09/11/2019 - 07:52

إسرائيل وإيران

يبدو أن دولة الاحتلال ومن خلال إقحام نفسها في "استحقاقات" اتفاق لم تكن طرفا فيه، بل عارضته وسعت إلى إضعافه، ترى فرصة سانحة لمحاولة تصحيح الاتفاق، وتعديل القيود المفروضة على إيران

إسرائيل وإيران

كان طبيعيا أن تستغل مصادر استخباراتية إسرائيلية تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بشأن دلالات الخطوة الإيرانية الأخيرة، و"التحذير" من اتجاه طهران نحو خيار امتلاك القوة النووية، من أجل الدفع بهذه "التحذيرات" قدما واستغلالها، لتأكيد ادعاءات إسرائيل بأن إيران باتت قادرة على الوصول إلى خيار نووي خلال أقل من عام، إذا شاءت ذلك. فإسرائيل ترى في هذه التطورات فرصة لها لمواصلة التحريض ضد الاتفاق النووي بين طهران والدول الغربية، من جهة، ومحاولة تأكيد صحة رهان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على دفع إدارة دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق، بما يمنح نتنياهو مكاسب سياسية داخلية في ظل الأزمة السياسية الائتلافية التي تعيشها إسرائيل، من جهة أخرى،

وتثير المسارعة الإسرائيلية لرفع سقف التحذيرات التي تحدث عنها بومبيو حول مستوى اقتراب إيران من حيازة القوة النووية، شكوكا بأن المبالغة الإسرائيلية والتهويل المستمر للقوة الإيرانية، يهدف إلى إزاحة الأنظار كليا أولا عن حيازة إسرائيل ترسانة نووية لا تخضع لأي رقابة دولية، وثانيا عن جرائم الاحتلال المتواصلة، ثم أخيرًا استغلال ستار هذه الاتهامات التي تطلقها دولة الاحتلال، لترتيب أو الإعداد لضربة ما ضد إيران مباشرة، بعد أن أقر الاحتلال أخيرا بفشل، أو استنفاد الفائدة التي كان يرجوها من إستراتيجية "المعركة بين الحروب" في صد التمدد الإيراني في سورية ولبنان، وباستنفاد الفائدة الممكنة من نظام العقوبات الأميركية على طهران.

ويبدو أن دولة الاحتلال ومن خلال إقحام نفسها في "استحقاقات" اتفاق لم تكن طرفا فيه، بل عارضته وسعت إلى إضعافه، ترى فرصة سانحة لمحاولة تصحيح الاتفاق، وتعديل القيود المفروضة على إيران بإدراج موضوع مواجهة وتحجيم الترسانة الصاروخية الإيرانية، وفرض رقابة عليها وعلى برنامج الصواريخ الإيرانية أيضا، بزعم أنه يهدد ليس فقط الأمن الإسرائيلي وإنما أيضا أمن الدول الأوروبية نفسها.

مع ذلك ينبغي عدم إسقاط احتمال كون كل التصريحات الإسرائيلية المتكررة أخيرا في الشأن الإيراني، مناورة إعلامية من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتحقيق مكاسب داخلية لدفع حزب "كاحول لفان" بقيادة الجنرال بني غانتس (الذي أعلن أخيراً أن الملف الإيراني هو موضع إجماع إسرائيلي) باتجاه الذهاب إلى حكومة وحدة وطنية وخفض سقف شروطه المعلنة لضمان نجاح تشكيلها.

التعليقات