07/02/2019 - 16:46

منتدى السلام الفلسطيني مقابل الخطاب "الحربجي" الإسرائيلي

إن التنسيق الأمني المنصوص عليه في اتفاقية أوسلو، هو البند الوحيد المتبقي من هذه الاتفاقية التي حولت السلطة إلى وكيل أمني يدير المعازل الواقعة تحت سيطرتها، والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تقوم بمنع "الإرهاب" وحقن الدم الإسرائيلي.

منتدى السلام الفلسطيني مقابل الخطاب

في ظل الخطاب " الحربجي" الذي يهيمن على الانتخابات الإسرائيلية، وتحييد القضية الفلسطينية وإسقاط عملية "السلام" من جدول أعمال الدولة العبرية، وفي وقت يفاخر فيه من يفترض أنه مرشح معسكر السلام الإسرائيلي، بتعداد جثث القتلى الفلسطينيين الذين أوقعهم في الحرب التي قادها على قطاع غزة، يبدو من السذاجة بمكان، قيام الرئيس، محمود عباس، باستحضار مجموعة من متقاعدي السياسة من فلسطينيين و"عرب إسرائيليين" وإسرائيليين، والإعلان عما يسمى بـ"منتدى الحرية والسلام الفلسطيني".

عباس، جدد خلال افتتاح أعمال المنتدى المزعوم في مقر المقاطعة برام الله، إيمانه بالسلام أكثر من أي وقت مضى، معربا عن أمله بأن تفرز الانتخابات الإسرائيلية المقبلة من يؤمن بالسلام، مؤكدا أنه على استعداد تام للعمل معه من أجل إحلال السلام في المنطقة. ولكي يثبت حسن نواياه أمام نفر من الإسرائيليين الذين تواجدوا في الاجتماع، كشف عباس أن السلطة الفلسطينية أبرمت أكثر من 83 اتفاقية مع الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وكندا، وروسيا، واليابان، والصين، لهدف واحد، كما قال، هو محاربة الإرهاب والإرهابيين، وانه لم يخجل بذلك يوما بل العكس، كما قال.

ومن نافل القول كذلك، إن التنسيق الأمني المنصوص عليه في اتفاقية أوسلو، هو البند الوحيد المتبقي من هذه الاتفاقية التي حولت السلطة إلى وكيل أمني يدير المعازل الواقعة تحت سيطرتها، ويكفي الإشارة في هذا السياق إلى ما كتبه الجنرال احتياط، عاموس غلعاد، في مقال نشره في "هآرتس" مؤخرا، أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تقوم بمنع "الإرهاب" وحقن الدم الإسرائيلي. ويبدو أن التلويح والتهديد والإعلان أكثر من مرة عن وقف هذا التنسيق، هي محاولات لذر الرماد في العيون وامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني.

المؤتمر افتتح، كما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا)، بحضور رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، محمد المدني، والنائب السابق في الكنيست، عضو برلمان السلام العربي الإسرائيلي، طلب الصانع، ورئيس لبرلمان السلام الإسرائيلي، ران كوهين، ورئيس منتدى مؤسسات السلام في إسرائيل، يوفان رحاميم، وعدد من الشخصيات الدينية، وأعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، وشخصيات اعتبارية، وقيادات فلسطينية ممثلة للمجتمع الفلسطيني بمختلف أطيافه.

وكما هو معروف، فإن ما يسمى بـ"لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، باتت بعد انقضاء أجل معسكر "السلام الإسرائيلي" تضرب، في محاولة لإحياء رميم عظامه، خبط عشواء، مرة عبر تشكيل وفود لتقديم العزاء بضباط في الجيش الإسرائيلي وطورا في استجلاب زعماء طوائف وعشائر وأشباه سياسيين وصحفيين من الداخل، للاجتماع بالرئيس، وطورا باستحضار شبيبة ومتقاعدي بقايا معسكر السلام الإسرائيلي لزيارة المقاطعة، في محاولة للإيحاء بوجود شريك في الجانب الإسرائيلي.

إنه حقا "تفكير خلاق وإبداعي"، كما كتب أحد المروجين للفكرة، أشرف العجرمي، إبداع وصفه بـ"الدبلوماسية الشعبية"، وكأن الدبلوماسية الرسمية التي أسقطت وحيدت كل ما عداها من أساليب وأشكال المقاومة، لم تعد كافية، حتى بات من المطلوب أيضا استبدال الفعل الجماهيري والمقاومة الشعبية بـ"دبلوماسية شعبية".

ومن المؤسف أنه، عوضا عن أن يكون الرد الفلسطيني على إسقاط القضية الفلسطينية من جدول الأعمال الإسرائيلي، بتعزيز الوحدة الوطنية وتصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، بغية إعادة الاعتبار للقضية وفرضها على الأجندة الانتخابية الإسرائيلية، يكون بمزيد من التصعيد على جبهة الخلاف الداخلي مقابل الاستنجاد بفلول معسكر السلام الإسرائيلي، لتبرير التمسك بنهج يرفض أصحابه الاعتراف بأنه وصل إلى طريق مسدود.    

 

التعليقات