03/04/2023 - 09:19

الجريمة وتوابعها...

تزداد الجريمة وضوحا بكذبة كان على الشرطة أن تستحي من التصريح بها وهي الزعم بعدم وجود كاميرات في المكان في باب السلسلة على باب من أبواب المسجد الأقصى.

الجريمة وتوابعها...

(Getty Images)

جريمة أخرى سجّلتها شرطة الاحتلال في القدس لتضيفها إلى سجّلها الحافل بالقمع والاعتداءات على الفلسطينيين من سكان القدس نفسها ومن القادمين إليها، وخصوصا في شهر رمضان المبارك، إذ أنَّ مشهد عشرات الآلاف من الشبان العرب وهم يزورون مدينتهم المقدسة يستفز غرائزهم ويجعلهم في حالة استعداد للعدوان وحتى ارتكاب جريمة.

وصمة عار أخرى وتوابعها، توابع الجريمة أولا بإنكارها، ثم تلفيق كذبة تحمل الضحية المسؤولية، ثم الدفاع عن الكذبة بكذبات أخرى، ثم دعم قيادات الشرطة وغيرها للقاتل.

لا يمكن للضحية أن يشكل خطرًا بيدين فارغتين، حتى لو هاجم أفراد الشرطة أو دفع أحدهم بيديه، في لحظة دفعته نخوته للدفاع عن فتاة اعتدى عليها أفراد الشرطة عند باب السِّلسلة، فلا بد من الزّعم بأنه هاجم بسكين أو حاول سرقة سلاح الشرطي.

على الأرجح أن الشاب بات قريبا وجها لوجه مع القاتل وربما دفعه ليبعده عن الفتاة، وبما أن هذا مشبعٌ بالكراهية والحقد، لم يتحمل شجاعة هذا الشاب العربي ونخوته، وبما أنّه مـتأكد بأنّه لن يحاسب، بل سيجد وزير الأمن القومي وقادته في الشرطة وكل الجهاز الحكومي داعمين له ويدّعون نفس كذبته، لهذا لم يتردّد عن إطلاق النار وقتل شاب عربي آخر.

الشهيد محمد العصيبي ابن حورة الشهم والشجاع، الذي نجح في اجتياز امتحان الطب قبل شهرين فقط، وكان يحلم بعمل ومستقبل بعد تعب سنين في الدراسة والجهد والعمل، كل جريمته أنه قصد المسجد الأقصى ليصلي فيه في الشهر الفضيل مثل مئات آلاف من المسلمين، فكونك أتيت من مكان بعيد لتصلّي في الأقصى، يضعك تلقائيا في قائمة الأعداء مهما كنت مسالما، وتصبح عرضة لكراهية كل أجهزة السلطة، لا حاجة لأن تفعل شيئا، مجرد وصولك إلى القدس فيه استفزاز للعقلية العنصرية.

تزداد الجريمة وضوحا بكذبة كان على الشرطة أن تستحي من التصريح بها وهي الزعم بعدم وجود كاميرات في المكان في باب السلسلة على باب من أبواب المسجد الأقصى.

الصحافة الإسرائيلية نفسها لم تهضم الكذبة، ونشرت صور الكاميرات المعلقة.

إنكار الشرطة لوجود كاميرات يؤكد بوضوح ليس فقط أنها تريد إخفاء ما سجّلته هذه الكاميرات، بل يؤكد أن تحقيق الشرطة مع نفسها هي كذبة تضاف إلى الكذبات التي سبقتها، بل هي تتويج لكذبة اسمها نظام ديمقراطي.

إنها جريمة قتل يحاسب عليها من قام بها، في نظام ديمقراطي حقيقي، ولكن لا أمل في المحاسبة، حتى عندما يجري تحقيق من قبل قسم التحقيق مع الشرطة، فقبلها حدثت جرائم كثيرة تنصلّوا منها.

ممكن أن نذكر يعقوب أبو القيعان الذي قتلوه بزعم محاولة دهسهم وهم يهدمون بيته، ونذكر إياد الحلاق الفتى المتوحد الذي لم تستح الشرطة من الادعاء بأنه كان على نية الهجوم عليها، وحتى بعد أن ثبوت الحقيقة الساطعة بأنه متوحّد وهرب من الشرطة خوفا، لكنهم لحقوا به وقتلوه، وبعد فضيحتهم ادعوا أنّ هناك من حرضه كي يسوّد وجه الشرطة وأجهزة الأمن.

هذه الأمثلة هي غيض من فيض، القادم سيكون أكثر دموية، ببساطة لأنه لا يوجد أي بوادر تدعو إلى التفاؤل بحل سياسي، فالاحتلال مستمر ويتمدّد وهو يدفع بالجميع الفلسطينيين والإسرائيليين إلى دوامة دموية، لأنه لا احتلال بدون عنف، ولا عنف يمكن أن يستمر بلا ردّ فعل.

وما دام أنه لا يوجد برنامج سياسي ولا نوايا لحلول، فالبديل الطبيعي في هذه الحالة هو استمرار هذه الحالة كما هي، بل أن تزداد سوءا، وخصوصا أن اليمين الفاشي هو ركيزة هذه الحكومة التي تستعد قانونيًا لارتكاب شتى أنواع القمع وتصعيده ضد جماهير شعبنا.

مثل قانون السماح للشرطة بأن تعتقل وأن تفتش البيوت بدون أمر محكمة.

وإنشاء ميليشيا تحت إمرة وزير الأمن الفاشي بن غفير.

هذا هو التصرف الطبيعي جدًا لأي احتلال، فلا يوجد احتلال غير قاتل وغير كاذب وغير سارق وغير فاسد وغير أخلاقي.

الاحتلال هو الجريمة وكل توابعها.

التعليقات