31/10/2010 - 11:02

أوباما والفرص الضائعة../ نعومي كلاين*

أوباما والفرص الضائعة../ نعومي كلاين*
على عكس التقارير العديدة، لم تكن الكارثة التي حصلت في كوبنهاغن خطأً مشتركاً من الجميع. لم يحصل ذلك لأنّ الإنسان غير قادر على الاتفاق مع أخيه الإنسان، أو لأنّه يرغب في تدمير نفسه. كما لا تتحمّل الصين وحدها المسؤولية، ولا الأمم المتحدة السيّئة الحظ.

هناك الكثير من اللوم على الجميع، لكن هناك دولة واحدة كانت لديها قوة فريدة لتغيير مسار اللعبة، لكنّها لم تستخدم نفوذها. فلو جاء باراك أوباما إلى كوبنهاغن بالتزام تغييري وملهم لتوقيف اعتماد الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري، لكان كلّ الملوّثين الآخرين سيحذون حذوه. فقد أكّد الاتحاد الأوروبيّ، واليابان، والصين، والهند أنّهم كانوا مستعدّين لزيادة مستوى التزامهم إن قامت الولايات المتحدة بذلك. لكن، عوضاً عن قيادة الآخرين، وصل أوباما ومعه خطة ذات أهداف متواضعة بطريقة مخجلة، وقام سائر الملوّثين في العالم بالمثل.

أما الصفقة التي توصّلوا إليها في النهاية، فلم تكن أكثر من اتفاق وضيع بين أبرز ملوّثي العالم، صيغ على قاعدة: «أنا سأدّعي أنّك تقوم بشيء ما تجاه المناخ إذا ادّعيت الأمر نفسه معي. اتفقنا؟ اتفقنا».

أفهم كل الحجج التي سيقت عن كون أوباما لا يريد أن يعد بما لا يستطيع الإيفاء به، وحول الاختلال في وظيفة الكونغرس وفنّ المستحيل. لكن اعفوني من المحاضرات حول السلطة القليلة التي يتمتع بها أوباما المسكين. فلم يعطَ رئيس منذ أيام فرانكلين روزفلت، هذا القدر الكبير من الفرص لتحويل الولايات المتحدة إلى كيان لا يهدّد استقرار الحياة على الأرض. لقد رفض استخدام كلّ هذه الفرص. دعونا نلقي نظرة على أكبر ثلاث فرص منها.

الفرصة الضائعة الأولى: رزمة التحفيز

عندما وصل أوباما إلى الرئاسة، كانت لديه الحرية الكاملة وشيكاً على بياض لتصميم رزمة لتحفيز الاقتصاد. كان بإمكانه استخدام هذه القوة لابتكار ما يسمّيه البعض «العقد الجديد الأخضر» (GREEN NEW DEAL) لبناء أفضل أنظمة نقل عامة، وشبكات ذكية في العالم. عوضاً عن ذلك، جرّب بطريقة كارثيّة مدّ يده للجمهوريّين، وخفض حجم رزمة التحفيز، وصرف معظمها على الاقتطاعات الضريبية. صحيح أنّه صرف بعض هذه الأموال على المناخ، لكن في اتجاه تحسين الطرقات التي تروّج لثقافة السيارات عوضاً عن تخصيص مبلغ أكبر للنقل العام.

الفرصة الضائعة الثانية: صناعة السيّارات

عندما تسلّم أوباما الرئاسة وجد نفسه مسؤولاً عن اثنين من أكبر ثلاثة صانعي السيارات، وكلّ الانبعاثات التي تبثّها. أيّ قائد ذي رؤيا، وملتزم بمكافحة الفوضى المناخية، كان سيستخدم هذه السلطة لإعادة هندسة الصناعة المنهارة بطريقة دراماتيكية، كي تستطيع مصانعها تأسيس البنية التحتية لاقتصاد أخضر يحتاج إليه العالم كثيراً. عوضاً عن ذلك، رأى أوباما أنّ دوره كقائد لخفض الانبعاثات غير ذي فائدة، فترك أساسيات الصناعة كما هي دون تغيير.

الفرصة الضائعة الثالثة: إنقاذ المصارف

يجب أن نتذكّر أنّ أوباما وصل إلى منصبه وقتَ كانت المصارف الكبرى تركع، وقد تطلّب الأمر جهداً كبيراً كي لا يجري تأميمها. مرة أخرى، لو تجرّأ أوباما على استخدام السلطة التي أعطاه إيّاها التاريخ، لكان سيستطيع الضغط على المصارف لتوفير القروض للمصانع كي تصبح ملائمة للبيئة، وكي تؤسّس بنية تحتية صديقة للمناخ. عوضاً عن ذلك، أعلن أنّه ليس على الحكومة أن تقول للمصارف المنهارة كيف تؤدّي عملها. يؤكد أصحاب المشاريع الخضراء أنّه بات اليوم من المستحيل الحصول على قرض أكثر من أيّ وقت مضى.

تخيّل لو أنّ هذه المحركات الاقتصادية الكبيرة، المصارف، شركات السيارات، ورزمة التحفيز قد جرى تسخيرها لخدمة رؤية خضراء مشتركة. لو حصل ذلك، لأصبح الطلب لتوفير مشروع قانون عن الطاقة المكمّلة جزءاً من برنامج تغييري متناسق.

لو جرى تمرير مشروع القانون هذا، لكانت الولايات المتحدة أثناء انعقاد مؤتمر كوبنهاغن، في طريقها إلى خفض كبير للانبعاثات، ومستعدة لإلهام باقي دول العالم عوضاً عن تخييب أملها.

عدد قليل من الرؤساء الأميركيين بدّدوا فرصاً تأتي مرّة في العمر، كما فعل باراك أوباما. إنّه المسؤول عن فشل كوبنهاغن أكثر من أيّ شخص آخر.
"الأخبار"

التعليقات