31/10/2010 - 11:02

في الذكرى السنوية الثالثة لاقتحام سجن أريحا../ راسم عبيدات*

في الذكرى السنوية الثالثة لاقتحام سجن أريحا../ راسم عبيدات*
......في مثل هذا اليوم أقدمت إسرائيل وفي خرق سافر وواضح ومهين لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وبتواطؤ أمريكي- بريطاني علني ومكشوف على اقتحام سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، من أجل اعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات ورفاقه والمعروفين بخلية "الوزير زئيفي".

وهذا الاقتحام والاعتقال للأمين العام للجبهة الشعبية ورفاقه واللواء الشوبكي كشف عن عدة حقائق هامة يقف في مقدمتها خطورة الاعتقال السياسي، حيث ثبت في أكثر من حادثة عدم التزام واحترام إسرائيل لأية تعهدات واتفاقيات ومواثيق، وهذا ما لمسناه في اجتياح مناطق السلطة في عام 2002 واعتقال العديد من المناضلين الفلسطينيين المسجونين في سجون السلطة، كما حدث في مقر الأمن الوقائي في بيتونيا وغيره.

هذا الأمر وضع الكثير من علامات استفهام حول ما تطرحه السلطة من ذرائع ومبررات من أن عملية اعتقال هؤلاء المناضلين تأتي لحمايتهم من الاغتيال والتصفية والاعتقال من قبل الإسرائيليين. وثبت بالملموس أن السلطة ارتكبت وما زالت ترتكب أخطاء وخطايا فاضحة في هذا الجانب، فعدا عن عدم امتثالها لقرارات المجلس التشريعي والمحاكم الفلسطينية بما فيها العدل العليا بالإفراج عن القائد سعدات ورفاقه، فهي لم تستطع تأمين الحماية والأمان لا لسعدات ولا لغيره من المناضلين.

يذكر الجميع كيف أن إسرائيل في أكثر من حادثة أعلنت فيها العفو عن المطاردين. وبمجرد ظهورهم للعلن لم تتوان عن اغتيالهم كما حدث مع الشهيد محمد شحاده ورفاقه من كتائب شهداء الأقصى العام الماضي في مدينة بيت لحم. بل أن عملية اقتحام سجن أريحا، ومن قبله سجن بيتونيا واعتقال القائد سعدات وغيره من المناضلين، يجعلنا متيقنين من أن الحوار الوطني الجاري في القاهرة قد يكون من بين العوامل التي تؤخر وتعرقل نجاحه والمفجرة له هو ملف الاعتقال السياسي، والذي يجب أن يطوى إلى الأبد.

وهذا الاعتقال دفع وما زال يدفع ثمنه شعبنا خيرة قادته ومناضليه، ولو أن هناك قوى سياسية ومجتمعية حية لأخذت مواقف جريئة وواضحة من هذا الملف، ولما قبلت باستمراره يوماً واحداً بعد اعتقال سعدات ورفاقه. فعدا عن المواقف الملتبسة وغير المفهومة للسلطة وقيادتها والتي رافقت اعتقال سعدات ورفاقه، وصور الذل والإهانة التي تعمدت إسرائيل نشرها لقوات الأمن الوطني وهي تخرج من السجن بملابسها الداخلية، كان كفيلا بأن يجعل السلطة تفكر ألف بل مليون مرة قبل أن تقدم على عملية اعتقال سياسي أخرى، وبما يضعها في خانة وقفص الاتهام، فها هو سعدات الأمين العام لجبهة الشعبية يقضي بسبب ذلك حكماً جائراً وغير شرعي ولا قانوني، مدته ثلاثون عاما في السجون الإسرائيلية، ورفاقه الآخرون يقضون أحكاماً بالسحن المؤبد، ونحن متأكدون بأن المفاوضات العبثية واللقاءات السرية والعلنية وما يسمى ببوادر حسن النية وصفقات الإفراج أحادية الجانب لن تنجح في إطلاق سراح أي منهم. فالأسرى اللبنانيون، وعلى رأسهم عميد الأسرى العرب المناضل سمير القنطار، لولا المقاومة اللبنانية وما قامت به من جهد وعمل بطولي لإطلاق سراحهم لبقوا في السجون الإسرائيلية حتى يومنا هذا، فإسرائيل ترفض الإفراج عن جثث ورفات المناضلين الميتين فكيف بالأحياء.

والقائد احمد سعدات ليس رقما عابرا أو طارئا في سفر النضال الفلسطيني، بل مثل حالة ورمزية نضالية وكفاحية في كل مراحل ومحطات حياته النضالية في العمل الكفاحي والتنظيمي والصمود في التحقيق والصلابة والمبدئية في المواقف، وعمق ورسوخ القناعات والرفض القاطع للتعاطي مع المحاكم الإسرائيلية إجرائيا وقانونياً وقضائياً والرمزية وقوة المثل في السجون والبساطة والصدق في التعامل والقرب والالتصاق بالرفاق والجماهير الشعبية وهمومها.

ولعله من الأنصاف القول أن سعدات من القادة القلائل والذي قدموا نموذجاً وقوة مثل لما يكون عليه القائد في السجون، ونحن نقول بكل جرأة ومن حق شعبنا وجماهيرنا علينا أن تعرف بأن هناك العديد من القادة والذين هم رموز قيادية لتنظيماتهم ولشعبنا، عند اعتقالهم وفي المعتقلات لم يشكلوا لا قوة مثل ولا نماذج لما يجب أن يكون عليه القائد لا في الحياة الاعتقالية ولا حتى في الحياة والعلاقات الاجتماعية مع الأسرى، بل الكثير من أسرانا أصيبوا بالصدمة والدهشة من تصرفات وممارسات هذه القيادات، وكيفية تبوئها لهذه المواقع القيادية في الثورة والنضال.

ومع حلول الذكرى الثالثة لاقتحام سجن أريحا واعتقال الرفاق فيه، وفي ظل ما يتوارد من أنباء عن قرب التوصل إلى صفقة تبادل بين حماس وإسرائيل، فإنه من الواجب والضروري أن يكون مثل هذا القائد وهؤلاء الرفاق من ضمن الأسرى الذين تشملهم صفقة التبادل هذه، فعدا عن أنهم قاموا بعمل نضالي نوعي، فهم لم يرو النور ثانية ويتحرروا من القيد إلا من خلال هكذا صفقة، وواهم من يعتقد غير ذلك، ناهيك عن أن القائد سعدات والذي تحتجز طاقاته وقدراته خلف قضبان السجون الإسرائيلية، له حضور ودور فاعلين وبارزين على الصعيد الجبهاوي والوطني، وبسبب ما يحظى به من ثقة واحترام عند كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، فهو قادر على أن يلعب دوراً مؤثراً في وقف تدهور الحالة الفلسطينية والعمل على إنهاء انقسامها وتوحيدها.

وسعدات هذا القائد الذي تندر بعضهم بالقول إنه الملا سعدات، اعتقاداً ووهماً بأنه لم يستطع قراءة المرحلة وتطوراتها، من حيث أن أوسلو سيجلب لنا اللبن والعسل ويعيد لنا الأرض والحقوق، اثبت الحقائق والوقائع أنه قرأ المرحلة بعمق، وأن أوسلو في تداعياته وأضراره على الشعب الفلسطيني توازي بل وتتفوق على أضرار وتداعيات النكبة.

ومن هنا أقول لكل المتحاورين في القاهرة بأن أي مصالحة حقيقية وجادة، يجب أن تشتمل على إغلاق وتحريم وتجريم الاعتقال على الخلفية السياسية، فهذا الاعتقال دفع شعبنا ومناضلينا ثمناً باهظاً له.

ونحن رغم نشوء سلطة مجردة الصلاحيات والسيادة، فما زلنا في مرحلة تحرر وطني، ومن حق شعبنا وكل قواه المناضلة استخدام كافة أشكال ووسائل النضال المتاحة من أجل نيل حقوقنا والتحرر من الاحتلال، وهذا يعني انه لا يحق لأحد أن يعتقل آخر على خلفية سياسية، ما دمنا جميعاً تحت الاحتلال.

التعليقات