31/10/2010 - 11:02

مؤتمر فتح السادس: من المخاض العسير إلى الموت الرحيم!../ نزار السهلي*

مؤتمر فتح السادس: من المخاض العسير إلى الموت الرحيم!../ نزار السهلي*
لن تكون الطريق معبدة أمام انعقاد مؤتمر حركة فتح السادس في بيت لحم مع اكتمال المشهد الأخير لحالة التجاذب السياسي التي لازمت الحالة الفلسطينية منذ عقدين، أي منذ مؤتمر حركة فتح الخامس إلى ما قبل انعقاد مؤتمرها الحالي، وبهذا تكون القضية الفلسطينية ونواتها التنظيمية "حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح" قد دخلت عنق الزجاجة بعد أحداث العقدين الماضيين التي عاشت معها مخاضاً عسيرا مسيرة حركة فتح و م. ت. ف، وشقت طريقها نحو التغيير المثير لواقع القضية والمجتمع الفلسطيني بعد اتفاقات أوسلو في العام 1993 ودخول حركة فتح إلى الأراضي الفلسطينية متمثلة بحزب السلطة الفلسطينية كنهاية لمطاف الرحلة الكفاحية للشعب الفلسطيني بتجسيد سلطته على أرضه.

وتذهب فتح إلى مؤتمرها منقسمة على ذاتها بين معارض وموافق على عقد المؤتمر، وحالة التردي والانقسام السياسي تعبث بالجسد الفلسطيني المنهك من وطأة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأرض والشجر والبشر وانتهاك المقدسات، لتستبدل حالة الصراع والتناحر الأساسي وتوجيه فوهة البندقية نحو الجسد الفلسطيني، وترك العدو الأساسي فوق الأرض وتحتها يغوص نحو مزيد من التمزيق في الجسد الفلسطيني.

وبعيدا عن نجاح السلطة وحركة فتح في إتمام عقد المؤتمر الذي أصبح قضية السلطة في ثوب الاحتراب الجديد الذي احترفت أطراف الصراع الفلسطيني في حشد الهمم له عبر مساحات وساحات "النضال" لن تفضي هكذا مؤتمرات إلى حالة من النهوض الذي تنتظره جماهير الشعب الفلسطيني والعربي رغم الهرج والمرج الإعلامي الذي رافق سنوات ما قبل الانعقاد بعقلية إقصائية وأخرى مهيمنة خارت معها قوة الثورة فاستقوت على وقودها رواسب الترهل والفساد والانتفاخ لقيادات النضال ومعها باقي فصائل العمل الوطني الفلسطيني، لتلتهم ذاتها بعيدا عن تطلعات الشعب الفلسطيني الذي باسمه يجري العمل على تدمير كل جزئية تم بناؤها باسم الشهداء والأحياء والمناضلين الذين حوصروا في شعارات المزايدة السياسية والجغرافية السياسية التي اتهمت بممارسة الضغوط على "القرار الفلسطيني المستقل"، ليتم استبدالها بجغرافية الحواجز الإسرائيلية وطلبات السماح الإسرائيلي وبطاقات الشخصيات المحمية من قبل جغرافية المحتل الذي أوصد كل أبواب النجاة أمام ضحيته الفلسطيني المحاصر في نفق التنازلات وفي مربع التسويات الإسرائيلية.

لم يكن في مخيلة أي فلسطيني أو عربي أن تتجه صورة الواقع السياسي الفلسطيني نحو هذا الانحدار المدوي للسقوط في الواقعية السياسية التي باسمها أيضاً ضربت عرض الحائط كل المحرمات التي سقط من أجلها الشهداء الذين نتباكى على مجدهم الضائع بعملية تدجين لذاكرتنا التي ارتبطت "بالثورة والكفاح".

تتماهى المواقف وتتبدل الأقنعة والشعارات لتصبح إضاءة شمعة واعتصام في ذروة العدوان على الشعب الفلسطيني تعبيراً عن النضال الذي ترتقي إليه قيادات استرخت حواسها الخمس في نحر الذات واستلاب العقل الفلسطيني بمزيد من الشعارات التي لم تشبع من رحيق السحق الهابط على رؤوس العباد في فساد "الثورة" وضجة الدخول في مراحل التنازلات التي أدخلت الشارع الفلسطيني والعربي في متاهات الحوار العقيم والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني.

عقم السياسة الفلسطينية لن تجعلها تنجب من مؤتمراتها حالة كفاحية ونضالية لمواجهة العدوان والمخاطر الإسرائيلية. ومؤتمر فتح اليوم مازالت مهيمنة عليه ذات العقلية والأدوات التي لم تستطع أن تقود نضال الشعب الفلسطيني طالما بقي السقف النضالي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني هو إضاءة شمعة واعتصام في رام الله وعقلية إقصائية في غزة لا ترى في الغير سوى رهائن مرحلة تنتظر الإفراج عنها لتصبح السلطة هدف وعنوان المرحلة الثورية التي يتطلع "المناضلون" للوصول إليها، فيما الاحتلال يتحكم بكل مفاصل الحياة التي يرغب المناضلون تمضية ما تبقى لهم من سنوات رغد الثورة والسلطة.

ونحن نكرر الأسئلة في تلقي دروس الواقعية السياسية: هل اخطأ الثوار؟ ونحن نحدق في طقوس السياسي الفلسطيني الذي يطل من وسائل الإعلام متجها إلى الحوار الفلسطيني والى مؤتمراته الوطنية فلا نجد إلا إجابة واحدة شاخصة على الجسد الفلسطيني عبر الدريئة التي يحملها مصوبةً نحوها فوهة البندقية علها تحرز نقطة الإصابة وإطلاق رصاصة الرحمة على عقلية المقاومة واستبدالها بشمعة ويافطة يكتب عليها نحن ضد إجراءات الاحتلال، بينما الدبابة الإسرائيلية، صوتها وهديرها، يطفئ الشموع وغبارها يحجب كل اليافطات التي تزين صدور المعتصمين.

التعليقات