22/08/2018 - 14:27

بضع كلمات على هامش الانتخابات البلدية

مع اقتراب الانتخابات البلدية، وبداية اتضاح الصورة في كل بلد وبلد، علينا أن نتذكر بأن الانتخابات المحلية ليست معركة، بل هي منافسة انتخابية، فالمعركة تكون في مواجهة أعداء، وليس في مواجهة أبناء البلد والشعب والمصير والهمّ الواحد.

بضع كلمات على هامش الانتخابات البلدية

مع اقتراب الانتخابات البلدية، وبداية اتضاح الصورة في كل بلد وبلد، علينا أن نتذكر بأن الانتخابات المحلية ليست معركة، بل هي منافسة انتخابية، فالمعركة تكون في مواجهة أعداء، وليس في مواجهة أبناء البلد والشعب والمصير والهمّ الواحد، فنحن في مواجهة مرحلة خطيرة من تاريخنا كجزء من قضية شعبنا، نحن نعيش مرحلة محاولة القضاء النهائي على قضية فلسطين بجميع فروعها.

انتبهوا لما قاله وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، يوم الثلاثاء الأخير، ردًّا على تشييع الشهيد أحمد محاميد، وقوله إن أم الفحم يجب أن تكون تابعة لفلسطين وليس لإسرائيل، والحجة تشييع الشهيد في جنازة شارك فيها الآلاف ورفعوا فيها الأعلام الفلسطينية.

فجأة اعترف ليبرمان بفلسطين، ولكن أي فلسطين قصدها ليبرمان! مقولة وزير الحربية ليبرمان لم تأت من عبث وفراغ، هناك مخططات وليست سرية، هدفها تحويل مدننا وقرانا إلى تجمعات بشرية محاصرة وممنوعة من التطوّر الطبيعي، وهذا يتطابق مع قانون يهودية الدولة.

الحديث عن أم الفحم بهذا الشكل يتكرر منذ سنين، فهناك مخطط يهدف إلى إعفاء الدولة من إيجاد سكن وعمل لعشرات آلاف الأزواج الشابة من العرب، وهذا بعدما صادرت الدولة معظم أراضي العرب منذ النكبة حتى اليوم.

لا نعرف صحة ادعاء الشرطة بأن الشاب أحمد محاميد حاول طعن شرطي، ولا الأسباب والظروف التي أحاطت بالحادثة، وقد تكون بعيدة كل البعد عن رواية الشرطة كالعادة، ومثالنا الصارخ في هذا هو الشهيد يعقوب أبو القيعان، الذي هدموا بيته ثم قتلوه وزعموا بأنه قام بعمل إرهابي.

ردود فعل وزراء مثل إردان وليبرمان على تشييع أحمد محاميد تفضح النوايا، ليس لأننا نخشى انتقال أم الفحم إلى إدارة سلطة رام الله، وليس لأننا نخجل من اسم فلسطين، ولكن عندما يتحدث ليبرمان عن فلسطين، فهو يتحدث عن فلسطين أخرى غير التي نقصدها، فهو يتحدث عن فلسطين كاسم بلا مضمون، يتحدث عن فلسطين كسجن كبير، عن تجمعات بشرية محاصرة بلا أرض ولا موارد ولا سيطرة أمنية.

من جهة أخرى حتى لو أن أحمد محاميد حاول طعن شرطي، فلماذا وبأي قانون تحاسَب مدينة عددها أكثر من خمسة وخمسين ألف مواطن بجريرة عمل قام به فرد أو أفراد؟

إزاء هذه المخاطر والتحريض المتصاعد، المفروض أن تجري المنافسات الانتخابية البلدية بمسؤولية عالية وروح رياضية، مثلما تدار لعبة في كرة القدم أو السلة وغيرها، وعلى كل منافس أو مؤيد أن يتوقع الخسارة بنفس مقدار احتمال الفوز، وأن نتعلم تقبّل الخسارة، وأن نعامِل مثلما نحب أن نُعامَل، سواء كنا مع الفائزين أو الخاسرين.

وكلمة للمؤيد المتحمس لهذا المرشح أو ذاك، تذكّر جيّدا أن الكلمات البذيئة بحق منافسي مرشحك لن تجعل منك بطلا، بل تجعل منك شخصية منافقة ومثيرة للسخرية وحتى الاشمئزاز، حتى من قبل مرشّحِك نفسِه.

الجميع يتحدثون عن المصلحة العامة، وسوف نفترض أن جميعهم صادقون بنواياهم، ويبقى علينا أن نختار من لديهم القدرة على التخطيط والتنفيذ والتجربة في الإدارة، وفي مواجهة مختلف الوزارات العنصرية، ومقارعتها لنيل الحقوق، نحن بحاجة إلى رجال ونساء جديين لديهم مؤهلات إدارية وروح وطنية عالية، وليس فقط لدراويش وطيّبي القلوب.

على المرشحين في رأس الهرم تقع مسؤولية تطويق كل خلاف مهما كان صغيرًا، فعادة ما تبدأ المشاكل الانتخابية بكلمة بذيئة مباشرة يلقيها أحدهم باتجاه آخر، أو في تعليق أو منشور استفزازي مسيء على الفيسبوك.

على المرشحين تقع مسؤولية استبعاد العناصر المسيئة والمستفزة للآخرين، والإعلان عن رفض تصرفاتهم وإدانتها، والحفاظ على أن يبقى الحوار في نطاق الذوق العام، وأن ندرك تمامًا بأننا سوف نواصل العيش معًا بعد الانتخابات في البلد ذاته، وسنواجه مشاكلنا وقضايانا المصيرية ذاتها.

ممنوع التطرق إلى حياة المرشحين الشخصية وأبناء أسرهم، هل تقبل بنشر خصوصياتك والتدخل فيها على الملأ؟ الخصوصية تعني جميع الأمور التي لا شأن للجمهور فيها، ولا تؤثر عليه.

الانتقاد للإدارات القائمة وللفساد وشرعية أو عدم شرعية المناقصات والشفافية، كل هذا مطلوب وحق الجمهور أن يعرف، شرط أن تكون الانتقادات مبنية على حقائق ثابتة وليس على شبهات ودعايات بهدف الإساءة وتشويه السُّمعة، فهذا حرام أخلاقيا ودينيًا وقانونيا.

قد يكون هذا المرشح أو ذاك طيّبا وإنسانيًا في تعامله و"صاحب واجب"، يعود المرضى، ونراه في كل عرس وجنازة، هذا جيّد جدا، ولكنه شأن شخصي، وليس مقياسًا لنجاح أو فشل في العمل البلدي.

نحن في عصر الاتصالات السريعة والشبكة العنكبوتية، ومن المفروض على المرشحين أن يملكوا الحد الأدنى من الإلمام في التكنولوجيا الحديثة.

يستحيل فصل العمل البلدي عن العمل السياسي، ومن يفكر بغير ذلك، فهو مخطئ ويضلل الجمهور، خصوصًا بعد قانون القومية الذي يعني التنّكر لحقوقنا القومية والمدنية.

على ضوء ما نسمعه من تهديدات من وزراء ومسؤولين وعن صفقات إقليمية تؤكد على أننا في خضم مرحلة صعبة ومصيرية، وعلينا أن نكون أكثر جدية ومسؤولية تجاه أنفسنا ومجتمعنا وشعبنا، وأن تكون الانتخابات البلدية مناسبة لتأكيد وعينا ووحدتنا، وليس مناسبة لتشرذمنا وصراعاتنا الحمقاء المجانية.

التعليقات