20/02/2019 - 12:43

درء المفاسد ضمن المشتركة خير من 3 قوائم متناحرة

لم تكن القائمة المشتركة أفضل بوتقة سياسية واجتماعية، ومع ذلك فلقد أنتجت هيئة تمثيل برلماني موحدة للمجتمع العربي دون أي منازع، وانتزعت الاعتراف بها كهيئة تمثيل وحيدة، إسرائيليا وعالميا، وهي حالة لم تحدث قبل المشتركة، ولا حتى عبر إطار لجنة

درء المفاسد ضمن المشتركة خير من 3 قوائم متناحرة

قد لا يكون شعبيا الدفاع عن القائمة المشتركة في ظل طغيان ظاهرة الشعبوية في المجتمع العربي، المتأثر بطبيعة الحال من محيطه العربي والعالمي، وقد لا أكون أفضل المدافعين عن القائمة المشتركة، لما أحمله من نقد على أداء القائمة خلال السنوات الأربع الماضية، ومع ذلك يبقى درء مفاسد الشرذمة أفضل حالا بكثير من حمل مجتمعنا المثقل بحالات الانقسام الداخلية التي أنتجتها للتو نتائج الانتخابات للسلطات المحلية.

نعم، لم تكن القائمة المشتركة أفضل بوتقة سياسية واجتماعية، ومع ذلك فلقد أنتجت هيئة تمثيل برلماني موحدة للمجتمع العربي دون أي منازع، وانتزعت الاعتراف بها كهيئة تمثيل وحيدة، إسرائيليا وعالميا، وهي حالة لم تحدث قبل المشتركة، ولا حتى عبر إطار لجنة المتابعة.

عودة الأحزاب الصهيونية

وقد يقول قائل إن التنافس يمكن أن يثري المنافسة الانتخابية والحوار السياسي، دون أن ينتبه إلى حقيقة عودة الأحزاب الصهيونية بقوة إلى ساحة العمل السياسي داخل المجتمع العربي، والتي تستمد شرعية وجودها من حدة التنافس والتناحر بين الأحزاب السياسية والقوائم العربية، وهي حالة لطالما عايشتها الأحزاب العربية التاريخية، وتعي مدى خطورتها جيدا، وهو إنجاز آخر يسجل للقائمة المشتركة، التي تمكنت من غير جهد إسقاط الشرعية عن وجود الأحزاب الصهيونية وكنسها في الانتخابات الماضية من صناديق الاقتراع العربية. غياب الإطار الوحدوي سيعيد بلا شك الأحزاب الصهيونية من الأبواب الخلفية، ومن يقرأ التاريخ يعي مدى خطورة تغلغل أحزاب مثل مباي وميرتس والمفدال وصولا إلى شاس في سنوات التسعين في بلداتنا.

هدية العرب لحكومة اليمين الفاشية

رغم إنني لا أرى مجتمعنا جزءًا من الصراع بين اليمين واليسار الإسرائيلي، وإنما مجتمع له خصائصه السياسية المغايرة تماما عن الفضاء السياسي الإسرائيلي، إلا أن نسب التصويت العربية بطبيعة الحال تؤثر حتما على الخارطة السياسية الإسرائيلية، سواء أردنا ذلك أم لم نرد، وفي ظل نسب تصويت تصل إلى 98% في الطرف الأيمن من الخارطة السياسية الإسرائيلية، يصبح تمثيله البرلماني أعلى بطبيعة الحال من حجمه الحقيقي في الشارع، فيما نسبة التصويت وصلت في المجتمع العربي إلى 70% في انتخابات 2015، وهي النسبة الأعلى (63% من دون المدن المختلطة)، وفي حال فشلت الجهود لإعادة الإطار البرلماني الوحدوي، فإن الرد الشعبي سيكون بطبيعة الحال بازدياد مقاطعة الانتخابات، وستتعزز الأصوات العقائدية الداعية إلى مقاطعة الانتخابات، ما يعني الاستعداد لنسب تصويت لا تتجاوز كثيرا الـ50%، ما يشكل خطرا كبيرا على القوائم الثلاث العربية، بحيث لا تتمكن من تجاوز نسبة الحسم، وتكون أفضل هدية يمكن أن نقدمها لليمين الإسرائيلي، الذي أمعن على مدار 10 سنوات الماضية في سن قوانين عنصرية، نكابد يوميا من نتائجها من قانون هدم البيوت، قانون كامينتس وحتى "قانون القومية".

وقد يفرح البعض لعزوف المواطنين عن المشاركة الانتخابية لإيمانه أن "الكنيست ليست مرتع خيلنا"، ولكننا نعي تماما أن لا فراغ في عالم السياسية، فالمكان الذي تخليه الأحزاب العربية، حتما سيشغله وكلاء الأحزاب الصهيونية، ولا أحد يرغب بالعودة إلى السنوات المظلمة، أيام "رجال السلطة" وتلك التعيينات السقيمة التي لم يبرأ منها مجتمعنا حتى اليوم.

إنصافا مع القائمة المشتركة، رغم ضعف فرص تشكيلها من جديد، إلا أنها أنتجت حالة وحدوية، وأنجزت حتى في ظل أسوأ حكومة عرفتها إسرائيل، حيث ساهمت المشتركة في إخراج خطة التنمية الاقتصادية للمجتمع العربي 922 إلى حيز التنفيذ، رغم محاولات الالتفاف عليها والاقتطاع منها. ولولا القائمة المشتركة لما وصل أحد نوابها للجنة المالية في الكنيست ورئاسة الكنيست، كما شكلت مظلة وحدوية في ظل حالة انقسام فلسطيني ننبذه نحن، وفضاء عربي متهالك تشغله الحروب الداخلية والمذهبية، بل وقدمت نموذجا وحدويا للنضال الموحد لم يسبق له مثيل. ومن عاش سنوات الثمانينات والتسعينات وشهد التناحر الحزبي في أيام الأرض يدرك تماما خطورة المضي قدما في إحداث الانقسام، الذي ستكون له تبعات أخطر من الحالة التي سبقت القائمة المشتركة.

وأخيرًا، لم يكن من الحكمة أبدا، تجاهل دعوة رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، مضر يونس، وكذا جهود سابقة لرئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، الرامية لإعادة تشكيل القائمة المشتركة، عدا عن جهود لجنة الوفاق، بل أن عدم التجاوب مع كل هذه المبادرات والمطلب الشعبي ستكون عواقبه وخيمة حتما.

التعليقات