13/11/2022 - 13:38

لماذا يحتفل التَّجمع الوطني؟

شعر التجمُّعيون باستعادة قوَّتهم، وأوضحوا لمن تعاملوا مع التجمُّع بفوقية وأنانية في السنوات الأخيرة الحجم الحقيقي لكل حزب.

لماذا يحتفل التَّجمع الوطني؟

ظاهرة غريبة، ربما تحدث لأول مرة في تاريخ الانتخابات، لم يحدث أن أخفق حزب في الوصول إلى الكنيست أو البلدية وعلى الرغم من ذلك يحتفل بإنجازه ويعتبره تاريخيا.

فرحة النصر كانت واضحة من خلال تبادل التهاني والابتسامات على وجوه المحتفلين في قاعة العوّادية في شفاعمرو، مساء السّبت الأخير، الشُّعور لدى الجميع بنصر كبير حقّقه التجمّع في وقت قصير لم يتجاوز الثلاثين يومًا، سرُّ هذا في الشعور بأن التجمع استعاد إرادته وقوّته، فقد أعاد تجميع كوادره التي فترت حماستها في السنوات الأخيرة.

كتب بعض "المحللين" بهدف إسقاط التجمع بأنه لن يحصل على أكثر من 70 ألف صوت، وذلك لإحباط المقبلين على التصويت له، وأطلقوا حملة "حرق الأصوات" بمشاركة مراكز استطلاع سلطوية معادية وأحزاب عربية!

كانت هذه مغامرة "انتحار" لمن يعتقدون أن العمل البرلماني هو آخر المشوار، وأن عدم دخول الكنيست يعني النهاية، لهذا لا يستوعبون على ماذا هذا الفرح؟! هؤلاء يعتقدون أن دخول الكنيست هدف بذاته، وعليه فمن الطبيعي أن يكون عدم الوصول للكنيست بالنسبة لهم نهاية مشروع نضالهم، بينما يختلف الأمر جذريًا لدى التجمُّع، الذي اعتبر أن وجوده في الكنيست عامل مساعد للعمل الجماهيري وليس الهدف الأساس، وكان خوضه الانتخابات منفردًا مقياسًا لقبول فكره وطريقه، والناطق الذي يمثّله بأمانة وحِرفية في العمل البرلماني الدكتور سامي أبو شحادة.

اعتبرَ التجمُّع أن الانتخابات استفتاءٌ على طريقه، وربح الرهان على محبة الناس والتفافهم من حوله، لقد قالوا إنهم يريدون لهذا الصوت أن يستمر.

شعر التجمُّعيون باستعادة قوَّتهم، وأوضحوا لمن تعاملوا مع التجمُّع بفوقية وأنانية في السنوات الأخيرة الحجم الحقيقي لكل حزب.

لا نخفي أن بعض التجمعيين فاجأتهم النتيجة مثل كثيرين، وتوقعوا أقل من هذا الرصيد وهم راضون.

فرح التجمعيون بآلاف الأصوات التي جاءت من دون معرفة مصدرها، أولئك الذين قرَّروا التصويت للتجمع دون أن يصلهم أحد ويدعوهم إلى ذلك، الناشطون لمسوا هذه الحقائق في ساحات المدارس في يوم الانتخابات.

حدث معي أن قلت لصبية لا أعرفها وهي ماضية إلى الصندوق.. صوّتي ضاد، للتجمع! فردّت عابسة "لم تكن بحاجة لتقول لي هذا، طبعا تجمّع".

تفرح من أولئك الذين كانوا سيصوتون إلى قائمة أخرى في بداية الحملة خشية "حرق صوتهم" ومع اقتراب يوم الانتخابات قرّروا التصويت للتجمع بقناعة، حتى لو لم يعبر نسبة الحسم، فتفهم أنهم استوعبوا أهمية التعبير عن الموقف، سواء دخل أو لم يدخل الكنيست.

التحدي الآن هو استيعاب الجيل الشاب ومنحه التعبير لأخذ دوره وفتح الفروع من جديد حيث كانت قد أغلقت.

الحزب الحقيقي يستطيع تمويل نفسه بنفسه من دون دعم الكنيست، أي من اشتراكات أعضائه ومن المتبرعين.

التجمعيون فرحون بانتساب العشرات وربما المئات إلى التجمُّع بعد الانتخابات، وهذا ما كان ليحدث لولا الفرز الذي جرى، على الرغم من رغبة التجمّع في البقاء داخل المشتركة ولو مظلومًا، الآن يعرف كل حزب مكانته بين الجمهور.

الأرضية خصبة، التجمع في صعود، ومن حقه أن يفرح بإفشال من خطّطوا لحرق طريقه، وعلى رأسهم السُّلطة نفسها وليس فقط بعض شركائه في المشتركة.

السلطة حاولت شطبه، وأوحت للجمهور بأنه خطير فلا تقربوا منه، أرادت تخويف الناس وإضعافه! من ناحيتها أرادت المحكمة العليا ضرب عصفورين بحجر واحد، أرادت أن تحافظ على الوجه الديمقراطي لإسرائيل، ولهذا اتخذ القضاة قرارهم بالإجماع بالسّماح للتجمع بخوض الانتخابات، وفي الوقت ذاته أملوا بأن يُسقطه الجمهور، وحينئذ سينتهي التجمُّع من دون إساءة للديمقراطية الإسرائيلية! إلا أن الناس فاجأوا الجميع بالتفافهم حول مشروعه وليس تعاطفًا فقط، وخصوصًا أن أكثر المصوتين للتجمُّع كانوا يعرفون أن احتمال عدم عبوره نسبة الحسم وارد جدًا، وعلى الرغم من ذلك منحوه ثقتهم لأنهم صدّقوا روايته منذ ليلة تقديم القوائم.

نعم نفرح لأنّ كل ما نشره التجمُّع حول الأعداد و"تنكات الزيت" كان صحيحًا، ولم يضلّل الناس، ولم يكن التجمُّع بانتظار معجزة كي ينجح، فلا معجزات، سوى الرجال والنساء والشبان الذين شمّروا عن سواعدهم ونزلوا إلى الميدان بكامل الثقة والحماسة لمشروع وفكر التّجمع، الذي له أثره وبصمته ومكانه على مُجمل المشروع الوطني الفلسطيني.

التعليقات