29/06/2022 - 08:33

سياسة حكومة بينيت في الميزان

مع دخول مرحلة العدّ التنازلي للحكومة الإسرائيلية الحالية التي ترأسها خلال ولايتها كحكومة فاعلة، نفتالي بينيت، زعيم أحد أطياف الصهيونية الدينية، يمكن أن نلخّص ونقول إنه في كل ما يتعلّق بسياستها الخارجية، وخصوصًا حيال قضية فلسطين، كانت حكومة يمينية صقرية.

سياسة حكومة بينيت في الميزان

رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت (أ ب)

مع دخول مرحلة العدّ التنازلي للحكومة الإسرائيلية الحالية التي ترأسها خلال ولايتها كحكومة فاعلة، نفتالي بينيت، زعيم أحد أطياف الصهيونية الدينية، يمكن أن نلخّص ونقول إنه في كل ما يتعلّق بسياستها الخارجية، وخصوصًا حيال قضية فلسطين، كانت حكومة يمينية صقرية. والآن في تلخيص ولايتها القصيرة التي بدأت يوم 13 حزيران/ يونيو 2021، لا بُدّ من أن يُشار تحديدًا إلى أن أبرز ما أفلح فيه رئيسها هو أن يحشد باستمرار دعم شركائه لجرّ عربة السياسة اليمينية التي يقودها.

ما يؤكده أنصار بينيت أنه إذ كان ميكيافيليًا في انخراطه ضمن صفوف هذه الحكومة بالذات، فإن غايته القصوى من وراء ذلك تمثلّت في استمرار سياسة إسرائيل اليمينية. وفي التحصيل الأخير، أتت هذه الغاية أكلها في اختبار التطبيق العملي، ولدى وضع السياسة العامة لحكومته على الأصعدة كافة في الميزان، ابتداءً من سياسة تكثيف الاستيطان في أراضي الضفة الغربية وشمل هضبة الجولان ضمن هذه السياسة (بشكل ينبغي القول إنه لم يسبق أن أقدمت عليه أي حكومة إسرائيلية في الماضي القريب)، وانتهاء بوضع حدّ لما وصف بأنه "سياسة احتواء" إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، مرورًا بتصعيد العمليات ضد إيران ومشروعها النووي ومحاولاتها الرامية إلى بسط هيمنتها الإقليمية، وعدم تقديم أي تنازل فيما يخص تنظيم "مسيرة الأعلام" في مدينة القدس وفقًا لخطتها التقليدية ومسارها المشحون.

في واقع الأمر، تمثلت قوة بينيت عند تأليف الحكومة في عدم تقييد نفسه بخطوط سياسية عريضة، ما أتاح له إمكان أن يواصل سياسة الحكومة السابقة، بل وأن يدّعي تشديدها. ويبدو من استطلاعات الرأي العام الأولية في الوقت الحالي أنّ بينيت استطاع الحفاظ على قاعدته الانتخابية، بالأساس من خلال عدم وضع عراقيل أمام مشروع الاستيطان في أراضي الضفة الغربية.

وللتذكير: عندما أقيمت هذه الحكومة كان العنوان الرئيسي لقناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان 11" هو التالي: "تأليف حكومة جديدة من دون خطوط عامة تفصيلية: ما يمكن الاتفاق عليه نقرّه، وما لا نتفق عليه يُنحّى جانبًا".

وجرى الاكتفاء، في مستهل مقدمة اتفاقية الائتلاف، بالإشارة إلى أنه نظرًا إلى كون إسرائيل عالقة في أزمة سياسية حادة وعدم استقرار حكومي حادّ منذ نحو عامين، ونظرًا إلى أنه منذ الخروج من أزمة وباء كورونا يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحدّيات اقتصادية استثنائية بحجمها وتعقيداتها ما يستلزم وجود حكومة فاعلة بشكل فوري؛ قرّرت الكتل الموقعة على هذه الاتفاقية تأليف "حكومة وحدة" ستركّز على العمل في المجالين، المدني والاقتصادي، من أجل تحسين رفاهية المواطنين الإسرائيليين من جميع الفئات والقطاعات، وأول ما ستفعله الحكومة هو عرض ميزانية عامة للدولة للعامين الجاري والمقبل على الكنيست.

عندما يُقال "المجال المدني" فهو يشمل ضمنيًا ووفقًا لمنطق كل الأطياف السياسية في إسرائيل، المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة 1967 باعتبارهم "سكانًا مدنيين". وفي هذا الإطار كان من الطبيعي مثلًا أن يتم الاتفاق ضمن الحكومة بين وزيرة الداخلية (من حزب بينيت) ووزيرة المواصلات (وهي رئيسة حزب العمل المحسوب على "اليسار الصهيوني")، على رصد ميزانيات ضخمة لشق شوارع وتسيير مواصلات عامة للمستوطنين في الضفة الغربية.

كما أنّ برنامج الحكومة عمومًا تضمّن خطة لتطوير القدس وتعزيز وحدة شطريها كـ"عاصمة أبدية" لدولة الاحتلال. وقبل أن ينفرط عقد الحكومة، أقرّت يوم 29 أيار/ مايو الفائت، سلسلة من القرارات التي تنص على تطوير "المدينة الموحدة" بميزانية تفوق مليار شيكل في إطار خطة خماسية ستركز على التطوير الاقتصادي، والاستثمار في المؤسسات الأكاديمية، والنهوض بالقدس باعتبارها مركزًا سياحيًا، وإيجاد فرص عمل جديدة في المدينة، إلى جانب خطط تطوير وتشييد طرق، وإخلاء نفايات، وترشيد استهلاك الطاقة، والاستثمار في بلدة سلوان (التي تسمّى إسرائيليًا "مدينة داود)، والتي اعتبرها بينيت "أحد أهم مواقعنا التراثية التاريخية"!

التعليقات