان بتفاهته وسهولة تحكم السياسيين به بالمؤثرات الصوتية وغيرها، وبإخراح وتمثيل باللازوردي والخمري والسيتان الأزرق والموسيقى الحزينة والطقوس التي تفصل عالم "ضحايا الإرهاب" و"شهداء الوطن" في مواجهة "أشرس عدو" للبشرية الخ. إزاءها تظهر روائح وألوان ورطوبة الجثث الطافية على إيقاع صوت تكسر الخشب وتكوم الأوساخ الطافية دونما سبب، أو تلك التي تقضمها الجرذان من عالم آخر. والفرق هو نفاق البشر، نفاق عالم الاستهلاك الذي يستهلك حتى مشهد الموت، وينتج فظاعة الفرق في المشهد. تعددت الأسباب، ولكن الموت ليس واحدا. قد يقتنص البعض معنى لمعاناة هؤلاء من تناقص شعبية بوش وارتفاع أسعار النفط والمس بمعدلات النمو. كنت سأعزيهم لو يفهمون عقد شرقي عربي بأنه قد فاتهم لحسن حظهم وهم غارقون في المياه رؤية زفة ملكة جمال مسلمة بالولادة لبريطانيا، حولت هويتها التي لم تخترها إلى أيديولوجية وامتياز وما رافق ذلك من نقاش وحوار حول أهمية الموضوع يحتاج إلى معد حديدية لتحمله، وفاتهم أيضا تبجح من رأى وشاركنا في رؤيته رغما عنا أن ما حصل في أميركا هو "عملية انتقامية" من بوش شنها الخالق سبحانه وتعإلى لكي يخطب حضرته فينا خطابا.

وحده جورج بوش يتبلد أمام هذا كله. قال بعض الصحافيين الأميركان أنه لو احتلت لويزيانا جماعة إرهابية أو فيلق من جنود "دولة مارقة" لربما وجد بسرعة فائقة القوة اللازمة وأدوات نقل هذه القوة للإغارة عليها. ولكن لا، هذا مجرد إستنباط متعلق بردود الفعل على الموت وتسييسه أتينا عليها. فبوش متبلد مثابر في ساعات الأزمات عموما كما يبدو. هكذا كان رد فعله على ما جرى بعد عمليات 11 ايلول في البداية، عندما استخدم مصطلح folks في وصف الإرهابيين "عرضيا ولا مباليا وغير رسمي casual إلى درجة الإسفاف" على حد تعبير نيويورك تايمز.

الرجل سبورت، ولا ينفع معه شيء. لا يمكن أن تضبطه يتكلم دون ورقة مكتوبة إلا وتفلت منه تعبيرات تصلح لجلسة احتساء الجعة ورواية النكات القذرة الذكورية. وعندما تحرك وأدرك حجم ما خلفه الإعصار لم يستطع إلا أن يستخدم مثل هذا التعبيرات: "لا أتطلع إلى هذه الرحلة" مستخدما مصطلح trip الترفيهي تقريبا في وصف زيارته المقبلة للويزيانا، أو "علينا ان ننظف هذه الفوضى" مستخدما تعبير to clean up this mess.

ثم عاجل العامية بالكذب من بعدها مباشرة، تماما كما في جلسة ذكورية على كأس. هذا أسلوب الرجل في الخطاب السياسي. ولا حول ولا قوة الا بالله، فقد قال انه ما كان بإمكان أحد أن يتوقع أن السد الذي يحجب مياه الفيضان عن نيو اورلينز لن يصمد (مقابلته مع ديانا سوير يوم الخميس). في هذه الأيام قيل الكثير في الصحافة عن سيناريوهات رعب متوقعة قدمت للإدارة في آب 2001 من قبل "الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارىء"، "فيما"، التي أقامها كارتر حول ضربة إرهابية في نيويورك وزلزال مدمر في سان فرانسيسكو وفيضان في منطقة اورلينز المنخفضة المعرضة لمياه النهر والبحيرة. كانت هذه كلها تشخيصات عامة لأسوأ كوارث ممكنة يجب الإستعداد لها. ولكنها لا تقترب في عينيتها من التشخيص الثاني الهام الذي تكرر لسنوات بحسب مجلة ال"بزنس ويك" هذا الأسبوع، وهو أن سدود المدينة لا تصمد حتى أمام إعصار درجة ثالثة. وما حصل هو درجة رابعة. ولم توجد الميزاينات الكافية لإصلاحه ولم تقر. لأن الدولة كلها كانت منشغلة بأولوية واحدة هي الحرب في الخارج ومكافحة الإرهاب نحو الداخل. كذب الرجل مرة أخرى إذا.

يستطيع المعادون لإدارة بوش إتهامه حتى بالتسبب بالإعصار ذاته برفضه التوقيع على اتفاقيات كويوتو ضد تسخين الغلاف الجوي. فقد ثبتت علاقة حقيقية بين حجم الأعاصير القادمة من المحيط وارتفاع درجات الحرارة. ومع أن النضال ضد سياسة بوش البيئية هام مثل النضال ضد سياسته بشكل عام، إلا أنه من الواضح أن العلاقة بين بوش والتسبب بالإعصار كظاهرة طبيعية هي أقرب إلى السباب منها إلى العلاقة السببية.

ومع ذلك لن يتوقف أحد من نقاده عند حد. فالرجل المنشغل من مزرعته بالحرب وبتعيين قضاة محافظين إضافيين للمحكمة العليا، والذي يحل كل قضية بالديماغوغيا الوطنية والمعادية للآخرين وبالكذب البواح زود خصومه بأسباب النقمة والهجوم عليه. ولن يرحمه أحد بعد أن لم يرحم أحدا تارة بالتحريض الفصيح على الآخر، عندما يكون الخطاب مكتوبا، سلاحه للتهرب من غبائه الذي لا يرحم، وطورا باللكنة العامية اللامبالية الساخرة دائما بإبتسامة أزعر الحارة وبعينين زجاجيتين مؤججا كل صراعات الطوائف في منطقتنا ومخرجا كل الشياطين من كل قمقم.
العلاقة هنا بين سياسته والإعصار الإقليمي سببية فعلا وليست "سبابية" فقط. على كل حال ذكرى 11 ايلول على الأبواب وسوف لا يفوت مساعدي بوش أن ينصحوه باستخدامها لغرض إعادة تشكيل وحدة الأمة وللربط بين الإعصار والإرهاب. وما على القارئ إلا أن يستعد بشد الأحزمة وبالستر الواقية وأقنعة الاكسجين وأن يحني رأسه باتجاه ركبتيه، كما تنص التعليمات في الكراسة تحت المقعد، فسوف يتكلم الرجل يوم 11 أيلول.

التعليقات