14/03/2024 - 15:26

الحرب على غزة هي الفشل الأكبر لإسرائيل منذ قيامها

يحاول بايدن الالتفاف على فشل تحقيق أهداف الحرب بالوسائل السياسية التي تبرع فيها أميركا بما تمتلكه من أدوات ونفوذ في المنطقة، وذلك عبر احتواء ما تبقى من حماس في إطار سلطة فلسطينية متجددة واستعادة الرهائن من خلال صفقة تبادل..

الحرب على غزة هي الفشل الأكبر لإسرائيل منذ قيامها

غزة، اليوم (Getty Images)

الخلافات الإسرائيلية الداخلية في مجلس الحرب والخلافات الإسرائيلية الأميركية التي تتمظهر في التوتر السائد بين بايدن ونتنياهو، هي انعكاس للأزمات التي أفضى إليها فشل الحرب على غزة، التي تدخل شهرها السادس دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها المعلنة في القضاء على حماس وتحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة، رغم تحويل قطاع غزة إلى خراب.

ولئلا "نظلم" نتنياهو يجب أن نذكر أن أهداف الحرب تلك هي ليس من صنع خياله المريض فقط، بل إنها صيغت وصنعت في مطبخ الحرب الإسرائيلي - الأميركي المشترك الذي تشكل غداة السابع من أكتوبر، برئاسة نتنياهو ومشاركة الجنرالات غالانت، وغانتس، وآيزنكوت، والذي انعقد بإشراف مباشر من الرئيس بايدن ومشاركة فعلية من وزير خارجيته بلينكين.

وفي هذا الصدد يصدق نتنياهو عندما يقول إن بايدن لا يستطيع التنصل لأنه كان وما زال شريكا فعليا في الحرب وأهدافها، وهو لا يستطيع أن يدعو للقضاء على حماس ويعيق عملية الجيش الإسرائيلي في رفح، الأمر ذاته ينسحب على الجنرال غانتس الذي يشارك في مسيرة أهالي المحتجزين ويصوت ضد صفقة التبادل مع حماس في مجلس الحرب.

وبدون شك، "إن ما يجري في غزة منذ السابع من أكتوبر وخلال الأشهر الخمسة الماضية، وليس خلال اليوم الملعون فقط، هو الفشل الأكثر خطورة خلال سنوات عمر إسرائيل منذ قيامها، هو فشل عسكري، سياسي، مدني وإستراتيجي"، وهو يترجم برأي المحلل العسكري أمير أورن بانخفاض حاد في كل "الماركات الإسرائيلية" المتمثلة بـ"دولة إسرائيل"، و"جيش الدفاع الإسرائيلي"، و"الاستخبارات الإسرائيلية".

أورن يقول إن الحرب على غزة أسقطت نظرية الحرب القصيرة، اللامعة، المخادعة، المحددة التي سوّقها جنرالات الماضي، والتي بدت في الامتحان كوصفة سحرية كاذبة من خداع الذات وخيبة الأمل، حيث ما زال الجيش الإسرائيلي بعد خمسة أشهر على بعد نفق واحد على الأقل من الهدف بعد انتهاء الوقت.

وإذا كان بايدن لا يريد أن يصدق ما يقوله محلل عسكري إسرائيلي أو أكثر، فإنه سيصدق بالضرورة تقرير مجمع المخابرات الأميركية الذي أشار إلى أن إسرائيل ستضطر لمواجهة قوات مسلحة تابعة لحماس لسنوات قادمة، وأن الجيش الإسرائيلي سيواجه صعوبة في تفكيك شبكة أنفاق حماس في قطاع غزة.

وبالضرورة أيضا أن يحاول بايدن الالتفاف على فشل تحقيق أهداف الحرب بالوسائل السياسية التي تبرع فيها أميركا بما تمتلكه من أدوات ونفوذ في المنطقة، وذلك عبر احتواء ما تبقى من حماس في إطار سلطة فلسطينية متجددة واستعادة الرهائن من خلال صفقة تبادل ومقايضة التطبيع مع السعودية بالتلويح بشعار الدولة الفلسطينية.

لكن العودة إلى استخدام قوالب اللعبة السياسية القديمة التي ميزت السياسة الأميركية في المنطقة، وأوانيها "المستطرقة" المتمثلة بـ"الدولة الفلسطينية" التي لا تتحقق، والمفاوضات التي لا تنتهي، والسلطة التي تفتقر إلى أي سلطة، هو بالذات ما يزعج نتنياهو الذي يعتبر إنجازه الأساس بأنه نقل إسرائيل إلى لعبة جديدة قوامها "عدم وجود شريك فلسطيني" وعمادها الفصل والجدران والضم وأرض إسرائيل الكاملة من البحر إلى النهر.

بايدن الذي لم يتخيل أن تداهمه الانتخابات والجيش الإسرائيلي "الأعظم في المنطقة" ما زال متورطا في جنوبي غزة وشمالها، بعد خمسة أشهر من الحرب التي ضخ فيها كل ما باستطاعته من سلاح وأموال ودعم سياسي أميركي، وأن يجري سباقه الانتخابي على وقع مشاهد الدمار والقتل والتجويع الذي سببه لقطاع غزة، لذلك نرى رد فعله بمثابة خليط من خيبة الأمل من فشل الجيش الإسرائيلي أمام حماس، والغضب من تعنت وصفاقة نتنياهو الذي ما زال يعاند الواقع ويصر على "الانتصار المطلق" الذي لن يتحقق.

من جهته يبدو نتنياهو وبعد أن استنفذ كرم بايدن غير المحدود، يفضل انتظار صديقه ترامب الجمهوري، والذي يحظى وفق استطلاعات الرأي بتأييد أكبر في إسرائيل، ولذلك هو لن يقوم بأي خطوات من شأنها مساعدة بايدن في الانتخابات، ليس لأن رؤاهما السياسية مختلفة تكتيكيا فقط، بل بسبب تعارض مصالحهما الانتخابية أيضا، حيث يريد بايدن الذي يريد إنهاء الحرب أو إبقائها على نار هادئة للحصول على أصوات العرب والمسلمين، بينما يسعى نتنياهو إلى اطالة أمد الحرب وإبقائها مشتعلة كوسيلة للبقاء في الحكم.

التعليقات