08/11/2018 - 15:00

الحج بجواز سفر إسرائيلي!

جذور العلاقات التاريخية ترجع إلى اتفاقية فيصل- وايزمن من عام 1919، وهي الاتفاقية التي أعطى فيها العاهل السعودي، الأمير فيصل الأول ابن الشريف حسين، الحق لليهود بالاستيطان في فلسطين وأسبغ الشرعية على وعد بلفور.

الحج بجواز سفر إسرائيلي!

من الواضح أن إسرائيل لم تعتبر السعودية دولة عدو في يوم من الأيام، والدليل أنها تسمح منذ 40 عاما للحجاج المسلمين من عرب 48 سنوًيا بدخول أراضيها لممارسة شعائر الحج، في حين ما زالت تمنع من الدروز من أبناء عرب 48 من الحج إلى أماكنهم المقدسة في سورية، على سبيل المثال، وتقيم الدنيا إذا ما استقبل أحد كتابنا أو فنانينا في بيروت.

وبغض النظر عن الدفء الذي دب في أوصال العلاقة بين الكيانين في العهد الميمون لمحمد بن سلمان، فإن جذور العلاقات التاريخية ترجع إلى اتفاقية فيصل- وايزمن من عام 1919، وهي الاتفاقية التي أعطى فيها العاهل السعودي، الأمير فيصل الأول ابن الشريف حسين، الحق لليهود بالاستيطان في فلسطين وأسبغ الشرعية على وعد بلفور.

وغني عن البيان أن إسرائيل تعاملت وما زالت مع حجاج بيت الله الحرام العائدين من السعودية، من حيث إجراءات الرقابة والتحقيق والتفتيش أفضل بكثير مما تتعامل مع السياح العرب العائدين من دول مثل مصر وتركيا والأردن، وحتى الدول الأوروبية تربطها بها علاقات دبلوماسية.

الدفء في علاقة الكيانين انعكس مؤخرا بالإيجاب على رحلات الحج والعمرة، حيث بات بمقدور حجاج 48 لأول مرة الطيران من تل أبيب إلى مكة مباشرة عبر عمان، بواسطة الخطوط الملكية الأردنية، الأمر الذي حول رحلات الحج والعمرة من "مشقة" إلى متعة حقيقية، خاصة وأنها تترافق مع النزول في فنادق الخمسة نجوم الفاخرة المطلة على الحرم، والمزودة بأحدث شبكات الأغذية الأميركية.

والحال كذلك، فإنه من غير المستغرب أن تكون محاولة تمرير دخول حجاج 48 بجواز سفر إسرائيلي لاستغلالهم كرأس جسر للتطبيع مع الدولة العبرية، كما يرجح البعض، هي التي دفعت بالقرار السعودي الأخير بوقف العمل بالجواز الأردني المؤقت الذي يعطى لسكان القدس والضفة الغربية والـ48 (بحجة عدم وجود رقم وطني مسجل في الجواز)، ويتسنى بواسطته للحجاج الفلسطينيين من دخول  الأراضي الحجازية لأداء فريضتي الحج والعمرة.

لقد تجاوزت العلاقات الإسرائيلية - السعودية والخليجية عموما الوساطة الأردنية، فها هي الوزيرة الإسرائيلية من أصل مغربي ميري ريغيف ترفل بثوبها "الشرعي" في صحن مسجد الشيخ زايد في الإمارات العربية، في الوقت الذي يستقبل فيه السلطان قابوس بن سعيد في مسقط بنيامين نتنياهو وزوجته سارة وبرفقتهما رئيس الموساد يوسي كوهين، وها هو وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، يعرض في عُمان أيضا خطة لخطوط سكة حديد، تربط إسرائيل بدول الخليج وتتجاوز إيران.

لا غضاضة إذًا في أن يقوم خادم الحرمين الشريفين بتحرير حجاج عرب 48 من "عبء" الوساطة الأردنية التي "تقصم" ظهورهم بعمولاتها الباهظة، لإعطاء شرعية دينية للختم الملكي السعودي على الجواز الإسرائيلي الذي يحمله هؤلاء عنوة وكوسيلة للبقاء في الوطن، حتى لو كان ثمن ذلك حرمان مئات آلاف الفلسطينيين في القدس والضفة والقطاع من الامتيازات التي يمنحهم إياها الجواز الأردني المؤقت، مثل حق الزيارة والإقامة والعمل في السعودية.

والقرار أصلا أريد منه ضرب أكثر من عصفور في حجر واحد، الأول إيجاد الشرعية والمبرر للتعامل مع الجواز الإسرائيلي؛ والثاني معاقبة الفلسطينيين، قيادة وشعبا، لعدم انصياعهم للإرادة الملكية والأميرية السعودية والترامبية الأميركية في قبول صفقة القرن؛ والثالث هو "تأديب" الملك الأردني الذي لا يصطف بالكامل هو الآخر في التحالف الأميركي - السعودي – الإسرائيلي.

فبشرى لحجاج بيت الله الحرام من "عرب الداخل"، وألف شكر لعمان التي احتضنتنا في الذهاب والإياب ولأقاربنا من الفلسطينيين الذي استضافونا وأعدوا لنا المناسف في طريق العودة، والشكر موصول أيضا لطائرات الملكية الأردنية. فعلى ما يبدو، سنطير قريبا بخطوط "إل عال" الإسرائيلية من تل أبيب إلى مكة مباشرة (طائرة نتنياهو مرت بالأجواء السعودية بطريقها إلى مسقط)، فحجا مبرورا وسعيا مشكورا.

التعليقات