08/09/2010 - 11:58

إستراتيجية السلم والحرب على حالها في إسرائيل../ خالد خليل

إستراتيجية السلم والحرب على حالها في إسرائيل../ خالد خليل
من أهم استنتاجات تقرير معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب أنّ الوضع الاستراتيجي لدولة إسرائيل يزداد تعقيدًا وسوءًا بسبب اقتراب إيران من إنتاج القنبلة النووية، وكنتيجة للاستخدام المفرط للقوة والدمار الذي خلفته في لبنان وغزة إضافة إلى حادثة أسطول الحرية وقتل تسعة من ناشطي حقوق الإنسان، مما أدى إلى زيادة النقد الدولي على إسرائيل ووضعها في عزلة على المستوى السياسي الدبلوماسي.

ويخلص التقرير إلى أنّ الخروج من هذا الوضع المحرج والالتفاف على قرارات اللجان الدولية وتوصياتها التي تدين إسرائيل بشدة، إنما يكمن في تسريع العملية السياسية والمفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين.

ومع أنّ تقرير معهد دراسات الأمن القومي لا يعوِّل كثيرًا على المفاوضات، إلا أنّه يرى فيها بارقة الأمل الوحيدة لتفادي تعمّق الأزمة الدبلوماسية والسياسية أمام الساحة الدولية من جهة، ولإقناع أمريكا من الجهة الأخرى أن تشدّد سياستها ضد إيران ليس فقط على مستوى العقوبات، وإنما أيضًا ضرب المنشآت النووية.

ويؤكد معدو التقرير الأمني إلى أنّ المخاطر الأمنية على إسرائيل مردها أيضًا إلى تنامي قوة حزب الله في الحدود الشمالية، وعدم النجاح بتحجيم سلطة حماس في غزة.

ويستنتج معدو التقرير إلى أنّ قوة الردع وشدتها أدت إلى نتائج عكسية في الشمال والجنوب على حدٍ سواء.
ويعتقد الباحثون أنّ عدم نجاح التسوية بفتح أفق سياسي جديد في المنطقة من شأنه تأزيم الأوضاع الأمنية التي قد تؤول إلى الانفجار.

ورغم عدم توقع حلول جذرية للصراع العربي الإسرائيلي يؤكد الباحثون غلى أن تجربة اوسلو كانت مفيدة لإسرائيل على الأقل على مستوى العلاقات الدولية مع الاتحاد الأوروبي وتركيا ودول العالم الأخرى وحلف الناتو.

من الواضح أنّ القيادة الإسرائيلية تأخذ هذه التوصيات (التي صدرت في تموز 2010) على محمل الجد وترى المفاوضات مخرجًا أساسيًا من عزلتها على الساحة الدولية، وليس كما يعتقد الكثيرون أنّ الضغط الأمريكي هو الذي أدى إلى قبول إسرائيل بالانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المباشرة فهذه قضية تكتيكية يكاد لا يكون لها علاقة بالسياسات الإستراتيجية لإسرائيل.

وبما أنّ إسرائيل ترفض حتى الآن إجراء أي تقدّم على المسار السوري فيما يتعلق بالعملية السياسية فإنّ ذلك يفتح المجال للاستنتاج أنّ خيار الحرب ما زال قائمًا وبشدة على الجبهة الشمالية، حيثُ يؤكِد باحثو معهد دراسات الأمن القومي على أنّ قرار التسوية مع سوريا مرتبط بالقرار الإسرائيلي، وليس بشروط تعجيزية تضعها سوريا، خاصة وأنّ الصفقة معروفة والخلافات التي بقيت مع سوريا هامشية كما يقول شلومو بروم (أحد معدي التقرير)، الذي يعتقد أيضًا أنّ مطالبة سوريا بقطع علاقتها مع إيران وحزب الله غير واقعية، لأنه إذا ما حصل اتفاق مع سوريا فإنّ الربح الإسرائيلي سيكون بقدرتها على تغيير علاقتها مع حزب الله وتأثيرها عليه دون قطع العلاقات.
التعنت الإسرائيلي إنما يعبِّر عن توجه استراتيجي طالما عملت إسرائيل في إطاره وهو التفوق الاستراتيجي عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا دون مراعاة التوازنات لمصالح الدول الإقليمية.

ويُستدل من التقارير الإسرائيلية المتعاقِبة أنّ إسرائيل لا تنوي تغيير هذه الإستراتيجية، مما يعني أنها ماضية في تنفيذ سياسة القوة وفرض أجندتها على المنطقة ويعني أيضًا أنّ خيار الحرب سيبقى خيارًا مفتوحًا في المدى المنظور.

وبذلك تكون المفاوضات الحالية تكتيكية من أجل تخفيف الحصار الدبلوماسي والسياسي التي تورطت فيه إسرائيل وليس من أجل الوصول إلى حلول معقولة تُرضي جميع الأطراف.

وبغض النظر عن نوايا السلطة الفلسطينية فإنها بذلك تكون تلعب في الملعب الإسرائيلي ووفقًا لتوجهات القيادة الإسرائيلية، تمامًا مثل الجامعة العربية وما يُسمى بدول الاعتدال العربي التي تزُج بالسلطة في مفاوضات وهمية لن تُسفِر عَن شيء.

التعليقات