22/12/2022 - 17:27

بعد خمس انتخابات نتنياهو يعلن أنه "استطاع"...

ماذا يستطيع بن غفير أن يفعل أكثر مما فعله بار-ليف من اقتحام للجنازات والاعتداء على حملة جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة؟ وماذا يستطيع غالانت أن يفعل أمام آلة القتل الإسرائيلية التي أطلقها غانتس؟

بعد خمس انتخابات نتنياهو يعلن أنه

(Getty Images)

أعلن بنيامين نتنياهو قبل انتهاء المهلة الإضافية الممنوحة له أمس الأربعاء، عن تمكنه من تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، وهي الحكومة السادسة التي يرأسها نتنياهو والتي نجح بتشكيلها، بعد أن شهدت السنوات الأربع الأخيرة خمس جولات انتخابية "خضخضت" الساحة الإسرائيلية، لم يتمكن خلالها أي من المعسكرين المتنافسين حسم النتيجة لصالحه.

وفي وقت كثر الحديث، خلال تلك الفترة، عن "أزمة سياسية" تعصف بإسرائيل بسبب عدم النجاح في تشكيل حكومة ثابتة، فإن الوقائع أثبتت أن الأخيرة هي "دولة مؤسسات" لم تتأثر أجهزتها الإدارية المدنية والعسكرية، وخاصة الأخيرة بأي تداعيات، إذ واصلت منظوماتها، التي يبدو وكأنها تشتغل وفق برنامج محوسب لا يتأثر بالنزعات و"النزاعات" الداخلية، واصلت نشاطها وعلى مختلف الجبهات بالأداء والمهارة ودقة كثافة ووحشية الفتك والقتل المتوقع منها، حيث قصفت في سورية ولوحت بقبضتها باتجاه إيران وواصلت تهديدها لـ"حزب الله" في لبنان ووعيدها لللمقاومة في غزة، فيما حوّلت الضفة إلى ساحة إعدامات ميدانية.

إزاء ذلك، يبدو توعدنا ببن غفير وسموتريتش ضربا من العبث، خصوصا في ظل ما نراه من إشكالات تواجهها الإجراءات والقوانين المرافقة لتعيينهما، وتحديدا المتعلقة بزيادة تأثير المستوى السياسي على المبنى البيروقراطي لهذه المؤسسات على غرار الشرطة والجيش وغيرها من الأجهزة الأمنية والإدارية، التي لم تنجح الخطط المرافقة لدخول منصور عباس للإئتلاف الحكومي، خطة الشرطة في "مكافحة العنف في المجتمع العربي" وخطة 550 المعروفة بخطة الـ30 مليار، لم تنجح في اختراق مبناها البيروقراطي الأيديولوجي القائم على أساس اعتبار كل العرب الفلسطينيين أعداء للدولة يجب التعامل معهم على هذا الأساس.

لذلك، واصلت الشرطة رغم وجود عباس في الحكومة، ورغم الخطط "الفوقية" لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، بمكافحة "الأعمال العدائية" التي يقوم بها العرب ضد الدولة ومواطنيها اليهود، وضرب منفذيها بيد من حديد، مقابل التعامل بقفازات من حرير مع القتلة والمجرمين الذين ينتهكون أمن وسكينة مجتمعنا وتماسكه الداخلي، لأن غالبيتهم من عملاء "الشاباك" أو خادميه في مهمة تخريب مجتمعنا.

ولهذا السبب أيضًا، لم يطبق سوى النزر اليسير من خطة منصور عباس الخاصة بالمجتمع العربي، رغم أنه دفع مقابلها ثمنًا باهظًا من انكسار المواقف والتفريط بالكرامة الوطنية، وإذا كانت خطة أيمن عودة المعروفة بخطة 922 قد صرف منها 5.6 مليار فقط من مجموع 15 مليار، فإن الأرقام التي ستكشف عنها الأيام المقبلة لما صرف من خطة منصور عباس ستبدو مضحكة، وتظهر كم هو بخس الثمن الذي قبضه.

وعودة على بدء، فإن التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي ميّز للوهلة الأولى فترة حكومة بينيت - لبيد، والتي ضربت أرقامًا قياسية في تفشي المستوطنات وعربدة المستوطنين، والملاحقة والاعتقال وقتل الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال، الذي وصل ذروته في فترة الحكومة الانتقالية التي رئسها يائير لبيد؛ هذا التصعيد لا يمثل كسرًا للقواعد التي تحدثنا عنها سابقًا، بل هو إضافة ناتجة عن إطلاق أيدي جيش الاحتلال نتيجة الوضع السياسي المريح دوليًا وإسرائيليًا الذي خلقته حكومة "معسكر التغيير".

وعليه، فإن التصعيد العسكري والإعدامات الميدانية في الضفة ستتواصل في عهد نتنياهو ووزير أمنه غالانت، كما هو منتظر، والتصعيد الشرطوي في القدس والداخل سيتواصل وربما يتعزز بقيادة بن غفير أيضًا، ولكن ماذا يستطيع الأخير أن يفعل أكثر مما فعله بارليف من اقتحام للجنازات والاعتداء على حملة جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة؟ وماذا يستطيع غالانت أن يفعل أمام آلة القتل الإسرائيلية التي أطلقها غانتس والتي تحصد العشرات في الضفة الغربية؟

وربما تكون هذه الحكومة السيئة، ولن نقول الأسوأ لكي لا ندخل في مفاضلات بين حكومات إسرائيل، قد سببت الكثير من الحرج لخليفتها عندما قامت، قبل أن تغادر مقاعدها، بطرد المحامي صلاح الحموري من البلاد، وبالقتل المتعمد بواسطة الإهمال الطبي للأسير القائد الشهيد ناصر أبو حميد.

التعليقات