20/07/2010 - 07:21

التدخين مسموح للرجال فقط!../ مصطفى إبراهيم*

التدخين مسموح للرجال فقط!../ مصطفى إبراهيم*
قبل عام في 24/7/2009 تحدث خطيب الجمعة عن فضل القدس والإخوان المسلمين، وأن "هنية سوف يحكم الأرض"، وكتبت مقالا بهذا العنوان "هنية يحكم الأرض". وتزامن ذلك مع فرض الجلباب على طالبات المدارس.

وهذا العام. وفي خطبة الجمعة 16/7/2010، تحدث الخطيب ذاته في المسجد ذاته، وقال "ستسير بنا السيارة من غزة الى القدس ومن القدس الى روما". هكذا قال خطيب احد المساجد بمدينة غزة أثناء خطبة يوم الجمعة الماضي 16/7/2010، التي تناولت سرداً تاريخياً حول مدينة القدس وفضل الإسراء والمعراج، والعبر من ذلك في وقتنا الحالي. لا اعلم السر في أن تصل بنا السيارة الى روما بالتحديد، ولماذا روما وليس باريس؟

وسرد الخطيب بعض المقولات لسيد قطب وحسن البنا حول القدس ودور وفضل الإخوان المسلمين في حكم غزة وتحرير القدس.

وتزامنت خطبة الجمعة المذكورة مع القرار الذي نفذه أفراد من المباحث العامة في حكومة حماس بمنع تدخين "الشيشة" في المطاعم والفنادق والمقاهي في قطاع غزة، وبعد الاحتجاج من قبل أصحاب تلك الاماكن تراجعت الحكومة عن القرار الذي اقتصر على منع النساء من تدخين "الشيشة" في الاماكن العامة والمفتوحة.

المتحدث باسم وزارة الداخلية في تبريره للقرار قال: "إن القرار لا يشمل المطاعم والأماكن المغلقة، وأنه اتخذ لأن (تدخين النساء للنرجيلة)، تتنافى مع العادات والتقاليد والأوضاع الاجتماعية في قطاع غزة، وأنه من غير اللائق، أن تضع المرأة قدماً على قدم وتدخن النرجيلة أمام الناس، في مشهد يضر بصورة شعبنا الذي يعاني من وطأة الحصار وتداعياته التي طالت كافة مناحي الحياة".

كثيرة القرارات التي اتخذتها حكومة حماس في قطاع غزة وتراجعت عنها مؤقتاً، قبل أن تفاجأ الناس وتطبقها بشكل تدريجي، ولم يكن لأي قرار أي سند قانوني، بل إن كثيرا من القرارات كانت من أجل التضييق على الحريات العامة، والحد من الحرية الشخصية للناس، ومنافية للقانون.

في غزة أصبح الناس يأخذون أي قرار يصدر عن حكومة حماس على محمل الجد، والشك في آن معاً، وأي قرار يتم اتخاذه سواء كان سلبا او إيجاباً يحمل تفسيرات وتكهنات كثيرة من قبل الناس الذين يُنظرون لذلك من خلال إحكام السيطرة وفرض حكومة حماس رؤيتها التي لم يخف عدد كبير من المسؤولين في الحركة ذلك.

القرارات كانت لإحكام السيطرة على المجتمع، وتتماشى مع رؤية حماس، استجابة لضغط من قاعدة الحركة المقتنعين بأنها حكومة إسلامية، وأنها الحكومة الوحيدة في المنطقة العربية التي تطبق الشريعة الإسلامية في قطاع غزة ومنه سوف ينطلق المشروع الإسلامي.

قبل عدة أشهر اتخذت الحكومة قراراً بفرض ضريبة ورسوم على السجائر، وكان تبرير ذلك أن سياسة الحكومة منع التدخين تطبيقا للقرار الذي صدر في العام الماضي بمنع التدخين في الأماكن الحكومية والعامة، وأن رفع أسعار السجائر وفرض الرسوم الجديدة للحد من إمكان تداوله، ومنع الأطفال من التدخين.

يتساءل الناس، ويشككون في قرار منع النساء من تدخين "الشيشة"، والتبرير الذي يقول أن ذلك يتنافى مع العادات والتقاليد والأوضاع الاجتماعية في قطاع غزة، ما علاقة أن تضع المرأة "قدما على قدم وتدخن النرجيلة أمام الناس" بالحصار الذي يعاني شعبنا من وطأته؟ فالمشاهد التي تضر بشعبنا ووطأة الحصار كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، تهريب السيارات الحديثة عبر الأنفاق، والتي يمتلكها عدد قليل جدا من الأغنياء الجدد، والولائم وما يقدم عليها ما لذ وطاب من الطعام الذي يقدم للوفود المتضامنة مع أبناء شعبنا لرفع الحصار، وغيرها من المشاهد التي يتم التشكيك من خلالها في الحصار.

تستطيع حركة حماس وحكومتها فرض رؤيتها واتخاذ ما تشاء من قرارات، وتمنع النساء من التدخين، وتسمح للرجال بالتدخين فقط، ولكنها تستطيع أيضاً ان تنفذ قراراتها التي لا ينظر اليها الناس بعين الشك، بالقانون ومن دون تمييز واستغلال، ومن خلال الوسائل الشرعية بتوجيه الناس وإقناعهم وعبر وسائل الأعلام، والمساجد من دون استغلالها لفرض رؤية حركة حماس وبرنامجها كما يفعل كثير من خطباء المساجد.

التعليقات