09/11/2023 - 19:35

غزة ربما تكتفي باتقاء شر القمة العربية

المؤامرة السياسية ربما تكون هي الأخطر، ولأن البداية كانت من السعودية التي أريد لها أن تكون العربة الأخيرة في قطار التطبيع عبر الصفقة الأميركية الإسرائيلية السعودية، فإن النهاية يراد لها أن تكون من هناك أيضا، في مؤتمر القمة الطارئة.

غزة ربما تكتفي باتقاء شر القمة العربية

وزراء خارجية الأردن ومصر والإمارات والسعودية وقطر يجتمعون بمشاركة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير (Getty Images)

35 يوما من العدوان على غزة الذي هو الأبشع في الحروب الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني منذ النكبة، حيث تحول إلى حرب إبادة ألقت خلالها الطائرات الإسرائيلية، أميركية الصنع، عشرات آلاف الأطنان من المتفجرات والصواريخ والقنابل الفتاكة على المناطق المأهولة، ودمرت عشرات آلاف المنازل وتسببت بأضرار لمئات الآلاف منها، بينما قتلت وجرحت عشرات آلاف المدنيين من نساء وأطفال ورجال آمنين وهجرت، مرة أخرى، مئات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، وذلك بمشاركة فعلية أميركية وتواطؤ غربي أوروبي وعجز عربي وصمت مطبق من العالم.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

هي حرب إبادة وتطهير عرقي شامل بدأته الحركة الصهيونية عشية تأسيس دولتها عام 1948، وواصلته إسرائيل وما زالت في مختلف مراحل الصراع الذي تشكل الحرب على غزة إحدى حلقاته، لذلك فهي لا تتورع، بضوء أخضر أميركي – غربي، من إحكام الحصار على شعبنا هناك ومنع دخول الغذاء والوقود والدواء للقطاع المحاصر، ورفض أي نوع من الممرات والهدن الإنسانية المتعارف عليها في الحروب.

لن تضع الحرب أوزارها قريبا، بل هي قد تستمر أسابيع أو أشهر إضافية حتى تحقيق الأهداف التي وضعتها لها إسرائيل، وفق تقديرات قادتها، هذا إذا ما قيض لها لا سمح الله، تحقيق هذه الأهداف، التي تواضعت بعض الشيء مكتفية بـ"تقويض سلطة حماس في قطاع غزة"، و"القضاء على قادتها"، بعد أن أدرك قادة إسرائيل العسكريين والسياسيين أن تهديداتهم بـ"سحق حماس" و"محو حماس" هي تهديدات غير قابلة للترجمة إلى أهداف سياسية أو عسكرية.

المحلل العسكري أمير أورن كتب في مقال نشرته "هآرتس"، أمس الأربعاء، "اليوم يعبر الجيش الإسرائيلي سقف الـ34 يوما التي قضاها في حرب لبنان 2006 ويمضي ليراوح نحو الـ51 يوما التي قضاها في حرب ‘الجرف الصامد‘ عام 2014... وبغض النظر عن النتيجة التي ستنتهي بها الحرب، فإنه حتى لو سُجل فيها إنجاز إسرائيلي حقيقي، فإن ذلك لن يغطي، على هزيمة السابع من أكتوبر".

ويضيف أورن أنه "حتى لو لم يحظ يحيى السنوار، بمشاهدة نهاية المعركة، فإنه قد نجح في تقليص إسرائيل التي أخليت من سكانها في غرب النقب وشمالي الجليل... وأن نتنياهو (الرجل الخامس في الذكاء عالميا) خسر في حرب الأدمغة أمام الغزاوي الذي حرره من السجن عام 2019 عندما شغل منصبي رئيس الحكومة ووزير الأمن"، بينما قال محلل الشؤون العربية، تسفي برئيل إن "إسرائيل لن تحظى بصورة نصر في هذه الحرب لأنها لن تنتهي حتى بعد وقف النار".

أورن وبرئيل وغيرهم من المحللين السياسيين والعسكريين يرون أن أي انتصار تحققه إسرائيل في غزة بعد أشهر من الحرب والخسائر، لن يحجب الهزيمة العسكرية والسياسية الإستراتيجية التي منيت بها إسرائيل في السابع من أكتوبر، وهي هزيمة يجب أن تدفع ثمنها حكومة إسرائيل اليمينية ونتنياهو الذي يتوقع أن تنهي هذه الحرب مستقبله السياسي.

هذه التحليلات وإن كانت تثير بعض الاطمئنان في الجانب الفلسطيني وتعوض بعض الشيء من الثمن الكبير الذي يدفعه أهالي غزة، وما ستدفعه حركة حماس ذاتها التي تحارب على وجودها المادي والسلطوي في القطاع، لأنها ضربت في الصميم نظرية الأمن التي قام عليها المشروع الصهيوني ويرتكز عليها وجود إسرائيل، وأعادت، في ذات الوقت، القضية الفلسطينية، التي أرادت "اتفاقيات أبراهام" طي ملفها، إلى البساط الدولي.

وإن كان الحديث عن النتائج في حرب يقول منفذوها إنها قد تستمر لأشهر طويلة أخرى، فإن المؤامرة السياسية المترافقة معها ربما تكون هي الأخطر، ولأن البداية كانت من السعودية التي أريد لها أن تكون العربة الأخيرة في قطار التطبيع عبر الصفقة الأميركية الإسرائيلية السعودية، فإن النهاية يراد لها أن تكون من هناك أيضا، في مؤتمر القمة الطارئة الذي سينعقد في الرياض بعد غد السبت.

هذه القمة لا يتوقع منها أن تنصر الفلسطينيين في غزة، أو تكون قادرة على كسر حصار الموت المفروض عليهم، بل يراد لها أن تعطي غطاء لحلول التهجير القسري للفلسطينيين تحت ستار الممرات الإنسانية، وهو ما يجابه بشدة من قبل مصر والأردن، وأن تُبحث بدائل لسلطة حماس في قطاع غزة تحت مظلة قوات دولية او عربية وإقناع السلطة الفلسطينية بالعودة إلى القطاع، وطبعا يتم تغليف ذلك بعملية سلام كاذبة وبحل الدولتين.

التعليقات