11/07/2010 - 08:46

قمة الصدمة../ مصطفى إبراهيم*

قمة الصدمة../ مصطفى إبراهيم*
استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في واشنطن كأحد نجوم هوليود، وأجريت معه لقاءات صحافية على معظم شاشات التلفزة الأمريكية، أظهرته بالرجل الذي يسعى إلى السلام والمنتصر على الرئيس الأمريكي باراك اوباما، نتانياهو لم يقدم أي تنازل لقاء المصالحة مع الرئيس الأميركي، بل أن الأخير هو من غير سياسته وانتقل من سياسة العصا إلى سياسة الجزرة.

في اسرائيل اتفق كبار المعلقين في الصحف الكبرى في تقويمهم للقمة على انتصار نتانياهو وهزيمة للرئيس الأميركي، وقال بعضهم إن نتانياهو عاد إلى إسرائيل مكرماً معززاً، وأنه تجاوز الأزمة التي هددت العلاقات مع واشنطن من دون أن يدفع أي ثمن يهدد ائتلافه الحكومي اليميني.

اللقاء بين أوباما ونتانياهو تضمن التزاماً مطلقاً بإسرائيل، ولم يتم التطرق الى الاستيطان والأسلحة النووية في اسرائيل، والوضع الذي ساد قبل عدة أشهر انقلب رأساً على عقب، تجميد الاستيطان الذي أعلنته حكومة نتانياهو سينتهي بعد 90 يوماً في أيلول (سبتمبر) القادم، والحكومة الإسرائيلية مصرة على عدم إعلان تجميده، وأوباما لم يطلب وقف هدم بيوت المقدسيين، ومصادرة أراضيهم وتهجيرهم من بيوتهم، وإبعادهم عن مدينتهم.

نتانياهو أوضح للرئيس الأميركي أن إنهاء الصراع ممكن فقط من خلال مفاوضات مباشرة، وأنه يجب جمع كل المسائل والبحث فيها كلها، يجب طرح مسألة إنهاء الصراع على الطاولة وليس فقط البحث في القضايا الجوهرية للصراع، وهو يريد أن يضمن بأن يكون أي اتفاق هو إنهاء للصراع وللمطالب الفلسطينية.

نتانياهو انتقد تردد الرئيس محمود عباس في العودة الى طاولة المفاوضات، بالقول "لا يمكن ألا يكون لديك شريك على الجانب الآخر"، و قال "إن تجميد الاستيطان في الضفة الغربية لم يحقق حتى الآن هدفه بدفع الفلسطينيين إلى بدء محادثات سلام مباشرة، سبعة أشهر مضت، وحتى الآن لم يعودوا الى طاولة المفاوضات المباشرة، يجب ألا نضيع المزيد من الوقت، ولا اعتقد أن علينا أن ننتظر طويلاً، ويجب علينا اقتناص الفرصة".

الرئيس عباس سيعود، على الأرجح الى المفاوضات المباشرة، لأنه لا يملك خيارات أخرى سوى المفاوضات، وهو لا يريد أن يوصف بأنه لا يوجد شريك، وهو ربما لم يدرك أيضاً أن معنى مقولة افتقاد الشريك الفلسطيني، ما هو إلا الشريك الذي تنصبه إسرائيل رئيساً للسلطة الفلسطينية، وتظهره كمتعاون مع إسرائيل.

الطرف الفلسطيني ليس ضعيفاً وهو قوي، والرئيس عباس يمتلك كثيراً من الأوراق، وهو يستطيع قلب الطاولة في وجه الأمريكيين والإسرائيليين، ويتوجه الى الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام وعقد المصالحة مع حماس، وعليه أن يخرج من ترديد جملته، أنه ليس رئيسا للشعب الفلسطيني بل مسيراً، والإثبات للفلسطينيين أن القرار الفلسطيني مستقل، وعدم الاستجابة للتهديدات الأمريكية بفرض الحصار على السلطة في حال وقعت على المصالحة مع حماس.

على الرئيس عباس أن يتخذ خطوات غير اعتيادية، فأجواء الرأي العام الدولي تساعدنا كثيراً، وإسرائيل تعاني من عزلة عالمية، والرأي العام غاضب على إسرائيل لارتكابها جرائم حرب ضد الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب خاصة بعد الاعتداء على سفينة مرمرة التركية وسقوط 9 شهداء منهم، والانتهاكات المستمرة بحق القانون الدولي والقانون الإنساني، والرأي العام الدولي والفلسطيني يشعر بالغضب من الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض أركان المجتمع الدولي على توفيرهم الغطاء لإسرائيل ومساعدتها من الإفلات من المحاسبة والعقاب.

بعد الصدمة التي تلقاها العرب والرئيس عباس وفريقه المؤمنين بأن لا خيار لديهم سوى خيار المفاوضات، أصبحنا بحاجة ماسة إلى وضع إستراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال وإنهائه، وإنهاء الانقسام وعقد المصالحة الوطنية، فالانحياز الأمريكي واضح لإسرائيل، والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة لن تجدي نفعاً.

التعليقات