31/10/2010 - 11:02

حق العودة مفتاح الحل لقضية فلسطين*../ سليم الحص**

حق العودة مفتاح الحل لقضية فلسطين*../ سليم الحص**
حق العودة في نظرنا يختصر كل قضية فلسطين في الوقت الحاضر. ففي حق العودة تظهر قضية فلسطين على وجهها الأمثل، بأنها قضية وجود وليست مجرد قضية حدود.

كل مشاريع التسوية المطروحة حالياً تفترض ضمناً أن قضية فلسطين هي قضية حدود، وأبرزها حالياً اثنان: مشروع خارطة الطريق ومشروع المبادرة العربية.

أما مشروع خارطة الطريق التي تبناها الرباعي الدولي المكوّن من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة واليابان، فقد انتظم في ثلاث مراحل: الأولى، تُفضي إلى إنهاء الانتفاضة ونزع سلاح الميليشيات، والثانية تتضمن جملة إجراءات تحضيرية، والثالثة، وهي الفاصلة، تقضي بمباشرة مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين توصلاً إلى سلام يعقد بين الطرفين.

إن المأخذ الأساسي على هذه الصيغة أنها تملي تجريد الفلسطيني من سلاحه في المرحلة الأولى فتجرّده من الورقة التفاوضية الوحيدة التي يمتلكها اليوم. فالمعروف أن الفلسطيني، في حال حصول مفاوضات اليوم، يستطيع أن يقدم شيئاً واحداً في مقابل كل ما يطالب به، هو المقاومة وسلاحها. الفلسطيني يطالب بدولة مستقلة عاصمتها القدس العربية كما يطالب بعودة اللاجئين إلى ديارهم وفق القرار 194 الصادر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة، وليس في يده ما يقدم في المقابل سوى المقاومة وسلاحها. فإذا ما تنازل عنهما في المرحلة الأولى فإنه سيصل إلى المرحلة الثالثة والأخيرة وليس في يده ما يقدم، أي ليس في يده ورقة تفاوضية يقايض عليها. بمعنى آخر فإن الفلسطيني سيكون في واقع الأمر عاجِزاً عن التفاوض ومضطراً للقبول بما يُطرح عليه. وهذا عين الاستسلام.

أما المبادرة العربية التي أطلقتها القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2002 ثم عادت قمة الرياض في عام 2007 فأكدتها فهي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على حدود العام 1967، أي بالعودة إلى القرار 242 واحترام حق العودة للاجئين الفلسطينيين. القرار 242 يجعل من القضية قضية حدود تفصل بين الكيان الصهيوني وكيان عربي مستحدث، إلا أن المبادرة العربية مع ذلك تغدو مقبولة مبدئياً في حال الإصرار على حق العودة كاملاً غير منقوص لجميع اللاجئين الفلسطينيين إلى كل فلسطين في امتدادها التاريخي.

والمواقف المعلنة حيال هذا المشروع توحي بالاستعداد للسير في طريق التسوية حتى على خط العام 1967، مع التلويح إلى احتمال القبول باستمرار وجود بعض المستوطنات في الضفة الغربية والقدس العربية في مقابل أراض تتنازل عنها إسرائيل في مناطق أخرى، ويرجح أن تكون صحراوية. أما الحديث عن العودة فكثيراً ما يتطرق إلى احتمال التوطين أو النقل والتعويض.

والنص على حق العودة لم يكن من صلب المشروع العربي عندما طُرح على قمة بيروت، ولم يدخل هذا النص إلا بإصرار وإلحاح رئيس جمهورية لبنان آنذاك العماد إميل لحود. وحديث العرب عن مسألة اللاجئين، كما سبقت الإشارة، كثيراً ما يقتصر على الدعوة إلى حل عادل لقضية اللاجئين، والمقصود ضمناً احتمال الاكتفاء بتوطين الفلسطينيين حيث يقيمون حالياً، أي في الأردن وسوريا ولبنان، وحفظ حق العودة لبعضهم وإنما حصراً إلى الشطر العربي من فلسطين المقسّمة، أي إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ونقل بعضهم إلى مناطق أخرى من مهاجر العالم، مع إقرار حق التعويض عليهم جميعاً في كل الأحوال.

هكذا يبدو أن كلا المشروعين: الدولي كما العربي في جوهرهما لا يَفي بالغرض. وكلاهما يجعل من قضية فلسطين قضية حدود وليس قضية وجود. والحل في نظرنا هو في الإصرار على أن القضية هي قضية شعب يبحث عن وطن. والوطن هو فلسطين في امتدادها التاريخي. فالحل لا يكون إلا بالقرار 194 الصادر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة، والذي حفظ للاجئين، كل اللاجئين، حق العودة إلى ديارهم في كل فلسطين. والمبدأ يجب أن يكون المحافظة على وحدة فلسطين. أما في حال الإصرار على استمرار الكيان الإسرائيلي، فالعودة الكاملة إلى فلسطين كفيلة بإفقاد ما يسمى إسرائيل صفة الكيان اليهودي الخالص، والوجود العربي سيحكم على يهودية الكيان الإسرائيلي بالذوبان إن عاجلاً أم آجلاً.

قضية اللاجئين هي مادة للمساومة في مشاريع التسوية المطروحة محورها التوطين حيث يقيم هؤلاء حالياً أو نقلهم إلى أماكن أخرى داخل فلسطين العربية أو أي مكان آخر مع التعويض. هكذا تبدو قضية فلسطين في هذه المشاريع قضية حدود أكثر مما هي قضية وجود للفلسطينيين في وطنهم.

أما الحل الحقيقي لقضية فلسطين فسيكون في حفظ حق العودة كاملاً للاجئين، إلى ديارهم في فلسطين، كل فلسطين في امتدادها التاريخي، وذلك وفق القرار 194 الصادر عام 1948 عن الهيئة العامة للأمم المتحدة، والذي تمّت إعادة التأكيد عليه في قرارات لاحقة سنوياً إلى أن توقفت عملية التأكيد هذه تحت ضغط إسرائيل وراعيتها الولايات المتحدة الأميركية.

التعليقات