19/09/2022 - 08:06

يريدون التجمع "عنزة جرباء"

يسعون لتحويل التّجمع إلى "عنزة جرباء"، فلبيد وغانتس يقبلان تشكيل حكومة بدعم الموحّدة لأنها بدون شروط سياسية، لا بل وباعتراف بيهودية الدولة، أما العائق في المشتركة فهو التجمّع، فالمشتركة مقبولة وممكن التفاهم معها مع كما حدث مع الموحدة.

يريدون التجمع

شبيبة التجمع

دائما كان في السياسة ما يسمونها العنزة الجرباء، يستخدمها أولئك الذين يريدون تفريق قوّة خصومهم وتفتيت وحدتهم، "أنتم جيدون رغم الخلافات بيننا وممكن أن نتفاهم معكم لولا وجود العنزة الجرباء بينكم".

في رواية المتشائل لأميل حبيبي، كان رجل السلطة (الأدون سفسارشك) يعِد سعيد أبو النحس بأن يعيد له حبيبته يعاد بعد الانتخابات، شرط أن يشدَّ حاله ويصوّت هو وكل من هم حوله لحزب سفسارشك، وهو ما كان وقتها حزب "أحدوت عافوداه"، فيعمل سعيد ما باستطاعته كي يرضى السّيد. في تلك الأيام كان العرب يصوّتون بنسبة تصل إلى 90% وأكثر، معظمها للحزب الحاكم، فالحزب الحاكم كان يطالبهم بالأصوات إثباتا لولائهم للدولة، وكان الناس يخافون، فهم أقلية صغيرة بعد نكبة وتشتّت أكثر أبناء شعبهم، وكانوا يخشون المصير نفسه.

رغم جهود سعيد أبو النحس، كان السّيد سفسارشك يزعل منه ويوبّخه إذا ظهرت بعض أصوات للشيوعيين في هذا الصندوق أو ذاك، رغم أن الحزب الشيوعي مشروع وأكثر كوادره وقتها كانت من اليهود وكيبوتسات كاملة كانت تؤيده، فيقول له "لماذا ظهرت بعض أصوات الحُمُر، راحت عليك يعاد".

ينتظر سعيد الجولة التالية من الانتخابات ليعيش على الوهم نفسه، بأنّ سفسارشك سيعيد له يَعاد، إلى أن يجد نفسه في النهاية على الخازوق.

مرّت أكثر من ستة عقود على أيام سفسارشك، إلا أن القصّة نفسها ما زالت تتكرر في كل انتخابات، ولكن بطبعة جديدة في كل مرّة.

عندما أوصلت المشتركة خمسة عشر عضوًا وأوصت على غانتس، هرب غانتس إلى نتنياهو، وتنازل له عن رئاسة الحكومة، وهو يعرف أن بيبي لن يفي بالتزامه، ولكنه لم يُرد أن يسجلَّ سابقة في تاريخه بأنه أصبح رئيس حكومة بأصوات العرب، وخصوصًا أنه كان للمشتركة مطالب سياسية وليس فقط مطالب اقتصادية.

التحوّل حدث عندما اكتفت الموحَّدة بمطالب اقتصادية ومدنية تحت شعار "خدمة مجتمعنا"! الأرقام والحقائق تقول إنّنا ما زلنا كما كنّا من حيث الاعتراف بالبيوت غير المرخصة ومن حيث محاربة الجريمة وتواطؤ السلطة وحتى من ناحية ميزانيات.

أما في كنيست هذه الأيام فيسعون إلى تحويل التّجمع الوطني الديمقرطي إلى "عنزة جرباء"، فلبيد وغانتس يقبلان تشكيل حكومة بدعم الموحّدة لأنها بدون شروط سياسية، لا بل وباعتراف بيهودية الدولة، أما العائق في المشتركة فهو التجمّع، فالمشتركة مقبولة وممكن التفاهم معها كما حدث مع الموحدة، ولكن التجمع هو المشكلة.

هكذا بدأ الإعلام الإسرائيلي بشيطنة التجمّع، فهو "متطرّف جدًا"، ويرفض الإقرار بيهودية الدولة كما فعلت الموحدة، وصوته واضح في هذه القضية وغيرها.

كذلك فإن في صلب سياسة التجمع قناعة، بأنّه لا يمكن فصل وتجزئة القضية الفلسطينية، فهي في النهاية قضية واحدة فإما أن تحلَّ بكل فروعها أو أنها ستبقى ملتهبة تشتعل هنا مرّة وتارة هناك، وما يحدث في الضفة الغربية أو قطاع غزة ينعكس على الداخل فورًا، كما حدث في أيار العام الماضي خلال العدوان على قطاع غزة. إنه خيار السلطة وليس خيار التجمع، فهي التي تسمح بانتشار السلاح في المجتمع العربي لتخريبه، وهي التي ترفض أي حلِّ مع الشّعب الفلسطيني.

كانت الرسالة إلى المشتركة بأنَّ الانفصال عن التجمع الذي يعلن رفضه للتوصية سيفتح إمكانية إقامة حكومة بتأييد المشتركة! كذلك فإن لبيد يعلن أنه لا مساواة قومية للعرب، وبهذا لن يستطيع الجمع بين تناقضات واسعة بين التجمع وبين حلفائه الآخرين، ولهذا فإن مصلحته هي تحييد التجمع وإخراجه من المشتركة.

من الواضح أن الجبهة والتغيير، في الساعتين الأخيرتين، خدعتا التجمّع وحاولتا منعه حتى من تقديم أوراقه! سوف يتحدثون عن حرصهم على الصوت العربي ومنع "حرق أصوات"، وأن على التجمع أن يكون مسؤولاً وينسحب!

ما سيحصل هو أن نسبة التصويت سترتفع، فهناك كثيرون من جمهور التّجمع كانوا لا مبالين، الآن استيقظوا وسوف يزدادون، وهناك كذلك مؤيدون للجبهة ممن كانوا غير مرتاحين لوجود التجمع معهم سوف ينشطون، ولكن هناك متذمِّرون من جمهور الجبهة من التخلي عن التجمع والتمسك بقائمة رئيسها متمسّك بالكرسي منذ عقدين وأكثر، بل أن هناك قيادات من التغيير أعلنت استقالتها، احتجاجًا على هذا النهج.

من ناحية أخرى فإن تصرّف الجبهة والتغيير منح الموحدة شرعية كاملة في موقفها وسياستها، وهذا سوف يعزّز من قوّتها على حساب الجبهة والتغيير وليس على حساب التجمع، لأن التجمُّع ما زال واضحًا في موقفه ومتمسّكا به.

سوف يُلاحظُ ارتفاع الملتفين حول التجمّع، ليس فقط من كوادره التي كانت مستاءة، بل ومن الجمهور الواسع، وخلال الأسبوعين المقبلين سيكون قريبًا جدًا من نسبة الحسم.

التعليقات