04/02/2023 - 07:34

أكاذيب التطبيع العربية والإسرائيلية

ينبغي أن نذكر أن مصر والأردن تعرضتا، والأخيرة بشكل أشد، لتقريع من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وإدانات لمواقف اتخذها البلدان إلى جانب الشعب الفلسطيني، خصوصا في ظل حالات الغليان للشعوب العربية إزاء الممارسات الإسرائيلية وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية

أكاذيب التطبيع العربية والإسرائيلية

مظاهرات بالخرطون ضد التطبيع مع إسرائيل

لا شيء يبدو جليا للعيان وواضحا وضوح الشمس مثل أكاذيب التطبيع، العربية منها والإسرائيلية. فقد ادعى المطبّعون العرب، بدءا من مصر السادات وحتى سودان البرهان، أن التطبيع يصبّ في خدمة الشعوب العربية وقضاياها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

لكن نظرة سريعة إلى الوراء منذ معاهدة كامب ديفيد المصرية وأوسلو الفلسطينية (هذه وحدها انفردت بتطبيع أمني عسكري تحت مسمى التنسيق الأمني، حتى قبل اكتمال تحرير الأرض وإقامة الدولة) ووادي عربة، وحتى اتفاقية التطبيع مع السودان، تثبت أن أياً من الدول العربية التي أبرمت تحالفات واتفاقيات مع دولة الاحتلال لم تخدم قضايا الوطنية ولا القضية العربية الأولى؛ قضية فلسطين، قيد أنملة.

فمصر تحولت منذ اتفاقيات كامب ديفيد، ومثلها الأردن لاحقا، إلى مجرد "دول محايدة" في أحسن الحالات، من دون أن يكون لقرارها السياسي واتفاقيات السلام التي أبرمتها أي وزن حقيقي على القرار السياسي الإسرائيلي. فلا إسرائيل احترمت مطالب هذه الدولة أو توجهاتها ولا حتى تهديداتها (على قلة الأخيرة) أو زعلها، في أي مرحلة من المراحل.

بل إن هاتين الدولتين وجدتا نفسيهما وقد تحوّلتا إلى مجرد وسيط، في أحسن الحالات. بل كانتا وسيطا ضاغطا على القيادة الفلسطينية، لتقدم التنازل تلو التنازل، وكان آخر هذه "الوساطات الضاغطة" ما شهدته رام الله في الأيام الأخيرة بحضور رئيسي المخابرات المصرية، عباس كامل، والأردنية أحمد حسني.

وإذا كان هذا غير كافٍ لتفنيد أكاذيب التطبيع العربي، فينبغي أن نذكر أن مصر والأردن تعرضتا، والأخيرة بشكل أشد، لتقريع من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وإدانات لمواقف اتخذها البلدان إلى جانب الشعب الفلسطيني، خصوصا في ظل حالات الغليان للشعوب العربية إزاء الممارسات الإسرائيلية وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أما في باب الأكاذيب الإسرائيلية، فلا حاجة للإسهاب، فهي أشد وضوحا وصلافة، بدءا من الوعود بالتقدم نحو السلام مع الفلسطينيين، ونشر الازدهار والاستقرار في المنطقة وفق معادلة شمعون بيريز العنصرية: العقل الإسرائيلي ومال الخليج وعمالة الدول الفقيرة.

لكن حال الدول العربية وشعوبها يبيّن مدى كذب هذه المعادلة، وزيفها، مقابل معادلة حقيقة واحدة استفاد منها الطرفان الإسرائيلي والعربي، وهي تثبيت أنظمة القمع العربية مقابل تثبيت الاحتلال وغض الطرف عن تمدده وتغول مشروعه الاستيطاني، من النهر إلى البحر.

التعليقات