01/06/2021 - 22:54

لا بعير لنا فيها ولا وزير..

لا ناقة ولا وزير ولا بعير لنا في هذه الحكومة، يريدون منا خدمة آنية تكتيكية فقط، والحقيقة هي أنهم يخجلون من العلاقة مع الأحزاب العربية، ولولا أن فتح نتنياهو الطريق لهم مع الموحّدة، لما تجرؤوا على طلب الدعم

لا بعير لنا فيها ولا وزير..

(أ ب)

سيبدأ نفتالي بينت رئيس حزب "يمينا" في التناوب على رئاسة الحكومة التي توشك أن تتشكل من عدة أحزاب تجمعها الرغبة في التخلص من بنيامين نتنياهو.

هذه الحكومة تتشكل من أقطاب يمين يزاود في يمينيته وتشدّده تجاه العرب الفلسطينيين سواء كانوا من مواطني دولة إسرائيل أو تجاه قضايا لب الصِّراع، بل ويرى هذا اليمين في نتنياهو مقصّرا في توجيه المزيد من الضربات لشعبنا، سواء في حربه على غزة، أو في مصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربية، والمزيد من الاستيطان والضمّ والتوسّع والتهجير، وفي إطلاق يد قوات الاحتلال من شرطة وجيش وقوى فاشية مسلّحة من المستوطنين بدون محاسبة.

هذه الحكومة لا يرى معظم أقطابها مكانًا لشعبنا بين البحر والنهر، سوى أن يكون مستعبدًا وبلا حقوق، هؤلاء يضعون شعبنا أمام خيارين، إما القبول بأن يكون مستعبدًا وبلا حقوق سياسية ولا حتى مدنية سوى الحد الأدنى منها، أو أن يرحل من وطنه إلى بلاد الله الواسعة.

هذه حكومة لا يطرح معظم أقطابها أي حل للصراع سوى المزيد من العسكرة والتدمير والقتل والقوة.

هذه حكومة يريد معظم مركباتها فرض رؤيتهم إلينا كقبائل وطوائف وأفراد، ومحو ذاكرتنا، يريدوننا أن نروي روايتهم، وأن نتنكر لأنفسنا ولتاريخنا ولنكبتنا، أي أن نخرج من جلودنا.

في الدول الطبيعية، يُفترض أن تكون الميزانيات والخدمات حقا للمواطنين ومؤسساتهم، وهذ حقنا كمواطنين أصلانيين، ولسنا قادمين من أي مكان سوى من رحم هذه الأرض، إلا أن معظم أقطاب هذه الحكومة العتيدة ينظرون إلينا كما لو كنا مهاجرين وغرباء، وأن ما يمنحونه لنا ليس سوى تكّرم يجب أن نشكرهم عليه.

ربط الميزانيات بالولاء لهذه الحكومة أو تلك، هو إعلان صارخ عن التمييز العنصري، فمثل هذا الشرط لا يطلب من أي مواطن أو مجلس بلدي يهودي، ولا من ممثلي الجمهور اليهودي في الكنيست، فالحقوق للمواطن اليهودي مفهومة ضمنا سواء كان يمينيًا أو يساريًا، مع الحكومة أو ضدّها.

هناك من يقول ما فائدة وجود ممثلينا في الكنيست إذا ما لم يدخلوا في الائتلاف الحكومي؟

نعم جيّد أن نكون في يوم ما داخل ائتلاف حكومي، ولكن ليس في كل ظرف وفي حكومة، على الأقل ليس في حكومة تعتبر العنصرية قانونا منزلا ومبدأ لا تنازل عنه، وترفض أي فكرة جديدة لإنصافنا، وترفض أي فكرة لحلٍ مع شعبنا سوى القوة والإخضاع والبطش والسيطرة بالقوة على كل شيء من أرضٍ وماء وفضاء وبناء.

كنا سنكون سعداء لو انتخب الشعب أكثرية حكيمة تقبل برفع الإجحاف التاريخي عن شعبنا، وتقرّر المضي نحو حياة سلمية ومشتركة ومساواة في الفرص والخدمات والحقوق القومية والمدنية.

طبيعي جدًا هو أن نقول لا كبيرة لهذه الحكومة، فهي ليست عنوانا للتغيير، سوى أنها تريد استبدال شخص بآخر وليس تغيير نهج وسياسة بأخرى.

في الوقت ذاته، غنيٌ عن القول إن أي اقتراح قانون أو قرار فيه مصلحة للجمهور العربي أو يخفف من معاناة الناس فإن ممثلينا لن يقفوا ضده، وهذا لا يحتاج إلى تأييد هذه الحكومة المقترحة أو غضِّ الطرف عن توجهاتها الأيدلوجية الخطيرة.

إضافة إلى هذا، فإن بعض الشخصيات المركزية في هذه الحكومة المقترحة، في موضع مشبوهين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، هذا ما أعلنته عدة منظمات دولية، خصوصًا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

مهمة ممثلينا في الكنيست ليست تقليدية، وعملهم غير محصور بالحصول على ميزانيات أو توظيفات هنا أو هناك، المهمة الأساسية هي فضح بنية هذا النظام العنصري، وعدم منحه فرصة استخدامنا كورقة توت لتغطية جرائمه والاستمرار بها، بل مقاومته حتى تحقيق العدالة نسبيًا على الأقل.

هذه الحكومة لا تحمل أي بشرى طيّبة بالنسبة لأي قضية أساسية من قضايا جماهيرنا وشعبنا، ولهذا يجب معارضتها منذ اللحظة الأولى.

أخيرًا، كان النائب سامي أبو شحادة محقًّا عندما سأله المحاور خلال مقابلة مع موقع "واينت" عن توجه لبيد إليه بالامتناع عن التصويت! فقال: "بدلا من التوجه لي بالامتناع عن التصويت فليعرض عليَّ أن أكون وزيرًا للتربية والتعليم، وليقل لي خذ يا سامي هذه الوزارة وربِّ الأجيال ضد العنصرية"، طبعا هذا مستحيل أن يحصل، فلا ناقة ولا وزير ولا بعير لنا في هذه الحكومة، يريدون منا خدمة آنية تكتيكية فقط، والحقيقة هي أنهم يخجلون من العلاقة مع الأحزاب العربية، ولولا أن فتح نتنياهو الطريق لهم مع الموحّدة، لما تجرؤوا على طلب دعم من الأحزاب العربية، ولهذا لم يعرضوا حتى على القائمة الموحدة المحتملة كشريك في الائتلاف القادم أي وزارة مقابل التأييد! لأنهم يخشون من أن تقاربًا كهذا ولو أنه لمصلحة آنية عابرة، قد يدفعون ثمنه في انتخابات قادمة من قِبَل الجماهير التي ربَّوها وأقنعوها بضرورة وجدوى العنصرية ضد العرب كجزء لا يتجزأ من بنية النظام والدولة.

التعليقات