08/04/2022 - 17:42

إسرائيل وعودة الإمبراطوريات القديمة المحتملة؟

يقول ألكسندر دوغين، صاحب النظرية السياسة الرابعة في روسيا ويُطلق عليه "عقل بوتين"، عن الحرب الروسية في أوكرانيا إنه "إما أن ننتصر ويكون العالم متعدد الأقطاب أو يزول العالم وينتهي"، موضحًا أكثر ما قاله بوتين نفسه في بداية الحرب:

إسرائيل وعودة الإمبراطوريات القديمة المحتملة؟

(Getty Images)

يقول ألكسندر دوغين، صاحب النظرية السياسة الرابعة في روسيا ويُطلق عليه "عقل بوتين"، عن الحرب الروسية في أوكرانيا إنه "إما أن ننتصر ويكون العالم متعدد الأقطاب أو يزول العالم وينتهي"، موضحًا أكثر ما قاله بوتين نفسه في بداية الحرب: عالم بلا روسيا ليس لوجوده ضرورة.

روسيا كما ينظر إليها دوغين وبوتين بعد الانتصار هي الإمبراطورية الأوراسية في عالم متعدد الأقطاب. الملفت للنظر أن نظرية دوغين "السياسية الرابعة"، بعد الليبرالية والماركسية والقومية، ترى في العالم متعدد الأقطاب عودة نشأة الإمبراطوريات القديمة، وفقًا لخصوصيات إرثها وعقائدها التاريخية المتجددة مع روح العصر.

في السياق ذاته، ترى العقيدة البوتينية أن أهم الأقطاب المتوقعة أن تقوم وتكون حليفة لروسيا هي الإمبراطورية الصينية والإسلامية مع بقائه على المسافة نفسها بين إمكانية قيادة إيران وتركيا أو العرب لها، أو أي نموذج أو نماذج تجسد الفكرة ذاتها. المهم أن يجتمع هذا التحالف الروسي - الإسلامي - الصيني على دحر الليبرالية الغربية، وتصفية هيمنة الاستعمار الغربي الثقافي ليتسنى لشعوب وأمم العالم إحياء موروثها الحضاري والديني ونظامها السياسي، كما تفهمه وتريده.

بالنسبة لدوغين، روسيا تساوي بوتين، بمعنى أن حكم الحاكم فوق القانون. وقد يُفسر هذا تقارب بعض قادة العرب من روسيا. وعليه، إن انتصرت روسيا، وهي مصرة على ذلك، يتوقع أن تتغير خارطة التحالفات في المنطقة العربية الإسلامية باقترابها أكثر من روسيا والصين.

وهنا أهمية سؤال ما هو موقع إسرائيل في حالة فرضت روسيا نظاما عالميا جديدا متعدد الأقطاب كما يرسمه دوغين؟

للإجابة على هذا السؤال لا بد من العودة إلى الدور التاريخي كما رسمه الاستعمار لإسرائيل، والتي حددته وثيقة وعد بلفور التي استكملت مهام اتفاقية سايكس - بيكو بعد الحرب العالمية الأولى؛ حيث انسجم هذا كله بعد الحرب العالمية الثانية مع الوثيقة الذي رفعها الجنرال الأميركي، باتريك هارلي، لرئيسه فرانكلين روزفلت بعد زيارته لفلسطين عام 1943، حيث أكد أن للحركة الصهيونية ثلاثة أهداف؛ أولاً، إقامة دولة يهودية في كل فلسطين ويمكن لاحقًا في الأردن أيضًا؛ ثانيًا، طرد وتهجير العرب سكان فلسطين؛ ثالثًا، بسط السيطرة الاقتصادية والسياسية والأمنية على المنطقة برمتها.

بعد هذه الوثيقة بعام، كتب الخبير العسكري الإستراتيجي الهولندي - الأميركي، نيكولاس سبيكمان، ما أطلق عليه في حينه نظرية "الرالاند" (نظرية "إطار الأرض")، وفيها قال إنه على الغرب والاتحاد السوفييتي معه أن تنتبه إلى هذه المنطقة الأخطر على حضارته ووجوده، حيث أن الإمبراطورية الإسلامية الأولى وصلت إلى تولوز على الحدود الفرنسية، واحتلت الإمبراطورية العثمانية شرقي وسط أوروبا.

نسوق هذا السرد لأن الاتحاد السوفييتي الذي ورثه بوتين تبنى توصيات سبيكمان هذه، وأول من اعترف بإسرائيل وزودها بالسلاح ودافع عنها، وأمر اتباعه في الحزب الشيوعي الإسرائيلي في حينه دعمها. لذا باعتقادنا، بوتين وروسيا في عالم متعدد الأقطاب لن تتخلى عن هذه الإستراتيجية. والتنسيق الأمني والعلاقات القوية بين إسرائيل وروسيا اليوم هي مؤشر لذلك.

قطب الصين بدوره على علم من نظرية وتوصيات سبيكمان، ونعتقد أنه ليس من مصلحته الوقوف ضد إسرائيل. في أحسن الأحوال يمكن أن يدعموا حلا سلاميا يكفل استمرار وجود إسرائيل.

يبقى السؤال، هل سيقوم القطب الإسلامي؟ وإن قام، فالتنافس بين إيران وتركيا والعرب هنا حاضر غائب، وأقرب لتركيا المتحالفة مع إسرائيل، وهم معها لصد إيران المتمددة حتى الآن في خمس مناطق ودول عربية وهي، العراق، وسورية، ولبنان، اليمن وغزة.

خلافًا لكل الأقطاب المتوقعة، إيران تتفق، ولو تكتيكيا، مع فصائل المقاومة الفلسطينية، سواء حركة "حماس" وغيرها، على اقتلاع المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين. من هنا، وفي ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية المتوقعة بعد الحرب الروسية الأوكرانية يبقى السؤال: كيف ستكون الإستراتيجية الفلسطينية على الطريق إلى عام 2048، أي بعد مئة عام على قيام إسرائيل وعمرها نكبة الشعب الفلسطيني؟

التعليقات