31/10/2010 - 11:02

تأمُّلات اغترابية.. خارج مَنْفى المعنى../ عبد عنبتاوي

تأمُّلات اغترابية.. خارج مَنْفى المعنى../ عبد عنبتاوي
تمهيد: عندما تسقط المنظومات الفكرية والأدبية، وتتحوَّل كثافة النصوص إلى تحايُلِ الكلمات على المعنى، وتَضْمَحِلُّ المناهج وتُفسِد النَسَقية والنَمَطية غائيات العقل..

وعندما تَتَشَظَّى الأشياء والكائنات والمفاهيم، تغدو المعاني أفكارًا ورسائل قصيرة وعميقة، صادقة ومُباشِرة.. إنها الكِتابة المَقْطَعية غير المبتورة، في اختزال المعنى..

وقد تبدو هذه المادة، للوهلة الأولى، مُتجاوزة للواقع ومُفْرِطة في الهَذيان، هَرْطَقة أو جنونًا، مُقَلِّدة أو مُتأَثِّرَة، وقد تُظهر تناقضًا فيما تحمله بعض معانيها في المبنى، لكنها هكذا هي: مادة غير أدبية، أصيلة مُتَأَصِّلة، ولا تَتَأتّى من فَراغ، مُنسَجِمَة ومُتناغِمَة مع ذاتها في الجوهر والاتجاه ولا تَدّعي الكَمَال أو اليَقين، لكنها مُتَمرِّدة ولا تلتزم بمنهجية، لا تسعى لدَغْدَغة عواطف القارئ ولا إرضَائِهِ، ولا تعرف وطنًا ولا جغرافية أو مكانًا، وتقف خارج تُخوم الزمان.. إنها مادة لا تتناول قضية أو موضوعًا بعينه، بل تحاول التسلُّل إلى "كل شيء"، تبحثُ عن عقولٍ وإرادات وأحرار نحو "تحطيم الأصنام".. إنها محاولة ذاتية غير مُتواضعة، للخروج من التيه والحيرة والقلق، تسعى لأن تجد المعنى في اللامعنى، أو في غِيابه وخارج حدوده ووجوده.. إنها أفكار وشَظايا..

* الأفكار الحقيقية هي تلك التي تحمل "المتفجرات" في معناها..
* الأفكار التي يُفجِّرها العقل أعظم من تلك الأفكار التي يُبَلْوِرها العقل، لأن الثانية غالبًا ما تُفسِدها الواقعية والعواطف وقد يُفْسِدها العقل ذاته..
* أعظم النصوص هي تلك التي تحمل أكثر المعاني في أقلِّ الكلمات..
* اللغة أكبر من مجرد وسيلة تعبير وأصغر من فكرة..
* الاعتدال في التفكير خيانة للعقل، أما الاعتدال في السلوك فهو خيانة للأخلاق، وتبرير الضعيف لغياب الإرادة..
* الكتابة التي لا تُشكِّل خطرًا لا تبقى، فالخطر يمنح الكتابة معنى ومُبرر وجودها وبقائها..

* لا يحتاج الإنسان إلى تخزين المعرفة، بقدر حاجته إلى تراكم الوعي، نحو تَفْعيل وجودهِ..
* عندما تُفَكِّر كالعبد وتَسلُك كالعبد فلن تعرف معنى الحرية..
* التأَمُّل في حقيقته فِعل الأَفعال، وليس مجرد نظر، فالتأمل هو الفِعْل المُؤسِّس للفعل المُنتِج..
* كُلَّما ازداد فِهمُكَ للأُصول والمبادئ، ازداد وعيُك لطبيعة الحياة ومستقبلها..
* الصمتُ أكثر بلاغةً من الكلام، عندما يكون الكلام لَغْوًا..
* لا معنى لإرادة البقاء، دون إرادة الحياة والحرية..
* كل شيء يلتقي مع اللاشيء، في المعنى والعَدَم..
* أنتَ تُقاوِم.. يعني أنكَ تُفكِّر.. يعني أنكَ حُرّ.. يعني أنك حَيّ..
* بقدر ما ترفض وتقاوم، ترتقي وتسمو..
* التمرُّد من أرقى صِفات الأحياء.. والضعف من أحقر صفات الإنسان..
* لا تتواضع في المعرفة والعلم والحب، ولا في الإدراك والإرادة والقوة، لأن جميعها تجلِّيات البقاء والحياة والتطور..

* هنالك من قرر أن يبقى، وهنالك من قرر أن يعيش، وهنالك من قرر أن يحيا.. وبين البقاء والعيش والحياة نافذة تطلّ على الوجود أو العَدَم..
* تَعَلَّم أن ترى لا أن تَنظُر، وأن تصغي لا أن تسمع..
* لكلٍّ مِنا عالمه، وكلٌّ منا يعتقد أن عالَمه مركز الكَوْن ومحوره..
* يبدو أن الجغرافيا تصنع التاريخ، والتاريخ وليد الإرادات..
* الواقعية المُفْرِطة بواقعيتها، باتت تبريرًا "إيديولوجيًا" للضعف..
* الواقعية تعني أن تقرأْ الواقع جيدًا، دون خضوع.. وأن تفهم الواقع جيِّدًا، دون ضعف.. الواقعية تعني أن تَتَملَّك الأدوات الواقعية لتغيير الواقع..

* لا بُدّ للبناء الحقيقي أن يَنْشأْ من بين رُكام الحُطام، فاصغِ جيدًا إلى عملية الهدم كما تصغي إلى عملية البناء..
* عجيب أمر الإنسان: فهو يَرِث أكثر مما يورِث، يستهلك ويتلقى أكثر مما يُنتِج ويُبدِع..
* لا تُحاصِر هُويتك الذاتية بِما هو موروث، ولا تتأَقلم بما هو واقع بالضرورة، لا سيّما إذا كان الواقعُ امتدادًا للماضي السحيق..
* لا يُحرر الأوطان والمجتمعات إلاَّ الأفراد الأحرار..
* الحياة للأفضل بِما يملك من قوة بقاء، والبقاء للأفضل بما يملك من قوة حياة وحيوية..

* الجنون؟؟!! يا له من تَوْصيفٍ مُلتَبِس..
* المجتمع الذي يخلو من مجانين، يعني أنه يخلو من عَقل..
* هنالك مِنَ الكائنات مَنْ يعيش ليحتفي بعيد ميلاده..
* إن الكتابَ يمكن أن يُشَكلَ مصدرًا للمعرفة، ولكنه لا يكفي وحده لِأَن يُشكل مصدرًا للوعي..
* الجمال أرقى مرتبةً من الحقيقة، ففي طريق البحث عن الجمال قد تتعثر بالحقيقة أو بظلِّها، أمَّا في طريق البحث عن الحقيقة لن تتعثَّر سوى بالوَهْم أو العَدم..

* لو كان الإنسانُ عاقلاً لاتخذ من الموسيقى طقوسَ دينٍ لعبور دُنياه..
* الموسيقى في الحياة هي الجمالية النهائية لمعنى نِهائي، أما الحياة في الموسيقى فهي المعنى الذي يحمل الجمال الأبَديّ، خارج أخاديد الزمان وأزِقَّة المكان..
* يتوقف خفقان قلب الحياة، حين تتوقف الحياة عن الموسيقى.. هذا ما لَمْ يَقُلْه بيتهوفن..

* ما أعظم أن تتحرر من الزمان والمكان، وأن تتجرَّد من التاريخ والجغرافيا وأن تخرج عن السياق، عندها قد تجد ضالَّتَكَ المنشودة..
* عندما تريد أن ترى جَيِّدًا، أغمِض عينيكَ..
* أنا ابن الحياة وأبي يُدعى الموت..
* العَجْز سِمة تلازم الضعفاء، طالما هم غير أقوياء..

* حين يكون الفكر خارج إدراك الضَرورات، يفقد مُبرِّرات وجوده ودَيْمومَته.. والفكر الذي لا يهدم لا يعرف البناء..
* إن الصمت أقل موتًا من التكرار والاجترار..
* إذا كان من غير الممكِن أن تُغَيِّر المجتمع، تغييرًا بُنيويًا، فعلى الأقل لا تسمح له بأن يصنعكَ لتغدو على شاكلتِهِ..
* ليس بالضرورة أن يكونَ "النظيف" شاةً أو حملاً وديعًا، فمن حق النظيف أن يكون أسدًا نبيلاً..
* حَدِّق إلى المستقبل لأنه يُحَدِّق إليك، ولا تنظر إلى الماضي إلاَّ لشَحْنِ قوة دفع إلى الأمام..
* الشعوب الحية، هي تلك التي تسعى بِجَدارة للبقاء على قَيْد التاريخ، وليس مجرد البقاء على قيد الحياة..

* الوَعي الزائف أشدُّ وباءً وأكثر فَتْكًا من الأُميَّة..
* بين الخَيارات والضرورات تكمُن الإرادات..
* فَكِّر وتَصَرَّف كما أنتَ، وكما تريد، ولا تكن مُزَيَّفًا ولا مُبتذَلاً أو مُتكلِّفًا، ولا تخشى العواقب..
* ما أَبْأَس الإنسان حين يخضع لِما يصنع..
* العجز هي الصِفة الملازِمة للإنسان من مهده إلى لحده، ما يستدعي أن يتجاوز الإنسان إنسانيته، ويتمرَّد عليها، في سبيل الارتقاء..

* حين تلتقي الرغبة بالوعي بالإرادة، يسقط المستحيل..
* انْطلِقْ نحو فَضاء المستحيل، حيث كل شيء ممكِن..
* أن تكون طويلاً بين عمالقة، أسمى مِنْ أن تكون ماردًا بين أقزام..
* عجبتُ من المرأة التي "تناضل".. من أجل أن تَنْزَع أسلحتها غير التقليدية، بيديها، وتعبث في سِحْرها بعيدًا عن عقلها وحَدْسها..
* غريبٌ أمرُ المرأة، حين تطلب الحرية والمساواة مِنْ غير الأحرار وممن هم أدنى منها، لتُبدِّد أسرار قُوَّتها وتَحُطّ من مكانتها ومعنى وجودها..

* مَنْ لا يفقه طبيعة وقوانين ولُغة الصراعات، لا يعي ضرورات الحياة ومَنطِق التطورات..
* الإنسان الذي لا "ينمو" كل يوم يموت كل يوم..
* لا تتوسل الرحمة أو الشفَقَة مِمَّن هو أقوى مِنكَ، بل اعمل للتخلُّص من ضُعفِكَ..
* "نحن" حالة التقاء وتقاطع بين الجهل والضعف وغياب الإرادة..
* من الأفضل للضعيف ألاَّ يصنع السلام مع "الآخر"، إذا لم يكن قادرًا على صناعة الحرب..

* أُفضِّلُ أن أكونَ حُرًّا أَقِف في المؤخرة، على أن أكونَ عَبْدًا في المقدمة..
* القانون لا يعني بالضرورة العدالة..
* الألوان الحقيقية في الطبيعة والحياة هي: الأسود والأبيض..
* الحاضر هو اللحظة التي ماتت لِلتَّو.. أما المستقبل فهو اللحظات التي تتسلل من الحاضر نحو الأمام..

* إنْ لَمْ تكُنْ ترجمةُ الشِّعر خِيانة للمعنى، فهي خيانة للمبنى..
* المعرفة الراكدة، مهما ازداد تراكمها، فلن تغدو وعيًا فاعِلاً، إذا لم تتحرك وتتدفق في نهر التأمُّل وإعمال العقل..
* الإفراط في الصبر حالة حَميرية أكثر منها قُدرة على التحمُّل..
* ماذا يعني أن تحمل الأشياء معنى؟! ولماذا؟!
* تحمل التساؤلات بدايات الإجابات..
* حين أتوقف عن الشكِّ والتأمل والنقد وتحطيم الأصنام والنمو، أفقد معنى الحياة، وأتَحَوَّل إلى مُستنقعٍ آسِن..
* حين تَزْدحم الأفكار في ذهني وتصرُخ، أَلُوذ إلى الوحدة والصمت..

التعليقات