06/01/2023 - 16:24

عن أخبار أحزابنا... وبن غفير

بن غفير ليس ظاهرة صوتية أو تلفزيونية بلا قاعدة أيديولوجية وتنظيمية مثل دونالد ترامب مثلا، الذي حوّله التلفزيون إلى نجم، إذ إنه لدى بن غفير قاعدة تنظيمية وإن هامشية، تعمل أساسًا في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية

عن أخبار أحزابنا... وبن غفير

ليس إيتمار بن غفير ابن الكاهانية وحدها، وانتسابه لهذه الحركة العنصرية ليس كافيًا لتفسير صعود نجمه السياسي في الانتخابات الأخيرة، ما منحه إحدى أهم الوزارات، التي كانت تسمى في الماضي غير البعيد وزارة الشرطة، ومن ثم تحولت إلى وزارة الأمن الداخلي، وفي عهده أصبحت وزارة الأمن القومي.

ساهم الإعلام الإسرائيلي المركزي، وليس اليميني الهامشي، في صعود نجم بن غفير في الأعوام القليلة الماضية، بحيث أصبح ضيفًا مرغوبًا في الاستوديوهات للقنوات التلفزيونية المركزية، ولم تكن إدانته قضائيًا بالعنصرية ودعم الإرهاب رادعا لهذه القنوات، بل بالعكس، فجريها الدائم خلف "الريتينيغ" وجلب مشاهدين من أوساط اليمين الذي بات التيار المركزي في المجتمع الإسرائيلي، دفَعَها لاستضافة بن غفير ومنْح مواقفه وسلوكياته الشرعية، حتى بات المُشاهِد على موعد مع بن غفير في النشرات والبرامج المركزية. فهو من جهة يميني متطرف جدًا، ومن جهة ثانية مهرّج يحب الإثارة، وهذا ما تبحث عنه القنوات الإسرائيلية؛ الاستقطاب في المواقف، والتشويق والإثارة بلغة عادل إمام.

لقد جعلت هذه القنوات من بن غفير ضيفًا دائمًا في صالونات الإسرائيليين، وساهمت بشكل مباشر في صعود نجمه وترويج أفكاره ومواقفه العنصرية، إذ يظهر بن غفير كـ"القبضاي (أو الأزعر) المستضعف" الذي يريد أن يربّي العرب من جهة، والانتقام باسم الشرقيين المستضعفين من الهيمنة الأشكنازية الليبرالية العلمانية طيلة عقود على الرأي العام والإعلام والثقافة والجيش وغيرها. ولاقت استعراضات بن غفير التلفزيونية رواجًا في المناطق والأحياء مهمّشة ذات الأغلبية الشرقية، سواء في جنوبي البلاد أو في المدن التي تسمى مُختلَطة، وتحديدًا خلال هبة الكرامة في العام 2021.

لكن بن غفير ليس ظاهرة صوتية أو تلفزيونية بلا قاعدة أيديولوجية وتنظيمية مثل دونالد ترامب مثلا، الذي حوّله التلفزيون إلى نجم، إذ إنه لدى بن غفير قاعدة تنظيمية وإن هامشية، تعمل أساسًا في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وما يسمى "شبيبة التلال"، وهذا ما يجعل من نجوميته وصعودها أمرًا خطيرًا.

سبق بن غفير في موضوع صعود النجومية، بنيامين نتنياهو، لكن ليس من خلال التلفزيون الإسرائيلي، بل بدايةً كناشط في الجامعات الأميركية، وظهوره في مواجهات تلفزيونية في القنوات الأميركية في السبعينيات، ومن ثم من خلال عمله الدبلوماسي والإعلامي عبر الوفد الإسرائيلي في الأمم المتحدة، ولاحقًا في وزارة الخارجية الإسرائيلية كنائب وزير. ونتنياهو مثل بن غفير، صعد نجمه وهو يحمل خطة واضحة لاستبدال النخب المهيمنة منذ توليه رئاسة الحكومة في العام 1996، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير.

تهانينا للنائب أيمن عودة

توالت التهاني والتبريكات بين الرفاق على انتخاب النائب أيمن عودة رئيسا للجنة العلوم والتكنولوجيا في الكنيست قبل أيام، حتى أن النائب ذاته كتب "بوست مؤثر" عن انتخابه لهذا المنصب، ورئاسة لجنة برلمانية ليست ذات أهمية حقيقية. يذكّرنا هذا الانفعال بانتخابات مجالس الطلاب في المدارس الابتدائية والإعدادية. وحتى لا نكون نكديين، فتهانينا للنائب على منصبه الجديد ودوام التألق والإبداع العلمي والتكنولوجي، ومنها للأعلى.

لكن، أليس هو النائب ذاته الذي وقف في حلقات ولقاءات خلال الانتخابات البرلمانية، وتعهد أمام الناس بأنه سيدفع إسرائيل إلى الوقوف على رِجْل واحدة بعد الانتخابات؟ وربما زايد في ذلك من حيث لا يدري على الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، عندما صرّح قبل سنوات قليلة بأنه سيدفع إسرائيل إلى الوقوف على رِجْل ونصف. إذا كان نصر الله سيوقف إسرائيل على "رجل ونص"، فإن عودة سيوقفها على "رجل واحدة".

و"الأمور بخواتيهما"، فلم تقف إسرائيل على رِجل واحدة، وانتهى الوعد الوعيد بالاحتفاء برئاسة لجنة برلمانية متواضعة. لا داعي للمبالغة بإيقاف إسرائيل على "رجل واحدة"، ولا داعي إلى أن نبالغ بالاحتفاء بمنصب برلماني. المطلوب هو التواضع والتعقل لا أكثر؛ الواقعية باختصار.

التجمّع باق ويتجنّد

ما أحوال التجمع هذه الأيام؟ يسأل كثيرون عن مستقبل الحزب الذي كان مفاجأة الانتخابات البرلمانية الأخيرة بحصوله على 140 ألف صوت تقريبا، بعد مؤامرة من أبناء جلدته وشركاء الأمس.

وآخر أخبار التجمع كما استقيتها هي كالآتي: اجتمع في مقر الحزب الرئيسي يوم الثلاثاء الماضي عدد من نشطائه، بهدف إطلاق حملة انتساب للحزب، فبعد الانتخابات بأيام، قدّم 1500 شخص طلبًا للانتساب عبر رابط إلكتروني، ونسبة كبيرة من هؤلاء من الشباب، وبعض في مراحل الدراسة الثانوية.

وفي يوم الثلاثاء ذاته، تمكّن المجتمعون في مقر التجمع من تجنيد اشتراكات انتساب شهرية بلغت نحو 20 ألف شيكل خلال ساعات، في يوم واحد، بالإضافة إلى الاشتراكات القائمة منذ سنوات. وهذا ما يستمر أعضاء التجمع بالعمل عليه هذه الأيام لضمان استمرارية نشاطه في البلدات، وبين الطلاب الجامعيين. وخلال الأسابيع القريبة، سيُطلق التجمع حملة انتساب جديدة، حديثة وإلكترونية، تستثمر حالة الالتفاف الشعبي التي عاشها خلال الانتخابات الأخيرة. ومن المفترض أن يُعقد المؤتمر العام للحزب.

أخبار تسر بال الكثيرين.

استهداف طلاب الداخل في الجامعات الفلسطينية في الضفة

في برنامج حكومة نتنياهو الجديدة أكثر من 22 بندًا تتعلق بالاستيطان والمستوطنات في الضفة الغربية دون القدس، وهي بنود خطيرة، خلاصتها منْح نتنياهو حليفه سموتريتش "دولة للمستوطنين" في الضفة، من خلال توكيله "الإدارة المدنية" وتخصيص ميزانيات بالمليارات لـ"تطوير" شوارع الضفة التي تخدم المستوطنين، بالإضافة لـ"تسوية" البؤر الاستيطانية "غير الشرعية"، بحسب القانون الإسرائيلي.

ولا يقتصر استهداف الضفة على الاستيطان، فالبند 158 من برنامج الحكومة الجديدة، خُصِّص للسلطة الفلسطينية، وجاء فيه: "إلى الحد الذي تواصل فيه السلطة الفلسطينية اتخاذ الإجراءات ضد إسرائيل في لاهاي أو في المحاكم الدولية الأخرى، فإن الحكومة سوف تصيغ سياسات وتدابير ضد السلطة الفلسطينية وإجراءاتها، من بينها العمل بكل وسيلة لمنع تحويل الأموال الإرهابية من السلطة الفلسطينية للإرهابيين وأسرهم".

ويأتي في البند ذاته: "كما ستدرس الحكومة مسألة توظيف المعلمين والمدرسين الذين درسوا في مؤسسات السلطة...".

والمعلمون والمدرسون الذين درسوا في مؤسسات السلطة، يُقصد بها الطلاب من الداخل الذين تخرجوا من جامعات الضفة، بيرزيت والنجاح وجنين، إذ بحسب جمعيات المستوطنين، تخرَّج أكثر من 700 طالب عربي من الداخل من جامعات الضفة خلال عامَي 2019 – 2020، ويدرسون في المدارس في البلدات العربية. وبنظر اليمين، فإن انخراط الخريجين بسلك التعليم في الداخل، يساهم في "التطرف والتحريض"، ويجب وضع حد لذلك، بحسبهم. لا نعرف مدى دقة الأرقام والأعداد هذه، لكن التوجه واضح.

استهداف خريجي جامعات الضفة من الداخل، وتحديدًا في مجال التربية والتدريس، أُدرج في برنامج الحكومة، وفي اتفاق ثنائي بين نتنياهو وبن غفير قبل عدة أسابيع، يستهدف ملاحقة معلمين أو عدم توظيف أشخاص في جهاز التعليم، بسبب انتقادهم للاحتلال الإسرائيلي، أو شاركوا في احتجاج ضد سياسة وممارسات الاحتلال، على اعتبار أن ذلك "تأييد للإرهاب".

إلى جانب هذا البند بما يخص الطلاب من الداخل، وبنود أخرى تتعلق برفع العلم الفلسطيني، وسحب الجنسية من "الإرهابيين"، وتهويد الجليل والنقب وغيرها، جاء في البند 161 من برنامج الحكومة الجديدة، أنه "مع مراعاة الحفاظ على حقوق الفرد وصلاحيات جهاز الشاباك في القانون، وإنشاء آليات رقابية للحفاظ على حقوق الفرد، ستوجه الحكومة الشاباك، للتعامل مع الجرائم القومية (وليس الإرهابية فقط) من قِبل عرب إسرائيل، بضمنها مجالات المراقبة ومنع التحرّي، وقمع أعمال الشغب، والتنظيمات القومية والتحقيق والملاحقة، وعليه سيجري تنظيم الشاباك بالمعايير المطلوبة لهذا الغرض، وذلك وفقًا للقانون".

ما المقصود بـ"الجرائم القومية" غير محدد، ولكنه "ليس الإرهابية فقط"، أي قد يعني ذلك أي نشاط سياسي أو اجتماعي أو غيره، فالتضامن ومساندة معتقلي هبة الكرامة مثلا، قد يُعتبر "جريمة قومية"، وقد خصصت صحيفة المستوطنين "ماكور ريشون"، اليوم الجمعة، تقريرًا في صفحتين بملحقها السياسي عن النشاط لدعم المعتقلين، وأبرزت فيه ثلاث صور من مقطع فيديو لسامي أبو شحادة خلال لقاء مع أهالي المعتقلين في طمرة مؤخرا.

التعليقات