24/05/2021 - 01:42

ماذا نريد الآن، وإلى أين وجهتنا؟

حين يهدأ غبار العدوان فوق سماء غزة العزة ويرسب في الأرض، سيكون حكام إسرائيل في خضم تحسس إخفاقاتهم الاستراتيجية. انتهوا حاليا من جبهة قتال حولت كل البلاد إلى جبهة، والمقصود عدوانهم الرهيب من حيث الدمار والقتل على غزة

ماذا نريد الآن، وإلى أين وجهتنا؟

حين يهدأ غبار العدوان فوق سماء غزة العزة ويرسب في الأرض، سيكون حكام إسرائيل في خضم تحسس إخفاقاتهم الاستراتيجية. انتهوا حاليا من جبهة قتال حولت كل البلاد إلى جبهة، والمقصود عدوانهم الرهيب من حيث الدمار والقتل على غزة، والهزيل والمخفق سياسيا واستراتيجيا، ليتفرغوا لجبهة ليس بإمكانهم التخلص منها وهي الداخل والتي تشمل دور هذا القطاع من الشعب الفلسطيني في معركة القدس وغزة ومجمل قضية فلسطين.

ويشكل بيانا كلّ من شرطة إسرائيل والنيابة العامة الصادران أمس (23 أيار/ مايو)، إعلان حرب على الجماهير العربية وخطة خطيرة، وقد تكون أوسع حملة اعتقالات منذ 1948 مرورا بكل المحطات الكفاحية وحالات الصدام. وهي لا تبدو حملة تكتيكية آنية، بل بداية لتحول استراتيجي في تعامل المؤسسة الأمنية التي تعمل باستراتيجيتين متداخلتين ومتكاملتين وهما الاقصائية الانتقائية القمعية وفي المقابل الاحتوائية، وكلاهما تخدمان أهداف الهيمنة والضبط وإعادة العجلة إلى الوراء. أي تهدفان كسر إرادة جماهير شعبنا.

في الداخل كما سيتعاملون من منطلقات انتقامية، وكما ذكر سابقا من باب "إجا دوركم"، وهو ما حدده بشكل جليّ نتنياهو يوم 21 أيار/ مايو. وسيواصل مساعيه ونهجه لخلق شرخ يضع حدا للوحدة الشعبية الكفاحية الحالية وذلك بعدة أدوات من أدوات الدولة القمعية:

1. محاسبة "المتطرفين" وهم "أقلية جدية" حسب تعبيره بين الجماهير العربية، وتشجيع "المعتدلين" والكل يعرف مقصده. وسوف يتعزز نهج الإقصاء الانتقائي. بل أن هذا التصنيف مؤشر لسياسة أعنف وأكثر انتقاما.

2. ستسعى الدولة إلى تجريم ونزع شرعية أي موقف سياسي لا يتماشى مع الخطاب السياسي الإسرائيلي العنصري والوصائي المهيمن، أو كما يقول صديقي الغزاوي راجي الصوراني "يريدوننا ضحية جيّدة ومريحة".

3. جزء من المشروع التاريخي للحركة الصهيونية ولدولة إسرائيل هو تشجيع الشباب العرب إلى الهجرة من البلاد ووضع العراقيل على عودتهم (وثيقة كينغ)، وهذه مسألة قائمة باستمرار لكن ستجد تعبيرا عنها في السياسات الاقتصادية والتشغيلية.

4. السعي إلى رفع منسوب الأحكام في المحاكم وهندسة العقوبات من خلال التحكم بلوائح الاتهام التي يقدمونها بحق المعتقلين والمعتقلات العرب. وذلك بهدف الردع، سواء بالاعتقالات أم الاعتقالات الإدارية.

5. السعي إلى تغيير الخطاب السياسي والترويج للخطاب الاعتذاري من خلال وصائية وترهيب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

6. السعي إلى توسيع نطاق الملاحقات السياسية وتنويعها لتشمل التعقب الدائم للتحركات ولتواصل الأجيال الشابة الفلسطينية والعربية، وزيادة الاعتماد على أدوات حرب السايبر والذكاء الاصطناعي.

7. السعي إلى الإيقاع بالناشطين والناشطات.

8. السعي إلى تشجيع فكرة "المجتمع المحافظ" للحيلولة دون مشاركة المرأة وبالذات الأجيال الصاعدة في طليعة النضال والحراكات الشعبية.

9. السعي إلى تحويل النقاش والصراع من مواجهة سياسات الاحتلال والعنصرية إلى صراع فلسطيني داخلي.

10. ستكون أمام الدولة إعادة نظر في مسألة السلاح المتاح و"غير المرخص"، بعد تقرير المدعي العام الإسرائيلي بأن "نسبة عالية من العناصر الجنائية" شاركوا في المواجهات مع الشرطة والعصابات الإرهابية اليهودية.

11. زيادة التجنيد لقوات الأمن الإسرائيلية، والسعي لكبح ظاهرة تمرد مجندين عرب على الخدمة والاستقالة منها.

12. علينا أن ندرك دائما أنه ليس فقط النضال يتراكم بل أيضا أدوات وأساليب وأهداف القمع، وما ستشهده مواجهات قادمة سيبدأ من حيث انتهي ما سبقها من قمع. ما جرى من عملية أشبه باحتلال القرى والمدن العربية من خلال إقحام وحدات "حرس الحدود" والوحدات الخاصة والمستعربين، ليس مستبعدا أن يتبعه مستقبلا إدخال الجيش بكل ما يعنيه ذلك. أسوق هذا الكلام من أجل رفع جهوزيتنا الكفاحية طويلة الأمد والمقصود تعزيز بنية المجتمع ومؤسساته وخطابه السياسي، وهذا غير ممكن دون حوار شعبي ومؤسساتي تبادر إليه لجنة المتابعة مع كل القوى الفاعلة المنظمة وغير المنظمة، والحزبية والحراكية الشبابية والمهنية وكل الأوساط المعنية داخل شعبنا.

مقترح لخطوات ممكنة وضرورية:

1. لائحة مطالب: إغلاق الملفات ولوائح الاتهام في الداخل، وكذلك إغلاق ملف الشيخ جراح بتراجع دولة الاحتلال عن مخطط التطهير العرقي.

2. السعي لتشكيل هيئة تنسيق فلسطينية عامة تشمل م ت ف وفصائلها وتشمل الفصائل من خارجها أي حماس والجهاد، وتشمل لجنة المتابعة في الداخل بتمثيل واسع، وكذلك تضم أوساط مؤثرة أخرى من خارج الفصائل.

3. هيئة سياسات في لجنة المتابعة – مجلس استشاري، لم يعد يكفي ما تفكر به الأحزاب كموقف يصاغ خلال دقائق، بحاجة إلى وضع تصور متأنٍّ واسع الرؤية. وهذا يبقي مركزية مركبات المتابعة لكن يتيح بلورة مواقف وخطوات أبعد من الجوانب الفورية والمستعجلة للحال.

4. تعزيز الخطاب المتهم للدولة وتحميلها المسؤولية عن عدوانها على القدس والداخل وغزة وعن الاعتداءات القتل والاعتقالات وإتاحة المجال لأعمال اللينش، وهذا أبعد من مجرد إصدار موقف بل تنظيم حملة إعلامية وعرائض وشكاوى محلية وعالمية تطالب الساسة الإسرائيليين بالاعتذار على تصريحاتهم العنصرية وبالذات نتنياهو، وأوحانا.

5. حملة لاتهام الإعلام بالمسؤولية عن التحريض الدموي والفاشي، وفضحه عالميا ومطالبته بالاعتذار.

6. الحماية الدولية تحويلها إلى مشروع سياسي شعبي وعدم حصرها في المراسلات والإعلام فحسب.

7. مواصلة تنظيم المحامين والمحاميات العرب سواء ما تقوم به عدالة أم تطوير هيئة التنسيق بينهم وإعدادهم بالشكل الأمثل لمواجهة الاعتقالات وإدارة الملفات.

8. تعزيز وتقوية هيئة الطوارئ القطرية، والتي اكتسبت تجربة هامة في مرحلة الكورونا لتتجاوب مع متطلبات المرحلة الآنية ومستوى خطورة التحديات ذات الصلة.

9. من أجل القيام بالكثير من المهام المذكورة أعود وأكرر مقترح الصديق رائف زريق حول الحاجة الماسة لإقامة منصة إعلامية إخبارية وتحليلية بمهنية عالية وجديرة (أو منصات إعلامية) باللغة العبرية والإنجليزية، تنطق بقضايا الجماهير العربية في الداخل وتوصل خطابها وتعددية مواقفها واجتهاداتها.

التعليقات