24/10/2009 - 11:01

اردوغان – ضربة استراتيجية لـ"اسرائيل"!../ نواف الزرو

اردوغان – ضربة استراتيجية لـ
البوصلة فلسطينية دائما، فمن يقف مع فلسطين في مواجهة أعتى دولة احتلال معاصرة تكون الشعوب معه!
الأدبيات السياسية المتطورة لأردوغان تجاه فلسطين تبين أن بوصلته فلسطينية، وعلى أنه خرج عن طوق ذلك التحالف سيء الذكر!

فهذا الذي يفعله رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بالفلسطينيين والعرب أمر لا يصدق، فهو يأسر قلوب ومشاعر الشعوب العربية على نحو لم يسبقه له ربما أي زعيم عربي آخر إذا ما استثنينا الرئيس المصري الخالد عبد الناصر.

فالوعي الجمعي العربي هو العداء للمشسروع الصهيوني مجسدا بتلك الدولة المحتلة المارقة المتمردة على كافة القوانين والمواثيق الاممية والإنسانية، ومن يقف ضد تلك الدولة فهو الصديق والحليف الأقرب للأمة العربية، وهذه مهمة كبيرة عملاقة يبدو أن اردوغان تعملق على نفسه وحملها على كاهله.

فأن يظهر قائد لدولة كبيرة إقليمية متحالفة استراتيجيا مع "اسرائيل" على مدى عقود من الزمن، وينقلب عليها لينتقدها ويهاجمها ويطالب بمحاكمة مجرمي الحرب لديها، فذلك ليس فقط لم يكن في حساباتها، بل هو انقلاب على كل الحسابات لديها ولدى حليفتها الكبرى!.

فمنذ ما قبل العدوان على غزة وجه رئيس الوزراء التركي انتقادات شديدة لـ"إسرائيل" كدولة إرهابية"، ومنذ بدايات العدوان لم يتوقف عن انتقادها ومهاجمتها وتمزيق قناعها على نحو سافر لم تقدم عليه دولة أخرى في العالم.. فوصف أردوغان الموقف الإسرائيلي بـ"قلة الأدب تجاه تركيا /الخليج- الأحد ,28/12/2008"، وقال "إن إسرائيل ستغرق بدموع الأطفال والنساء المظلومين الذين قتلتهم وبدموع الأمهات اللواتي فقدن أطفالهن"، مضيفا أن "الله سيعاقب أولئك الذين ينتهكون حقوق الأبرياء عاجلا أم آجلا/ وكالات 5.1.2009".

ووصف العدوان على سكان قطاع غزة بأنه "نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية"-الجزيرة- الثلاثاء 1/6/2009"، وحمل أردوغان مجلس الأمن الدولي مسؤولية استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعا المنظمة الدولية لـ"اتخاذ مواقف عملية وإجبار إسرائيل على تطبيق قراراتها/ الخليج- الاثنين ,12/1/2009"، وقال "إن العالم يتفرج على "المجازر الوحشية" التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، ولا يحرك ساكناً "وكأنه يشاهد فيلماً سينمائياً/ الجزيرة-الاثنين 1/12/2009"، ووصف فلسطين بأنها "سجن في الهواء الطلق"، وانتقد العالم الذي طالب بالانتخابات الفلسطينية ولم يحترم نتائجها/ (يو بي آي) الخليج -الأحد1/2/2009".

وقال اردوغان أيضا "إسرائيل لا تضرب قواعد عسكرية أو مقارا عامة للجماعات المسلحة، فحماس أصلاً لا تملك منها شيئا، إن إسرائيل تضرب المناطق السكنية والمستشفيات والمساجد والمدارس"، واضاف "الوصايا العشر تقول لا تقتل وعلى رغم تلك القوانين الواضحة، بأي دين و باي نظام قانوني يمكن أن تبرروا مجازر الأطفال الأبرياء/ وكالات \2009/1/16 ".

وعاد اردوغان وأعلن قريبا بأن "إسرائيل ألقت قنابل فسفورية على المواطنين الأبرياء خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، وأصابت الأطفال بشكل متعمد"، وقال: "قنابل الفسفور الأبيض سقطت في غزة على الأطفال الأبرياء، وهناك بعض الدول يحظى الأطفال فيها بتعليم جيد وخدمات صحية مطورة، بينما في أماكن أخرى هناك يأس وفقر وأسلحة ودمار شامل/وكالات/ الثلاثاء 13 / 10 / 2009 ".

وتوج اردوغان حملته المنهجية ضد "إسرائيل" بإلغائه مشاركتها في المناورات العسكرية المشتركة.
يضاف الى ذلك جملة اخرى من المواقف التي لا تتسع المساحة هنا لعرضها، ولكن: على قدر الغضب والقهر والقلق والانزعاج الإسرائيلي من المواقف التركية الجديدة على قدر ما يصح التنبؤ بصدد تفكك التحالف الاستراتيجي بين البلدين، فما كان بينهما يبدو أنه سيطوى لصالح فتح صفحة جديدة في تحالفات المنطقة في غير صالح "إسرائيل"، وربما يكون اتفاق التحالف الجديد بين تركيا وسوريا مؤشرا عاجلا ومقنعا!.

فماذا تقول ردود الفعل والتقديرات الإسرائيلية في هذه التطورات..؟!.
المحلل العسكرى الإسرائيلى رون بن يشاى المعروف بصلاته الوطيدة جدا مع المؤسسة الأمنية الاسرائيلية علق في "يديعوت أحرونوت" 14 / 10 / 2009 – يقول: "إنّ تركيا المسلمة كانت على امتداد الأعوام حليفا ثابتا وموثوقا لإسرائيل، أما الآن فعلاقاتنا الاستراتيجية معها فى هبوط مطّرد"، مضيفا"علينا أن نعترف بحقيقة أن أنقرة، فى الوقت الراهن على الأقل، توقفت عن أن تكون شريكا استراتيجيا أمنيا موثوقا لإسرائيل، وهذه الحقيقة تمثّل أصلا ضررا فعليا لأمن إسرائيل القومى، ذلك أنها تقضم ردعنا حيال كل من إيران وسورية، وكل من ينظر فى خريطة المنطقة سيفهم ذلك من دون صعوبة".

وتحت عنوان:"فك ارتباط عن تركيا " كتب إلداد باك في يديعوت 12/10/2009 يقول: "من الصعب تجاهل أنه بالذات في الاوقات التي تمد فيها تركيا يدها الى اعدائها في الماضي، تتخذ الحكومة في أنقرة خطا معاديا، آخذا في التطرف، حيال الحليف الاكبر السابق – إسرائيل".

وأفردت صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية/ 14 / 10 / 2009 تغطية كاملة للتطورات على صعيد العلاقات التركية الإسرائيلية مقابل تسخين العلاقات السورية التركية، وأبرزت الصحيفة قلق اسرائيل من الحلف الاستراتيجي الذي أبرم بين أنقرة ودمشق، وتقرب أنقرة من إيران، وتطرق وزير خارجيتهم ليبرمان إلى التدهور في العلاقات التركية- الإسرائيلية قائلا "إن الأمر ليس متعلقا بنا، وإنما بقرار تركي بالتقرب من محور الشر"، واعتبر ليبرمان" إن هذا الاتجاه ليس جيدا.. فهناك توجه تركي بالتقرب من سوريا وإيران وحماس".

إذن نحن امام تحولات دراماتيكية في ملف العلاقات التحالفية التركية -الإسرائيلية!.
وأمام دور جديد لتركيا ربما يقترب من ملىء الفراغ السياسي الامني العربي في المنطقة!.
فاردوغان وفق الشهادات والاعترافات والتقديرات، يفك الارتباط الاستراتيجي مع "اسرائيل"، ما من شأنه أن يخل بكافة المعادلات والموازين والخرائط والمخططات والسيناريوهات القائمة والمبيتة للمنطقة العربية والشرق أوسطية، بما يخل بمقومات الوجود والاستمرار والهيمنة الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة العرب على نحو خاص جداً …!

فحينما يفك اردوغان الارتباط الاستراتيجي مع تلك الدولة، فأين العرب من كل ذلك؟!
َمن مِنَ العرب يحسن استثمار الفرص التاريخية؟!
فمن يرتقي من العرب الى مستوى التحدي والفرصة وإعادة صياغة العلاقات العربية - التركية ايجابيا لصالح الأمن القومي العربي المفكك والمهدد بالضياع الاستراتيجي الى الأبد؟!!

التعليقات