06/02/2020 - 14:13

إنهاء الانقسام ووقف العمل باتفاق أوسلو؟

في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي الفلسطيني على "صفقة القرن"، يبدو أن تهديد الرئيس محمود عباس بـ"كسر الأدوات" وإنهاء العمل بأوسلو ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، لن يكون أوفر حظا من سابقاته التي ذهبت أدراج الرياح

إنهاء الانقسام ووقف العمل باتفاق أوسلو؟

في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي الفلسطيني على "صفقة القرن"، يبدو أن تهديد الرئيس محمود عباس بـ"كسر الأدوات" وإنهاء العمل بأوسلو ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، لن يكون أوفر حظا من سابقاته التي ذهبت أدراج الرياح، فيما ستبقى قرارات المجلس المركزي بهذا الخصوص حبرا على ورق.

ومن المفارقات أن وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أوردت خبر رسالة "التهديد" التي قالت إن عباس كتبها باللغة العربية وبخط يده لنتنياهو بهذا الخصوص، نقلت بموازاة ذلك عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها إن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية مستمر على قدم وساق دون أي تغيير، فيما أشارت إلى تقديرات في "جهاز الأمن" تفيد بأن الرئيس محمود عباس، لن يوقف التنسيق الأمني في الفترة القريبة وسيفضل الانتظار من أجل رؤية تبعات "صفقة القرن" على الأرض.

أما في ما يتعلق بالشق الثاني مما يفترض أنه الرد الفلسطيني على "صفقة القرن"، والمتعلق بسفر وفد حركة فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى إلى غزة، على جناح السرعة، للمباشرة بمفاوضات تفضي إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات، فإن زيارة الوفد قد تأجلت أيضا إلى موعد غير محدد، بما يوحي أن الموضوع لم يعد طارئا وعاجلا كما بدا.

ويبدو أن أبو مازن الذي عاد بـ"فتح عربي"، ربما لم يتوقعه، تمثل بإدانة مؤتمر وزراء الخارجية العرب لـ"صفقة القرن"، تبعه إدانة أوروبية خافتة، قد عاد للرهان على الموقف الدولي والعربي الذي يبقيه في مسار المفاوضات بعد أن أسقط لأجله كافة الخيارات الأخرى وحاربها.

وكلنا يذكر أن محمود عباس جاء إلى السلطة كرئيس وزراء في ظل حصار عرفات بالمقاطعة وضمن محاولة تقليص صلاحياته، تمهيدا لنزعها، قبل أن يرثه مبشرا بـ" فجر فلسطيني" جديد خال من "العنف الثوري وغير الثوري" ويعتمد مسار المفاوضات طريقا وحيدا للوصول إلى الدولة المستقلة.

وبهذا المعنى فإن "صفقة القرن" هي ليست مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية فحسب، بل هي صفعة للنهج الذي قاده محمود عباس ممعنا في الرهان عليه عشرين سنة أخرى رغم وبعد حصار عرفات واغتياله في المقاطعة، بكل ما رافق ذلك من تحييد وتهميش لإستراتيجيات وأطر ووسائل نضال ومكتسبات كفاحية راكمها الشعب الفلسطيني على مدى عقود من النضال.

رهان استتبع حل كتائب مسلحة وتحويل مقاتلين إلى عناصر في أمن السلطة وتغيبب تنظيمات وفصائل وتهميش منظمة التحرير الفلسطينية وإركانها إلى دكة احتياط السلطة، وصولا إلى إحداث انقلاب في المزاج العام الفلسطيني من حالة الثورة إلى وهم الدولة الموعودة.

واليوم وهو يجاوز الثمانين من العمر، يدرك الرئيس عباس أن وقف التنسيق الأمني والعودة لأحضان المقاومة، ربما يضعه في نفس الموقف الذي وضع فيه عرفات نفسه، عندما تمرد على أوسلو ودعم الانتفاضة الثانية ومات شهيدا، ولذلك نراه إلى جانب خطاب الحماسة المحشو بالآيات القرآنية التي استشهد بها أبو عمار، لا ينفك يبحث عن "مخارج" أخرى للهروب من فخ أوسلو الذي يطبق عليه وعلى شعبنا.

ورغم إدراكنا أن "صفقة القرن" قد أوصلت هذا النهج إلى طريق مسدود، لا يمكن معها استمرار المناورة والمراوغة، إلا أن المطلوب ليس رئيسًا شهيدًا آخر، بل الخروج بشعبنا وقضيته إلى بر الأمان فعسى أن يجد مهندس أوسلو لنا وله باب النجاة.

التعليقات