31/10/2010 - 11:02

غزة لمصر- حلم إسرائيلي مفتوح!../ نواف الزرو

غزة لمصر- حلم إسرائيلي مفتوح!../ نواف الزرو
حينما يوصي وزير الشئون الإستراتيجية رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي، موشيه يعالون، والذي يرأس "لجنة تنسيق شؤون غزة" في حكومة نتنياهو الحالية بـ"الانفصال الكامل عن قطاع غزة، وبقطع الكهرباء والماء وإغلاق الحدود بصورة كاملة في وجه سكان قطاع غزة /صحيفة يديعوت احرونوت/7 / 5 / 2009 "، موضحا "أن على مصر أن تدرك أنها ملزمة بتزويد سكان القطاع بكافة مستلزمات حياتهم بما فيها الكهرباء والمياه والخروج والدخول عبرها وما يترتب عليه من مسؤوليات"، إنما يكشف بذلك ليس فقط عن الحلم الإسرائيلي المفتوح، وإنما أيضا عن النوايا الحقيقية التي وقفت وما تزال وراء حروب وحصارات إسرائيل المفتوحة ضد غزة!..

فإسرائيل تريد أن تحمل مصر ملف غزة بكافة أعبائه وتداعياته بعد أن فشل مشروعها الاستيطاني هناك، وفشلت آلتها الحربية الإبادية في إخضاع أهل غزة رغم المحارق والجرائم. ولهذه النوايا الإسرائيلية علاقة مباشرة بحالة الانقسام الجيوديموغرافي ما بين الضفة وغزة.

المحلل السياسي الإسرائيلي ناحوم برنيع كتب في هذا المعنى قائلا: "إن الخلافات الفلسطينية الداخلية التي تمنت إسرائيل حدوثها طوال سنوات تحدث أخيرا"، ويعرب البروفيسور درور زئيفي عن الفرحة العارمة أيضا قائلا: "أصبح واضحا تماما اليوم أنه يوجد كيانان فلسطينيان، أحدهما في غزة، والثاني في الضفة، وهذه فرصة نادرة لإسرائيل"، مضيفا: "لو كنا علماء نخطط لتجربة في المختبر، لما استطعنا أن نخطط لتجربة أكثر نجاحا: فلدينا جماعتان متمايزتان بوضوح، ومنفصلتان جغرافيا بلا اتصال بينهما تقريبا، تسيطر على كل واحدة منهما جماعة متجانسة نسبيا، وترفض الجماعتان محادثة بعضهما بعضا".

أما رافي ايتام الوزير الإسرائيلي عن حزب المتقاعدين، فأعلن "من الآن فصاعداً أصبح هناك كيانان فلسطينيان واحد يقع في الضفة الغربية وآخر يقع في قطاع غزة، وهذا أمر جيد لنا"، مستخلصا: "فلنترك الفلسطينيين يذوبون في عصيرهم لمدة جيل أو جيلين من عمرهم وبعد أن يعقلوا يمكن لإسرائيل حينها توقيع اتفاقية سلام معهم ".

أما في التداعيات العملية على الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية فكشفت يديعوت احرونوت النقاب عن "أن اولمرت –في عهده- قرر التعامل مع الضفة وغزة ككيانين منفصلين ومنع أي اتصال بينهما وهذه أصبحت حاجة ملحة".

وعلى نحو مكمل أفادت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي "أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قال:"إن إسرائيل ترى في التطورات الفلسطينية فرصة للفصل بين قطاع غزة والضفة"، وقد ذهبت الفرحة الإسرائيلية أبعد من كل ذلك بوضع علامات استفهام حتى على وجود الشعب الفلسطيني، إذ كتب د. أوفير هعبري يقول: "الشِقاق السياسي والثقافي الذي أخذ يزداد بين عرب غزة وأولئك الذين في يهودا والسامرة يثير للبحث إمكانية إقامة وحدتين سياسيتين مستقلتين ومستقبل القومية الفلسطينية عامة، لكن -يضيف- قد يكون علينا أن نسأل هل كان يوجد في مرة ما حقا "شعب" فلسطيني؟.

وفي معضلة الحدود والمعابر والحصار الإسرائيلي التجويعي الشامل، وإفشاله فلسطينيا -في حينه- عبر تهديم الجدار العازل بين الرفحين الفلسطينية والمصرية، وجدت المؤسسة الإسرائيلية برمتها السياسية والعسكرية /الأمنية والإعلامية نفسها في مأزق متفاقم يوما عن يوم، وضع القيادة الإسرائيلية تحت وطأة السؤال الاستراتيجي: مع العمل مع غزة...؟!.

في البعد الإلحاقي لملف غزة بكل أعبائه بمصر كانت "الغارديان" البريطانية على سبيل المثال نقلت بعض ما عبر عنه المسؤولون الإسرائيليون من "أن فتح الحدود مجددا بين غزة ومصر أعطى الفرصة لقطع العلاقات نهائيا بهذا القطاع الصغير من الأرض الفلسطينية المكتظة"، أما "إلاندبندنت" فأشارت إلى ما قاله مسؤول إسرائيلي بـ"أنه إذا تخلت إسرائيل عن مسؤولياتها في غزة، فإن هذا سيخفف الضغط عن الرأي العام وهيئات المعونة الدولية ويمنح إسرائيل "فرصة ذهبية" لتفعل ما أراده رئيس الوزراء السابق أرييل شارون عندما أمر قواته والمستوطنين بالانسحاب من القطاع عام 2005 وقال قولته "دعكم من غزة".

وكان الباحث المصري في الشؤون الإسرائيلية عماد جاد قد قال إن "ما حدث ينطوي أيضا على بعد آخر وهو أن هناك مخططا إسرائيليا ينبغي التصدي له، ويتمثل في كون إسرائيل تريد ترحيل قضية غزة إلى مصر وتحويلها إلى مشكلة مصرية".

لكن السفير المصري السابق في إسرائيل حسن عيسى يعتقد من جهته "أن سعي إسرائيل إلى رمي جمرة قطاع غزة في أيدي مصر لن ينجح"، ووفق تراكمات المعطيات الإسرائيلية أيضا فان هذا التوجه الإسرائيلي يهدف إلى أن تتحمل مصر عبء ملف غزة امنيا واقتصاديا ومعنويا وأخلاقيا، ما يعفي إسرائيل من كل هذه الأعباء ، وإما أن تقوم مصر بدورها الأمني في إغلاق الحدود والأنفاق وإحكام الحصار على غزة"، وفي الحالتين فان إسرائيل فتهدف إلى توريط مصر في ملف غزة"...!

لا شك أن سيناريو تحميل مصر ملف غزة يعد الأخطر وفقا حتى لتحليلات عدد من الخبراء، إذ اعتبروا "أن التلويح الإسرائيلي بإسناد مهمة إمداد قطاع غزة بالكهرباء والماء والدواء لمصر، هو بداية لسيناريو إسرائيلي يقضي بإلحاق تبعية غزة الأمنية والاقتصادية إلى مصر، وهو ما من شأنه "توريط مصر في تحمل تبعات القطاع المنوطة بإسرائيل باعتبارها دولة احتلال، ومقدمة لإنشاء الحلم الإسرائيلي بإقامة دويلة فلسطينية في غزة وجزء من سيناء"، وشددوا على أن هذا السيناريو الإسرائيلي سيعمق "تفتيت الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويكرس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم تذويب القضية الفلسطينية".

ووفق السيناريو الإسرائيلي أعلاه وهو بمنتهى الخطورة فقد أصبحت مصر إذن تحت الاختبار الخطير، ومطلوب منها أن ترد على الأجندة الإسرائيلية الخبيثة:
هل تريد فعلا أن تتحمل مسؤولية ملف غزة بكافة عناوينه...؟!
الواضح من التعاطي المصري مع أحداث غزة، انه لا يعكس استعدادا مصريا لتحمل مسؤولية عودة غزة إلى الحضن المصري كما كان عليه الوضع قبيل احتلال القطاع عام 1967...!.
إذن- هناك في إسرائيل لديهم حسابات الحروب والاجتياحات الشاملة ضد غزة، ولديهم أيضا حسابات إلحاق غزة بمصر والتخلص منها- كما أمل رابين قبل اغتياله- إلى الأبد...!.

التعليقات