07/08/2021 - 10:27

نجاح وتفوق وأفق مسدود

منذ أيام والاحتفالات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة تنطلق من كل بيت تقريبًا احتفاء بنجاح ابن أو ابنة، بل ربما بالتفوق والامتياز، في امتحان التوجيهي، الذي يعتبر أولى محطات الانطلاق في الحياة للخريج الفلسطيني، قبل أن تداهمه عراقيل الاحتلال

نجاح وتفوق وأفق مسدود

طلاب ثانوية بعد إعلان نتائج التوجيهي في الضفة المحتلة (أ ب أ)

منذ أيام والاحتفالات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة تنطلق من كل بيت تقريبًا احتفاء بنجاح ابن أو ابنة، بل ربما بالتفوق والامتياز، في امتحان التوجيهي، الذي يعتبر أولى محطات الانطلاق في الحياة للخريج الفلسطيني، قبل أن تداهمه عراقيل الاحتلال وحواجزه وممارساته. لكن أولى العقبات التي قد تصل حد كونها سد الأفق أمام الخريج الفلسطيني هي نظام التعليم العالي في الأراضي المحتلة، والفروق الهائلة في أقساط التعليم المطلوبة من الطالب أو الطالبة تبعاً لكل اختصاص.

عمليًا فإن نظام القسط الجامعي الذي (يتطلب من الطالب الفلسطيني مثلاً أن يدفع أكثر من خمسة آلاف دينار رسوم تعليم إذا أراد دراسة الطب ونحو ألف دينار إذا كان يريد الالتحاق بإحدى كليتي الآداب والاجتماع، وربما العمل الاجتماعي) يضع مسبقًا حواجز وعراقيل أمام أحلام الخريج الفلسطيني الذي حقق تفوقًا وتميزًا في علامات التوجيهي، ما لم يجد منحة تعليمية، إذا كانت أسرته متوسطة الحال، ولا تتمتع بحال ميسورة تمكّنها من دفع رسوم التحاقه في كلية الطب أو الصيدلة في الضفة الغربية نفسها (في جامعة النجاح أو جامعة القدس المفتوحة أو الجامعة الأميركية في جنين) والتي تصل إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف الرسوم الجامعية للاختصاص نفسه في الجامعات الإسرائيلية الرسمية وغير الخاصة.

يعني هذا أن نظام التعليم الفلسطيني، خصوصًا بعد وصول السلطة الفلسطينية وانتشار الكليات والجامعات الخاصة، يكرس الفروق الطبقية، ولكن الأخطر من ذلك في ظل غياب نظام منح حقيقي ونزيه ومستقيم، فإنه يشكّل الحاجز الأول لكل من حصل على علامات عالية في امتحانات التوجيهي في تحقيق حلمه والالتحاق بكليات الطب والصيدلة مثلاً أو كليات مهن مستقلة.

الأفراح التي تعمّ محافظات الأراضي المحتلة مصحوبة بتهانٍ على شبكات التواصل الاجتماعي من وزراء، ربما في الحكومة الفلسطينية وشخصيات اجتماعية بارزة، تتجاهل بشكل واضح وتقفز عن حقيقة أن بضعة آلاف من طلبة المرحلة الثانوية في القدس المحتلة قد تمت "سرقتهم" وجرّهم لإجراء امتحانات التوجيهي وفق النظام الإسرائيلي المعروف باسم "بجروت" كمقدمة لسرقة وعيهم الأكاديمي والتعليمي والوطني وإبعادهم عن فضاء التعليم الجامعي الفلسطيني، مقابل وعود بمستقبل مضمون بعد الشهادة الإسرائيلية، فيما يبقى الأفق مسدودًا أمام من نجح وتفوق وتميز لكنه لا يستطيع اجتياز حاجز نظام القسط الجامعي الفلسطيني القائم.

التعليقات