31/10/2010 - 11:02

مجازر الـ"حلال" وأولاد الـ"حرام"../ زهير أندراوس

مجازر الـ
هذا الأسبوع نشرت وسائل الإعلام نبًأ عن قيام أجهزة المخابرات الأمريكية بانتهاج طريقة وحشية لتعذيب المعتقلين الذين يُعتقلون بتهمة الانضمام إلى تنظيم القاعدة. وبحسب وكالات الأنباء فإنّ المخابرات الأمريكية حوّلت المعتقلين إلى حقول أو فئران تجارب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ وحشيةٍ وبربريةٍ.

فقد درج المحققون، وما زالوا، على تعذيب المعتقلين من الدول العربية والإسلامية، بمرافقة أطباء أمريكيين، لفحص قدرة الإنسان على تحمل التعذيب والتنكيل وما إلى ذلك من طرق بربرية، تمارسها قولًا وفعلًا الولايات المتحدة الأمريكية، التي تزعم أنّها بلد الحريات غير المحدودة.

إننّا لا نريد الإرهاب، نعارضه قلبًا وقالبًا، ولا نريد أن يصبغوا أمتنا العربيّة بصبغة الإرهاب، ولكن من ناحية أخرى، حري بنا أن نؤكد بشكلٍ غير قابلٍ للتأويل أنّ الخلاف بيننا وبينهم يدور حول تعريف مصطلح الإرهاب، نعم هناك تنظيمات إسلامية تمارس الإرهاب ضدّ المدنيين، ونحن ندين هذه العمليات ونستنكرها، ونقول إنّها لا تخدم القضايا العربيّة والإسلامية. ولكن علينا أن نرفع صوتنا عاليّا ونقول: ولكن، هنيهة، ماذا مع الإرهاب الذي تمارسه الدول "الديمقراطية"؟ هل إرهاب الدول بات دفاعًا عن الحقوق والحريات؟ هل المجازر التي يرتكبها الجيش الأمريكي في أفغانستان والباكستان والعراق هي مجازر حلال لأولاد الحرام؟ هل أرواح الأبرياء في الدول المذكورة، التي تُزهق بفعل الأسلحة الأمريكية الفتّاكة، هي ليست أرواح خلقها رب العالمين؟ متى سُمح لهذا أو تلك أن يعملوا على التفرقة بين دم ودم؟ لا، يا رأس حربة الإمبريالية في العالم، والقصد أنّ دم العرب والمسلمين لا يقل حمرة ونقاوةً وطهارًة عن الدم الغربي؟ ومن حقنا، لا بل من واجبنا، أنْ نقول هذه الأمور بدون لفٍ أو دوران، مع أننّا في عصر بات فيه الدم العربيّ والمسلم رخيصًا، رخيصًا للغاية، بفعل الغرب والتواطؤ والتخاذل والتقاعس والذل والهوان، الذي يُنتج ويُصنّع في المحميات الأمريكية، المسماة مجازًا بالدول العربيّة.

***

الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاول أن تُسوّق للعالم أنّها تحارب من اجل الحريات العامة والمحافظة على الحقوق الأساسية للإنسان، هي دولة تكيل بأكثر من مكيالين، عندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين، فهذه الدولة، التي حوّلت نفسها إلى بلطجي العالم، رفضت وما زالت ترفض الانضمام إلى معاهدة روما، التي نصت على تأسيس محكمة العدل الدولية في لاهاي، وهي المحكمة التي اتخذت قرارًا جاء فيه أنّ جدار العزل العنصري، الذي تقيمه دولة الاحتلال، ربيبة أمريكا وحليفتها الإستراتيجية، إسرائيل، هو غير قانوني، كما أمرت المحكمة عينها بهدم الجدار وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا من إقامته، وبقي القرار حبرًا على ورق، لم يُنفذ ولن يُنفذ، لأنّ أمريكا، أكبر قوة شر في العالم، ترفض الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ومن حيث تدري تمنح إسرائيل كامل الدعم، لعدم الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، فلو لم تكن إسرائيل مدعومة من أمريكا، لما كانت تجرأت على رفض أكثر من ستين قرارًا اتخذهم مجلس الأمن الدولي، فإسرائيل بفضل أمريكا ودعمها المطلق لها على كافة الصعد، باتت بلطجي المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، ومجزرة سفن الحرية، كانت ترجمةً واضحةً وفاضحةً لهذا النهج الاستعلائي، وبدل أن تقوم أمريكا بإدانة مجزرة القرصنة الإسرائيلية، انبرى نائب الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، الذي أذّلته إسرائيل عندما زارها قبل عدّة أشهر، انبرى للدفاع عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، أي بمعنى آخر، شرعن بايدن الجريمة الإسرائيلية، التي أدانها العالم برمته.

***

وفي المقابل نرى أنّ قرار مجلس الأمن الدولي، الذي اتخذ يوم الأربعاء، التاسع من حزيران (يونيو) الجاري، والقاضي بتشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب طموحها لامتلاك الأسلحة النووية، أصبح قرارًا مُلزمًا للمجتمع الدولي.

أما الثعلب السرمدي، رئيس الدولة العبرية، شيمعون بيريس، فينطبق عليه المثل القائل: من يسكن في بيتٍ من زجاج لا يرمي الحجارة على الآخرين، فقد صرح بيريس، تعقيبًا على القرار المذكور، بأنّ المجتمع الدولي ملزمُ بفرض العقوبات الأخلاقية على إيران، ومن يتكلم عن الأخلاق، نعم السيّد بيريس، مرتكب مجزرتي قانا، الذي يفتخر ويتباهى بأنّه هو الذي أقام الفرن الذري في ديمونا، وهو نفس الشخص الذي كشفت صحيفة بريطانية الشهر الماضي عن أنّه في الوقت الذي كان فيه العالم يحارب نظام العزل العنصري (الأبرتهايد) في جنوب أفريقيا، قام بيريس، نعم، نفس الثعلب الأبدي، بمفاوضة أركان النظام العنصري لبيعهم الأسلحة النووية، للفتك أكثر وأكثر بالسود.

وهذا المنافق بامتياز، يسمح لنفسه بالتحدث عن الأخلاق والأخلاقيات، متناسيًا عن سبق الإصرار والترصد، صرخات أطفال قانا اللبنانية، الذي أمر بقتلهم، بأحدث الأسلحة. فعلًا في هذا الزمن، زمن شريعة الغاب، "إللي استحوا ماتوا"، وعليه عندما يتكلم بريس عن الأخلاق، فنرد عليه قائلين ومعتذرين من كوكب الشرق أم كلثوم، وتعطلت لغة الكلام وإنمّا للصبر حدود.

التعليقات